اربد.. الحكم بإخلاء مسؤولية طبيب من التسبب بوفاة أم وجنينها - التفاصيل
مدار الساعة- قضت محكمة بداية جزاء إربد بعدم مسؤولية طبيب نسائية وتوليد عن جرم التسبب بوفاة أم وطفلها أثناء عملية الولادة في أحد المستشفيات الخاصة في إربد، إضافة إلى عدم مسؤوليته عن جرم تداول دواء مهرب، وفق وكيل الطبيب المحامي حاتم بني حمد.
وتتلخص وقائع القضية القابلة للاستئناف، وفق المحامي بني حمد، بأن سيدة كانت تراجع الطبيب في عيادته الخاصة في مدينة إربد منذ الشهر السابع لحملها، حيث قام المشتكي وهو زوج السيدة باصطحابها إلى مستشفى خاص كونها كانت تعاني من أعراض اقتراب الولادة وتم إدخالها إلى المستشفى صباحا وبعد ساعتين تم إدخالها إلى غرفة الولادة من قبل إحدى الممرضات وبحضور الطبيب المشتكى عليه.
وتابع بني حمد أنه وبعد ساعة قام الطبيب بإجراء عملية الولادة، حيث تبين أن السيدة رزقت بمولود ذكر وزنه 3500 غرام وظهرت عليه علامات انفكاك "المشيمة"، وتبين أن المولود قد امتلأ جوفة بالماء والدم، حيث توجه طبيب آخر وبرفقته ممرضة إلى غرفة الولادة لاستلام المولود، حيث تم إعطاؤه الأدوية المناسبة وتبين له عدم وجود تنفس للمولود مع وجود نبض وتم وضعه على جهاز التنفس الصناعي وبعد ذلك غادر المشتكى عليه (الطبيب) المستشفى.
ووفق وقائع القضية التي حصلت على نسخة منها، فإنه وبعد ساعتين من ظهر ذات اليوم، لاحظت احدى الممرضات أن السيدة وهي في غرفة ما بعد الولادة تعاني من نزيف كما كانت تتحرك بشكل غير طبيعي وتحرك أطرافها وقامت بالاتصال مع ممرضة أخرى والتي حضرت بدورها ولاحظت النزيف وقامت على الفور بمحاولة السيطرة عليه ثم اتصلت مع الطبيب المشتكى عليه وطلب من الممرضة اعطاءها دواء (مثيرجن) وهو دواء لوقف النزف.
وأشار المحامي بني حمد إلى أن الطبيب المشتكى عليه حضر إلى المستشفى وكانت السيدة لا تزال حركتها مضطربة، وتم إدخالها إلى غرفة العمليات وقام الطبيب بالطلب من أهل السيدة التوجه إلى بنك الدم لإحضار وحدات دم، وبعدها حضر طبيب آخر وهو خبير تخدير وقام بإعطاء السيدة دواء منوما، إلا أنه لاحظ أن العلامات الحيوية متوقفة وقام بإعطائها الأكسجين عن طريق أنبوب، وبعد حضور طبيب تخدير آخر تبين أن السيدة قد فارقت الحياة.
ولفت بني حمد الى انه تم نقل المولود ووالدته الى قسم الطب الشرعي وتشريحها من قبل الاطباء الشرعيين، وتم تعليل سبب الوفاة بالنزف الدموي ومضاعفاته، وعللوا سبب وفاة الجنين بالقصور التنفسي نتيجة استنشاق الدم، وتبين أن الطبيب المشتكى عليه كان قد طلب من طاقم التمريض عند دخول السيدة وعلى الهاتف إعطاءها دواء (سايتوتك) وهو دواء مهرب ومحظور التداول به داخل الأردن من 2009 من قبل المؤسسة العامة للغذاء والدواء.
وأشار بني حمد إلى أن الزوج ووالدها تقدما بالشكوى لدى مدعي عام إربد وبالتحقيقات تم انتخاب خبراء أطباء وقد عللوا في تقرير خبرتهم أن سبب الوفاة المتمثل بمضاعفات النزف الدموي ناجمة في مجملها عن سوء تدبير وإشراف من قبل الطبيب المشتكى عليه، كما تبين أن الطبيب قام بإعطاء السيدة دواء (السايتتيك) الدواء المحظور. كما تبين أيضا انه لم يتم إعطاء السيدة محاليل وريدية أو دم من شأنها أن تبقيها على قيد الحياة وتعويض الفقدان المستمر للدم نتيجية النزف وتجنب دخولها في صدمة نتيجة لفقدان الدم ونقص سوائل الجسم وتبين وفاتها قبل حصولها على الدم والذي يجب أن يكون متوافرا قبل إجراء عملية وقف النزيف.
كما تبين من خلال تقرير الخبرة أن الطبيب المشتكى عليه قد قصر بعدم وضع تعليمات واضحة وصريحة لطاقم التمريض لمتابعة ورعاية "النفاس" ما بعد الولادة والتي يجب أن تتضمن الأدوية والفحصوصات المخبرية والمراقبة السريرية وكمية الدم المفقودة. كما تبين غياب المراقبة في أول ساعتين للولادة وعدم وجود ممرضة متمكنة لمراقبة السيدة ما بعد الولادة.
وخلص الخبراء إلى نتيجة أن الإجراءات الطبية بمجملها ما بعد الولادة لا تتفق مع الأصول الفنية المتبعة في مثل هذة الحالة ونتيجة لذلك أدت إلى التسبب بوفاتها، كما أفاد الطبيب الشرعي أنه تم غسل وتنظيف الرحم للسيدة بعد وفاتها من قبل الطبيب المشتكى عليه من أجل إخفاء بقايا "المشيمة" حتى لا تتم إدانته.
وتجد المحكمة من خلال البينات العامة في متنها ما يؤكد ويجزم أن الطبيب المشتكى عليه وبصفته طبيبا معالجا للمتوفاة قد أخطا طبيا أو أهمل في بذل العناية الطبية المطلوبة أثناء عملية الولادة التي أجراها وأن بينة النيابة جاءت لتبين ما قام به الطبيب من أعمال طبية تجاه المريضة المتوفاة ووصف حالة المريضة وتدوين التعليمات ما بعد الولادة للمتوفاة.
اما التقرير الطبي القضائي الصادر عن مركز الطب الشرعي إقليم الشمال وبعد ورود نتيجية المختبرات والأدلة الجرمية فقد علل سبب الوفاة بالنزف الدموي ومضاعفاته. كما أن التقرير الطبي القضائي وتقرير الكشف على الجثة على الجنين بينا أن الجنين كان بحالة ولادة طبيعية وأن سبب الوفاة هو القصور في التنفس نتيجية استنشاق الدم.
كما تبين للمحكمة من خلال تقرير الخبرة الطبية أن الطبيب قام بتقييم الحالة الصحية للسيدة في بداية دخولها المستشفى حسب الأصول الطبية الصحيحة والمتعارف عليها وأن الإجراءات الطبية المتبعة من قبل الطبيب ما قبل الولادة والطريقة التي قام بها لتوليد السيدة بمجملها سليمة وتتفق مع الأصول الطبية الفنية الصحيحية.
كما أن الإجراءات مع الجنين تتفق مع الإجراءات الطبية الصحيحة وبالتالي فإن الثابت في تقرير الخبرة الطبية أن الطبيب لم يرتكب أي خطأ طبي أثناء قيامه بعملية الولادة للسيدة المتوفاة.
وجاء في بينات النيابة العامة أنه لم يثبت وجود أي خطأ أو إهمال أو تقصير من جانب الطبيب أثناء قيامه بعملية الولادة، حيث لم يرد في بينات النيابة العامة أية بينة تفيد بوقوع خطأ من جانب الطبيب وأن هذا الخطأ هو الذي أدى إلى الوفاة، حيث أن لا جريمة أو عقوبة إلا بنص فيكون المقتضى القانوني إعلان عدم مسؤولية الطبيب عن جرم التسبب بالوفاة خلافا لاحكام المادة 343 من قانون العقوبات.
أما فيما يتعلق بجرمي تداول دواء مهرب خلافا لاحكام المادة 88/ب/1 و88/أ/13 من قانون الدواء والصيدلة، وجدت المحكمة ومن خلال الرجوع إلى نتيجية تقرير المختبرات والأدلة الجرمية أن العينات تحتوي على دم ومحتوى معدة ومرارة، وذكر في التقرير المواد والعقاقير المستخدمة وتبين أن دواء (السايتوتك) لم يكن ضمن الادوية التي استخدمها الطبيب للمتوفاة.
كما ان تقرير الخبرة الطبية قد خلا من ذكر استخدام الدواء وأنه لم يرد ضمن بينات النيابة ما يشير إلى أنه تم ضبط هذا الدواء في المستشفى وبالتالي فإن وصف الدواء لا يعني أن الطبيب يقوم بتداوله واستخدامه كون تقرير المختبرات والأدلة الجرمية قد خلا من ذكر استخدام هذا الدواء.الغد