المشاقبة يكتب: بيان بروكسل حول اللجوء السوري
أ.د. أمين المشاقبة
تتباكى الأمم المتحدة على أوضاع اللاجئين السوريين في العديد من بلدان العالم، إذ أكّد بيان بروكسل قبل عدة أيام على ضرورة إبقاء النازحين السوريين في أماكن إقامتهم خوفاً عليهم كبُعدٍ انساني.
ويهدف البيان إلى ثلاث نقاط مهمة، هي: دمجهم في مجتمعات اللجوء، التشغيل والهجرة الطوعية، وبالتالي التوطين، أي استيعاب أكبر قدر من اللاجئين في البلدان المضيفة ومنها الأردن، ويهدف الموقف الأوروبي والأممي إلى منع تدفق اللاجئين إلى أوروبا وإمكانية الاستفادة منهم في حالات التصويت باتجاهات سياسية يريدونها في حال دخل المسار السياسي السوري حيّز التطبيق من حيث التصويت على دستور وبرلمان جديديْن، واشتمل البيان على ارتياح المجتمع الدولي للدور الأردني في معاملة اللاجئين السوريين، نعم إننا الملاذ الآمن، وواجهة الأمن والاستقرار في المنطقة، ناهيك عن الأبعاد الانسانية والأخلاقية والعروبية التي تتمتع بها السياسات الأردنية عموماً، ومن قراءة مشهد اللجوء فإن اللاجئين في حالات الحروب والصراعات والحروب الأهلية يحتاجون إلى ما يقارب عقديْن من الزمن للعودة، ولكن ليس الكل، وحسب دراسة أجريت على اللاجئين السوريين في الأردن فإن ما نسبته 54% يرغبون بالعودة..
وفي ضوء الأوضاع الأمنية والاقتصادية فإن الأردن لا يمكن له تحمُّل هذا العبء وحيداً، ولا يمكن له قبول التوجهات الأممية والأوروبية في أن تتم عملية دمج اللاجئين السوريين في المجتمع الأردني، كذلك حق الإقامة الدائمة، وإن مفهوم العودة الطوعية لايجبر اللاجئ على العودة إلى بلده الأصلي، ويضاف لذلك موضوع التشغيل والانخراط في سوق العمل الأردني، هل يتحمل الاقتصاد الوطني هذه الحالة؟، ومنذ بداية الأزمة السورية تزايد عدد السكان في الأردن من 6.25 مليون نسمة إلى ما يقارب 9.75 مليون نسمة، ووصل معدل البطالة إلى 18.6%، فهل يتحمل سوق العمل الأردني هذا الوضع؟
إن الجهات الأممية والدولية تسعى إلى ربط عودة اللاجئين بالحل السياسي النهائي، علماً بأن هناك مناطق خفض تصعيد يمكن العودة إليها، وهناك مناطق آمنة من دمشق وحتى اللاذقية، وبكل الأحوال فإن قرار التوطين أو الدمج أو التشغيل هو قرار أردني بامتياز ووطني وسيادي، وليس قرار أممي أو دولي، وفي طيّات البيان الصادر في بروكسل أخيراً هناك تطاول أو مؤامرة على السيادة الوطنية الأردنية، وعلى الشعب الأردني عموماً، وكان من الأجدر على ممثلي الحكومة التحفُّظ على بعض نقاط البيان، وباعتقادنا فإنه من الضرورة بمكان أن يكون هناك إجماعاً وطنياً وشعبياً وموقفاً جامعاً حول هذا الملف، ولا مجال للمزايدة فيه؛ لأنه يدخل في صلب السيادة الوطنية وذي تأثير على الهوية الوطنية الأردنية واقعاً ومستقبلاً.
almashaqbeh-amin@hotmail.com