الانتخابات اللبنانية والنسخة العراقية!
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/13 الساعة 00:41
قالت إيران كلمتها في الانتخابات اللبنانية، فلبنان الكبير كله بيدها، وحزب الله فوق الدولة وكل أطراف المجتمع. الشيخ حسن نصرالله شارك مباشرة في إدارة المشهد الانتخابي، الذي سبقه وتخلله انتقادات من الجمهور للحزب ودوره في سوريا، بدأ النقد للسيد حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية علناً في اكتوبر 2017 في «حي السلم».
آنذاك عوّل خصوم نصرالله على أن ذلك الحدث الذي تبعته عمليات تفتيش وتوظيب للمخيم والمحلات المخالفة، سيكون بداية ربيع جديد ضد السيد والحزب وإيران، وخلال التحضير للانتخابات تكرر النقد لقيادات الحزب، ووصل الأمر لحدّ طرد البعض من قبل الجمهور في مقرات الترشح، بيد أن الرهان على كسر احتكار الحزب للمشهد لم يفلح، فقد اعتذر الشاب الذي أساء للسيد حسن على شاشات التلفزة بشكل مفبرك، لكن حدثاً هاما كان بانتظار خصوم حزب الله من تيار المستقبل، وهو ما حدث مع رئيس الحكومة سعد الحريري، وتمرد اللواء أشرف ريفي ضده في طرابلس ومباشرة النقد له، كان الانقلاب من بطن التيار على التيار الذي يتزعمه الشيخ سعد والذي أوكل إليه مهمة استعادة لبنان من الحزب وتخفيف قبضة إيران، لكن نتائج الانتخابات أثبتت أن بقاء سعد مرشحا للحكومة سيكون بمباركة الحزب وبيده، بعد حصول قوائم حزب الله على أغلبية المقاعد.
لم تكن الانتخابات مسألة أغلبية حاكمة يسعى إليها حزب الله، فالبلد مقسم طائفيا بمواقعه القيادية، بما في ذلك عمادات الجامعات ورئاساتها وحتى تعيين السفراء والمحافظين، والحزب كان يريد الرد على نقد خصومه إليه بالذهاب لسوريا بانتصار ساحق في الانتخابات، وأحبَ الرد على من كَلّف الشيخ سعد بوجوب تخفيف سلطة الحزب وإيران على الدولة اللبنانية.
لم تُمهل الظروف الجميع وقتاً للتفكير، وجاءت مخرجات القانون الانتخابي مربكة، وحيث كون اللبنانيون خلطتهم الخاصة في القانون، لكي يصلوا للتوافق الوطني عليه، كان عليهم انتظار المفاجآت، ودوماً التوافقات تُحدث الخلل، فقد أخذ اللبنانيون كل خبرات الفشل العربي لأجل منتج ديموقراطي. وكان يمكن لو طُبق القانون بالشكل السليم، وبدون تدخل الرهاب الانتخابي من قبل الجميع، لكن القانون لا يكفي للتحديث، بل القوى السياسية هي المسؤولة عن ذلك ومعها المجتمع، وهذا كلام يقال في حال كانت الدولة مستقلة وبلا وصايات اقليمية.
دخل حزب الله المعركة الانتخابية باعتبارها مسألة وجود ورهان، حدثت انشقاقات في مناطقه، وجرى إلغاء ترشيح بعض المناوئين للحزب من الطائفة الشيعية ممن هم ليسوا تحت عباءة السيد حسن، وكانت دائرة بعلبك الهرمل، حيث معاقل الحزب وحواضنه معركة شرسة في الترشيح وتشكيل القوائم وحتى بعد الفرز وظهور النتائج، هنا تدخل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعد الفرز ليغرد بالقول أن هناك صناديق مدسوسة بدون محاضر رسمية جلبت للفرز» إنما مجرد صناديق مع أصوات». وانتهت الانتخابات بفوز لائحة الحريري بتراجع كبير، وتقدم حزب الله بلوائحه المتعددة، وبات الرهان كبيرا على تشكيل الكتل والحكومة.
انتخابات لبنان كانت إعلانا لقوة إيران، وهي أشبه برد على مقولة محاصرتها وتقليم أظافرها، وكانت ردا مباشرا على سياسات ترامب، وعلى ضربات اسرائيل لسوريا. وقالت إيران أنها تسيطر على إرادة الاقتراع اللبناني، وهي ستقول كذلك في العراق، الذي ستكون انتخاباته ردا آخر، ضد كل من يناوئ وجود إيران ويعارضها.
للأسف اسقطت إيران الإقليم بحضنها، وسقط الإقليم قبل ذلك يوم ظلّ يهاجم إيران بذات الأدوات والأساليب. وسيكون المشهد العراقي أكثر بلاغة، في ممارسة الهيمنة الإيرانية للأسف.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/13 الساعة 00:41