مجزرة اقتصادية أخرى
م. موسى عوني الساكت
قلق تشريعي جديد سينتهي إلى مجزرة اقتصادية أخرى، من المتوقع أن تعمّق الكساد الذي تعاني منه الأسواق، وتزيد من معاناة الناس.
لقد صار الثابت في تشريعاتنا أنها متقلبة. والمتغير فيها يكاد يكون أنها ليست ثابتة، حتى أمست القوانين تمشي على رأسها. لا تدري فيها ما تفعل، أنت كمستثمر أو حتى أنت كمواطن.
يكفي، في هذا السياق، الاستشهاد بالمنظومة المرتبكة التي بُنيت على أساسها فلسفة ضريبة الدخل منذ نحو العقدين. فتاريخياً، وبعد أن يجري إقرار قانون ضريبة الدخل الجديد سيكون القانون الرابع منذ العام 2010م!
هذا يعني من حيث منظومة البناء الاقتصادي التشريعي أننا أمام ما يضع مزيدا من المعوقات والعقبات أمام الطامحين في النهوض بالاقتصاد الوطني، فتسأل، "أيعقل أن يجري تغيير قوانين "ضريبة الدخل" خلال 8 أعوام أربع مرات؟" لكنك بالحقيقة لن تجد إجابة شافية حتى من قبل الفريق الاقتصادي!
التقديرات تتحدث بأن القانون سيوفر إيرادات على الخزينة تصل إلى 280 مليون دينار سنويا، موزعة على 150 مليون دينار من التهرب الضريبي و130 مليون دينار من التعديلات للشرائح وتقليص حجم الإعفاءات، كما تتحدث عن إنشاء "دائرة "للتحقيقات المالية" تهدف للتحقق من البيانات والمعلومات لدعم محاربة التهرب الضريبي والربط الإلكتروني بين الدوائر الرسمية من دائرة الترخيص والمركبات والضمان الاجتماعي ودائرة الأراضي والمساحة.
لكن بعيداً عن هذه التفاصيل، وبعيداً عن أننا على أعتاب "فرض" قانون ضريبة دخل جديد، لا يبقي ولا يذر، فإن هذا الشكل من الأداء التشريعي سيكون الخاصرة الأضعف التي يعاني منها الاقتصاد الاردني، والكابوس الذي لا يريد الاستثمار ان يراه خلال محاولته النمو في البلاد.
انشغل وسينشغل المختصون بالتفاصيل المتعلقة "بتخفيض الإعفاءات للعائلات إلى 16 ألف دينار نزولا من 24 ألف دينار حاليا، وللأفراد إلى 8 آلاف دينار بدلا من 12 ألف دينار.. كما سيتحدثون عن مجزرة "إلغاء الإعفاءات الإضافية الممنوحة للأسرة والمقدرة بمبلغ 4 آلاف الممنوحة حاليا بدل فواتير استشفاء وتعليم".. وفرض ضريبة على الإيجارات والأرباح الرأسمالية، لكن كل ذلك ورغم خطورته البالغة سيبقى ضخرة من بين جبل من الصخور المنحدرة نحو الطريق الاقتصادي الذي نسير عليه.
نحن أمام منظومة هدم متكاملة الأركان لا نكاد نجد لها تفسيرا.
هي منظومة مختلة نحن معها بحاجة الى إعادة بناء من جديد أولا، واستقرار وثبات ثانيا، وان ننأى بالبلد واقتصاده من محاولات التجريب التي اخضعتنا له الحكومات المتعاقبة منذ نحو العقدين ثالثاً
لا نريد أن ندعو المستثمر للاستثمار في الاردن ونقول له اذا اخطأ في التقدير الضريبي لسبب او لأخر اصبحت مجرماً او ان نقول له "أعظم الله اجركم".. هذا بالتأكيد لن يزيد اقتصادنا الا خسارة!