الخطاطبة تكتب: أنا لست عدواً!
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/09 الساعة 11:16
هل يعقل أن يبقى الخطاب الإعلامي الرسمي للدولة بهذا المستوى من الضحالة وعدم احترام عقلية المواطن الاردني حيال مختلف القضايا، فالمهمة الأولى للإعلام الرسمي تقوم على بناء جسر الثقة بين الحكومة والشعب، لا أن تكون سببا في تعميق الهوة العميقة الموجودة حاليا بين الطرفين.
وزير الدولة لشؤون الاعلام الدكتور محمد المومني يستخدم خطابا استعلائيا تشكيكيا تضليليا خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقد للاعلان عن تفاصيل القانون المعدل لضريبة الدخل، عندما استخدم مفردات لا يفترض ان يكون مصدرها القناة الواصلة بين الحكومة والشعب، وأهم تلك المفردات "أعداء".
يقول المومني "أعداء قانون الضريبة هم المتهربون ضريبيا وسيعملون على التجييش ضده"، فأين ورد مصطلح "الأعداء" في المنظومتين الدستورية والسياسية الأردنيتين المرتبطتين باقرار تشريع، ، أو هل استقر العرف السياسي على ان من يعارض مشروع قانون من الشعب أو أعضاء البرلمان (أعيان ونواب) هم من "الأعداء".
منذ متى كان للقوانين أعداء في الاردن، فأبجديات العمل السياسي علمتنا بان هناك اطارا دستوريا للتشريعات في الاردن يمر عبر الحكومة فالبرلمان وحتى التصديق الملكي عليه، وعلمتنا ان للمواطن الاردني خلال مراحل مرور التشريع بهذه القنوات الدستورية الحق بالاعتراض والادلاء بدوره، الا ان ذلك لا يمكن الأن بعد أن وصف وزير الاعلام كل أردني يمارس حقه الدستوري بمعارضة تشريع ضريبة الدخل بانه "عدو" و "متهرب ضريبيا".
واتساءل الان عن موقف أعضاء مجلس الأمة من النواب والأعيان تجاه مثل هذه التصريحات، فاذا كنت نائبا أو عينا حاليا لا تستطيع الا أن توافق على القانون المعدل لضريبة الدخل، ذلك انك قد تدخل في معادلة الوزير المومني بتصنيف "العدو" "والصديق"، كما ان اي ممارسة دستورية تحت القبة برفض القانون او حتى الحشد ضده ورفضه قد يتهم صاحبها بانه "متهرب ضريبيا" و"عدو للقانون".
مثلا، اذا كنت انا نائبا في البرلمان ووقعت مذكرة من زملائي ترفض التشريع الجديد بمعنى الحشد ضد القانون، فماذا يمكن ان أكون وفق معادلة وزير الاعلام، فهل انا نائب امارس حقي الدستوري أم انا "متهرب ضريبيا" أو "عدو للقانون"، اعتقد بان هذه الكلمة صعبة جدا ووصفت كثير من الاردنيين بصفات مرفوضة هي ليست من شيمهم وصادرت حقوق نص عليها الدستور الاردني.
عندما يكون هدف الحكومة الجباية فقط، فانها لن تجد مبررات تسوقها للأردنيين لاقرار تشريع مثل قانون الضريبة الجديد، خاصة بعد الركود الذي أصاب السوق جراء حزمة القرارات الاقتصادية بداية العام الحالي، وعندها ينبري وزير الاعلام للتشكيك في كل اردني قد يعترض في بلده على تشريع لا يجده مناسبا وجزء من تخبط الحكومة وقراراتها في افقار الشعب.
هناك تعديلات ايجابية على قانون الضريبة فيما يخص مكافحة التهرب الضريبي ورفع نسب الضريبة على ارباح الشركات والبنوك ، لكان الاعتراض واضح ومرتكز على توسيع الشرائح المكلفة من المواطنين بدفع ضريبة الدخل بنسب مرتفعة، فالقانون الجديد جعل الأسرة التي تتقاضى 1335 دينارا شهريا خاضعة للضريبة، في حين أن الأسرة التي تتقاضى دخلا بقيمة الف دينار هي أسرة فقيرة باعتراف الحكومة وتتلقى دعما بدلا رفع أسعار الخبز، اذا فان الفرق بين الاسرة الفقيرة والاسرة المكلفة بدفع ضريبة الدخل حوالي 350 دينارا، فعن أي اقتصاد وتحفيز وقانون نتحدث.
اتمنى بما قلته ان لا أكون تجاوزت حقي الدستوري بالتعبير عن رأيي كأين مواطن أردني، وأدعو الله ان لا أكون من "المتهربين ضريبيا" أو "أعداء" القانون الذين تحدث عنهم ممثل الخطاب الاعلامي الرسمي أمام الشعب والبرلمان.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/09 الساعة 11:16