علاج ’داعش‘ بمنقوع البابونج
مدار الساعة - خاص- بشير الجنيدي - حدثني صديق بأنه أصيب في أحد الأيام بمرض جلدي انتشر على جميع رقعة جلده وكان يتسبب له بحكة شرسة دائمة أدت الى تهتك الجلد ونزول الدم وظهور الدمامل والتقرحات والروائح الغريبة ولقد عانى منه كثيراً وكان يتسبب له بالحرج وابتعد عنه الناس خشية العدوى..
راجع صاحبنا العديد من أطباء الجلدية الأخصائيين وأحضر آخر ما توصل له العلم الحديث من علاجات ومراهم ودهون ووصل الحال لمراجعة المستشارين النفسيين باعتبار ان الحالة قد تكون نفسية وليست مرضاً عضوياً لكن دون فائدة او نتيجة تذكر..
في أحد الأيام اثناء قيادة الرجل لسيارته باتجاه احدى القرى الاردنية توقف على جانب الطريق ليشتري خضرة بلدية من امرأة طاعنة بالسن كانت قد بسطت منتجات أرضها للناس، فلاحظت على يديه آثار المعاناة فنصحته بأن يستخدم (منقوع البابونج) !!!
ولأن المعاناة كانت كبيرة قام صاحبنا من ليلته بنقع كمية من البابونج وعمل على مسح جسمه بالكامل فبدأت حالته بالتحسن الى ان قدر الله له الشفاء التام..
كثيرة هي الأفكار والمحاولات العلاجية لمرض ابتليت به الامة كلها اسمه (متلازمة داعش) والذي أعيا الاخصائيين واستنزف الملايين لتعقيد الحالة وتشعب اسباب المرض وعوامل انتشاره وفق ما يظهر من تشخيص لحالة الأقليم وضبابية المشهد الدولي وتعارض وتناقض المصالح وتوسع نطاق المؤامرات، لكن القاعدة الفلسفية الحكيمة الناشئة عن تجربة تقول انه عندما تميل المسائل للتعقيد فان التفسير والتعامل الأبسط هو الأقرب للصواب ..
في متابعتي لتعاطي المجتمع الأردني مع بلاء داعش لفت نظري قيام مجموعة رائعة من الشباب الاردني منهم احمد السرور واحمد ابو كوش بمحاربة هذه العصابة بطريقة فنية مبتكرة وبسيطة لكنها عميقة جدا تقوم بتوصيل الافكار للمجتمع بطريقة سهلة سلسة وميسرة يفهمها الجميع من خلال مقاطع فيديو لا تتجاوز مدة كل منها دقيقتين او ثلاثاً في سلسلة تنويرية توعوية اسمها (مضاد حيوي) ..
هذه الفيديوهات تنتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتابعها عشرات الآلاف من الجمهور العربي المتعطش لما هو جديد مبتكر مختصر خصوصا فئة الشباب التي تستهدفها عصابة داعش وهي (الفيديوهات) توعوية مؤثرة وتفت في عضد التنظيم وتعريه بكل بساطة ولا تخلو من الروح المرحة في العرض وتوصل الفكرة للجمهور من حيث انتقاد السلوك والثقافة الهدامة وانماط التفكير السلبية في مجتمعاتنا والتوعية بمخاطرها ..
كثير من الدارسين للتنظيمات الدينية او المتخصصين في تنظيم معين او اكثر يستطيعون تأليف مجلدات وتقديم أفكار نوعية، لكن للأسف قد لا يفهمها احد من الجمهور المستهدف او قد تكون غير مقبولة لدى المجتمع ويجري فهمها خلافا لما اراد صاحبها او يتم تحميلها ما لا تحتمل خصوصا عند نقد التاريخ او التعرض لكتب الموروث التي فرضت حولها هالة وهمية من القداسة فتكون النتائج عكسية، لكن هذه المجموعة من الشباب الأردني استطاعت ايصال كل الرسائل التي يريد المفكر او المثقف العربي ايصالها للناس بكل بساطة ودخلت الى قلوب وعقول الجيل الشاب الذي تأثر بها بشكل كبير ..
(لا تصدر الاحكام على الناس) كانت مضمونا لاحد الفيديوهات التي شاهدتها.. يا إلهي هذه الفكرة تحديدا احدى مشاكل العقل العربي الذي يتنطع لاصدار الاحكام على عباد الله وهي أحد مداخل الشيطان لمفاهيم الحاكمية لدى الجماعات الدينية الاستئصالية التكفيرية والتي كنت أريد ان أكتب عنها رسالة ماجستير وشاهدت عرضا مبتكرا لها على يد هؤلاء الشباب النشامى اوصل فكرتها بكل بساطة !!!
الى أصحاب مراكز الدراسات والى المفكرين والى المنظرين الذين أشبعوا الأمن مقترحات وتوصيات وتخطيطات وافكاراً وتنظيرات في معظمها لا تسمن ولا تغني من جوع لا بل ان بعضها رقص على جراح الناس ودماء الشهداء في احداث الكرك وتشفى مثلا في الاردنيين ضحايا عملية اسطنبول والى كل معني بمكافحة عصابة داعش أنصح بمشاهدة جهد هؤلاء الشباب المميزين لأن في منقوع البابونج على بساطته (مضاد حيوي) لمرض داعش.