الأردن والخليج.. «معادلة» ظالمة
مدار الساعة - تحت عنوان (الأردن و"السيناريو المغربي"!) كتب الدكتور محمد ابو رمان مقالا في يومية الغد، تطرق فيه إلى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الصفقة النووية مع إيران وتداعيات ذلك على الاردن.
تالياً المقال:
ارتفعت وتيرة التوتر بين إيران وإسرائيل في الجنوب السوري، خلال الأيام القليلة الماضية، وتبادل الطرفان القصف، غداة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الصفقة النووية مع إيران، وتشديد العقوبات الاقتصادية عليها، ما يؤذن بتحول دراماتيكي في المتغيرات الإقليمية المحيطة بنا.
بالضرورة، الأردن ليس طرفاً مباشراً باتفاق أميركا ودول أوروبية مع طهران، ولن تكون هنالك تداعيات مباشرة وفورية علينا، لكن هنالك تداعيات ستصيب الأردن، بصورة غير مباشرة، على أكثر من مستوى، سواء على صعيد الأمن الإقليمي، وارتفاع منسوب القلق من حرب إيرانية- إسرائيلية/ أميركية في سورية، أو على صعيد العلاقات الأردنية الخارجية والموقع الجيو استراتيجي الذي يحكم مصالحنا الاقتصادية.
لو تجاوزنا الشقّ الإقليمي العام؛ أي احتمالات الحرب والتوتر العسكري والأمني وتأثير ذلك على الأردن، انتظاراً لما ستسفر عنه هذه الاحتكاكات والاختلالات الجوهرية في الحالة الأمنية المحيطة بنا، وانتقلنا إلى الوضع الأردني، فانسحاب ترامب من الاتفاق النووي يعني ضغوطاً أكبر علينا من أجل الذهاب نحو السيناريو المغربي؛ أي قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، بعدما كنّا قد استدعينا سفيرنا من هناك قبل عامين.
مثل هذا الإجراء يعني تعليق كل الآمال والطموحات الأردنية في تحسين جوهري على العلاقات مع بغداد، بما يحرّك الاقتصاد الوطني ويشغّل قطاعات كبيرة تأثرت بحالة "الحصار الموضوعي" الذي نعاني منه منذ قرابة خمسة أعوام، بفعل الانهيار الأمني الإقليمي المحيط، ومن المعروف أنّ وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، كان في عمّان قبل أيام، وهو مقرّب من طهران، وعلى الأغلب أكّد مطالب تقليدية يصعب على الأردن تلبيتها (مثل تسليم رغد صدام)، لكن يمكن تجاوزها بالانفتاح على طهران، وهو الشرط المسكوت عنه في تحسّن العلاقات الأردنية-العراقية.
تداعيات انسحاب ترامب من الصفقة النووية بدأت بالظهور بتبادل إطلاق الصواريخ، ولن تقف عند ذلك، وستنتقل إلى العراق ولبنان وباقي أرجاء المنطقة، بما في ذلك سورية، والخشية على درعا التي تحظى باتفاق وقف إطلاق نار، هندسته الدبلوماسية الأردنية واستطاعت أن تجنب هذه المحافظة ويلات ومصائب كبيرة، وانعكاسات خطيرة على الأمن
الوطني الأردني، فكل ذلك قد يهتزّ في حال دخلنا في "خط تصاعدي" من التوترات الإقليمية الجديدة.
على الطرف المقابل، هذه التداعيات، من الناحية الاقتصادية، تضرب بقوة -في الصميم- كل محاولاتنا لتنشيط الاقتصاد الوطني والخروج من عنق الزجاجة، بفعل الظروف المالية والاقتصادية غير المسبوقة، وتضعف من فرص التغيير والاستثمار، ويمكن أن يتعمق الأمر مع الضغوط الأميركية والخليجية لخطوات أردنية أخرى ضد طهران.
مع ذلك ما تزال هنالك حالة تجاهل غير مفهومة من قبل الأشقاء في الخليج لوضع الأردن الصعب والحرج، فهنالك ضغوط لاتخاذ موقف أكثر صلابة وشراسة ضد إيران، ولمسايرة مصالح الخليج، على حساب المصالح الاقتصادية الأردنية بالانفتاح على العراق، مع التأكيد أنّ زمن المساعدات المالية المباشرة قد انتهى!!
مثل هذه "المعادلة" أقلّ ما يقال إنّها ظالمة للأردن، وتتضمن خللاً واضحاً في مفهوم التحالف الاستراتيجي، إذا تجاوزنا المفاهيم الأخرى (مثل العروبة والإسلام وحسن الجوار)،
الوضع الاقتصادي والمالي لم يعد يحتمل مع تشديد صندوق النقد الدولي ضغوطه على الحكومة الأردنية لاتخاذ خطوات أخرى في ظل وضع داخلي متأزم!!