الإسلاميون في «المهندسين»

مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/07 الساعة 12:08
هل المهم لأي تيار سياسي سواء كان اسلاميا أو يساريا أو قوميا أو ليبراليا السيطرة على أي جسم منتخب في الأردن أكثر من بحثه عن الإنجاز.. يبدو الأمر كذلك، فلقد أضحت قوة أي تيار سياسي في العالم العربي ومنها الأردن تقاس بمدى تربعه على عرش مؤسسات المجتمع المدني حتى لو وصل الأمر الى ربع قرن. انتخابات نقابة المهندسين التي حدثت مؤخرا واحدة من تلك الحالات، فماذا تريد الحركة الإسلامية أو أي تيار سياسي آخر من البقاء 26 عاما في سدة رئاسة النقابة، فانا أعتقد جازمة بان دورتين على الأكثر ستكونان كافيتين لتنفيذ أكبر وأوسع البرامج اذا ما توفرت ارادة حقيقية للاصلاح، وهو ما لا يبحث عنه اي احد، فالمهم ان تبقى تلك الهيئات والنقابات والجمعيات ساحات لاستعراض القوى «الديمقراطية» ليس أكثر. كان هناك تدخل في انتخابات نقابة المهندسين، وهو أمر واقع، لكن صدقوني هي التدخلات ذاتها التي كانت تحصل في إنتخابات نقابة المهندسين وغيرها من النقابات لأعوام كثيرة، وهي ذات التدخلات التي استفادت منها الحركة الاسلامية لمدة 26 عاما في نقابة المهندسين، لذلك فلتسمح لغيرها ان يستفيد ولو لمرة واحدة عله يكون طوق النجاة للمهندس الأردني، كما انه ليس هناك فرق في النقابة بين «الإنجاز» و»النمو»، فالهدف واحد. ببساطة، لم تعتد التيارات السياسية الأخرى على تفسير نجاح الحركة الاسلامية في الأردن وسيطرتها على هيئات كثيرة نقابية وغيرها لعقود عبر صندوق الاقتراع، على أنه تدخل من «جهات أخرى» لإقصاء القوى المناوئة لصالحهم، بل كانت التفسيرات والتحليلات السياسية منطقية وتنظر لما يحدث على الأرض، وكان من السهل القاء التهم جزافا، لكن ذلك لم يحدث كما حدث هذه المرة، عندما فشلوا في انتخابات مجلس نقابة؟. هناك مبالغة كبيرة في تفسير فشل قائمة «الإنجاز» هذه المرة بانتخابات نقابة المهندسين، فهي لم تأت بحسب ادعاء البعض، في سياق الحرب الدائرة في المنطقة على تيار الإخوان المسلمين والقوى الإسلامية عموما، وهي ليست بأمر مباشر من «الأميركان» للتآمر على الإسلاميين أينما كانوا، انما هي رغبة بالتغيير عند المهندسين استثمرتها الجهة المقابلة، لكن للأسف أن معايير الإسلاميين في تفسير «نجاح» تجاربهم الإنتخابية مختلفة تماما عن معايير «فشلهم» في تلك الانتخابات، والأصل ان تكون المعايير واحدة في كلتا الحالتين. النجاح والفشل مرده الإنجاز على الأرض، مع أهمية التأطير السياسي لأي تيار نقابي، لكن يجب ان لا نتمترس خلف هذا الاطار ونعتبر ان نجاح أو فشل التجربة مرتبط تماما بسقوط تيار او تصدر تيار آخر للمشهد، هذا الأمر الذي ساهم على مدى عقود في الاردن في عدم قدرة هيئات منتخبة كثيرة تحقيق انجازات على الأرض بسبب ادراكها تماما بان حجمها السياسي أكبر من مطالب مهنية أو عمالية. لسنا بصدد تقييم تجارب تيارات اسلامية أو يسارية أو علمانية أو قومية أو ليبرالية، فكل تيار أدرى بما قدم وما أنجز، والتقييم من الداخل لأي تيار هو الكفيل باعادته الى المسار الصحيح، وليس الهجوم على تيارات سياسية أخرى لم تأخذ فرصتها بعد لتثبت مقدرتها أو عدم مقدرتها على ادارة دفة أي نقابة ومن ضمنها نقابة المهندسين، اضافة الى ان تجربة جديدة قد تساهم في المقارنة بين التجربتين واختيار الأفضل مستقبلا. اعتقد أن الناس اصبحوا أكثر وعيا ويترجمون رأيهم في الأداء عبر صناديق الاقتراع، لذلك فان تجربة التيار الإسلامي عبر كتلة الاصلاح في مجلس النواب والحالي، تم البناء عليها مؤخرا، ويمكن أن يبنى عليها في أي انتخابات بلدية أو لامركزية أو برلمانية قادمة، لان المواطن في النهاية يحتاج الى «إنجاز» أو «نمو» حقيقي بعيدا عن الشعارات. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/07 الساعة 12:08