تصاعد يقلق المجتمع.. ما سبب انتشار عمليات السطو في الأردن؟

مدار الساعة ـ نشر في 2018/04/29 الساعة 22:11
مدار الساعة - وسط تنامٍ غير مسبوق في المجتمع الأردني انتشرت مؤخراً ظاهرة السطو على البنوك، في ظل سوء للأوضاع الاقتصادية أحدث حالة من الاستغراب ومحاولات لفهم حيثيات ما يحدث. آخر هذه الحالات تعرض فرع لأحد البنوك في لواء بني كنانة شمالي محافظة إربد، لمحاولة سرقة، صباح الأحد (29 أبريل)، بعد محاولة مجهولين خلع أحد الأبواب، وفق مصدر أمني، إلا أن المحاولة باءت بالفشل. تأتي هذه الحادثة بعد تعرّض أحد البنوك المعروفة في العاصمة الأردنية عمّان، الأربعاء (18 أبريل)، لعملية سطو مسلح، وسلب مبلغ مالي تحت تهديد السلاح. وتعد حادثة السطو هي السادسة التي تتعرض لها بنوك الأردن (التي تضم 25 بنكاً محلياً ووافداً)، منذ مطلع العام الجاري، بحسب ما رصده "الخليج أونلاين". عمليات السطو المتتابعة شكلت أرقاً لدى المجتمع الأردني، والبعض أرجع سببها لارتفاع الأسعار، وعدم شفافية الحكومة الأردنية مع المواطن، وسياساتها التي "أفقرت المواطنين"، ما أدى لسلوكهم لهذه الطرق غير المشروعة. فيما استهزأ آخرون بما حدث من سطو، غير مصدقين أنه حقيقي، قائلين إن هناك من يفبرك هذه القصص كمشاهد تمثيلية للتغطية على ارتفاع الضرائب والأسعار وشغل المواطن الأردني بشيء آخر، والبعض أرجع السبب لضعف الاحتياطات الأمنية في البنوك. ويشهد الأردن منذ بداية العام الجاري، ارتفاعات متتالية بأسعار السلع والخدمات، في محاولة من الحكومة لخفض عجز موازنتها بـ2018، البالغ 1.75 مليار دولار. - الأوضاع الاقتصادية والسطو وحول ارتباط الأوضاع الاقتصادية وإقبال الشباب على السطو، قالت الدكتورة الاستشارية الأردنية حنان عبيد، وهي عضو هيئة عامة بالكرامة وحقوق الإنسان والسلم الدوليين، إن "شبابنا يعيش أزمة أخلاقية"، مبينة أن ما يحدث من سرقات يعود لسوء تنشئة بعض الأفراد، مؤكدة أن السطو يعتبر جريمة. وقالت عبيد: "إن أحسنا تأهيل الشباب حُلت المشكلة، ففي السابق لم يكن الشباب يتعرض للإنترنت أو الانفتاح"، وتأثيرها السلبي عليهم. كما بينت أن مسؤولية ما يحدث تقع على عاتق الأسرة، والجامعات، ودور العبادة، وأن الدور الأكبر يكون للأسرة ومنظومة التربية والتعليم. - الاحتياطات الأمنية وحول أخذ احتياطات السلامة والأمن في البنوك، قال الأردني غيث بحدوشة، المختص بإدارة المخاطر والتأمين، والذي عمل كـ"محلل خطر": إن على جميع البنوك بالعالم مواكبة التطور والمعايير لتفادي أكبر الخسائر المادية والبشرية بعمليات السطو، مبيناً أن "هناك من يخفف من العبء المالي من ناحية نوع الأجهزة التي تضعها"، ما يحدث اختراقات أمنية. وهو ما أكده وزير الداخلية الأردنيّ، سمير المبيضين، إذ قال إن حالات السطو على البنوك والمصارف باتت "مقلقة"، وأصبحت تشكل رأياً عاماً، وإن تكرارها يشكل "ضرراً معنوياً للدولة". وفي اجتماع للوزير، مساء الثلاثاء (17 أبريل)، بمبنى الوزارة لمناقشة الإجراءات الواجب اتخاذها لمنع هذه الحالات، لم يعتبر حوادث السطو "خللاً أمنياً"، موضحاً أن "الأجهزة الأمنية تقوم بدعم ومساندة منظومة الأمن في البنوك"، إلا أنه قال إن البنوك لا تتقيد بالخطة الأمنية التي تم وضعها بناء على اجتماعات عديدة نظمتها وزارة الداخلية مع المعنيين والمسؤولين عن هذا القطاع. وأوضح بحدوشة لـ"الخليج أونلاين" أنه "حسب منظومة العمل والتدريب للمؤسسات المتخصصة في النقد والمال، هناك بروتوكولات مكتوبة للموظفين بالبنوك، وأنه وفق هذه البروتوكولات فإن البشر أهم من المال، لأن كل المؤسسات المالية بالقانون مجبرة على تأمين الأموال ضد السرقة، فالموظف لا يخاف على المال لأنه تم تأمينه". العديد من الإجراءات يتم اتباعها في البنوك لتأمينها، وذكر بحدوشة منها: وضع جهاز إنذار صامت عند قدم الموظف، وهو موصول بالشرطة، يضغط عليه في حال حدوث طارئ، ويعد معياراً يجب أن يكون عند جميع البنوك، وبعد الضغط عليه تأتي أقرب دورية شرطة إلى البنك. كما قال إن الموظف يخضع لتدريب في دائرة المخابرات العامة، يفهم من خلاله نفسية الشخص الذي ينفذ عملية السطو، ويعرف كيف يتعامل معه، حتى يخرج من البنك بأقل الخسائر الممكنة. وبين المختص أن "جميع الموظفين يعلمون أن الأموال مؤمَّنة، وشركات التأمين تعوض البنوك عن خسائرها، ويعلم الموظفون ذلك؛ إذ إن البنك لا يعمل إن لم يكن مؤمناً على الأموال المنقولة أو غير المنقولة". وحول سلوك الشرطة بمكان الحادث، أوضح بحدوشة لـ"الخليج أونلاين"، أنها "تتفادى عزل المسلح في مكان تجمّع الناس داخل البنك، حتى لا تزيد من حدة الوضع وخطورته، ولا يكون هناك رهائن". وأشار إلى أنه فضلاً عن كاميرات المراقبة الداخلية، يكون هناك شخص مرخص له بحمل السلاح، وهو من شركة أمن وحماية، وبين أن موظف الأمن ممنوع عليه إطلاق العيارات النارية، ويكون معه مسدس فارغ من الطلقات، ويقول البروتوكول إنه حسب سوء الحالة يتصرف الموظف. وتابع: "فإذا كان الشخص القائم على عملية السطو يهدد بالسلاح وأطلق عيارات نارية، تكون هذه العيارات إنذاراً لموظف الأمن ليستخدم سلاحه، ويكون آخر شيء أن يستخدم السلاح". وقد أشاد بدور المواطنين في دعم الشرطة، قائلاً: إنه "لا يمكن هروب السارق لأن نسيج المجتمع الأردني فاضح يكشف المخطئ ولا يخفيه، بمعنى أنه واعٍ ويخاف على نفسه وغيره، ويتواصل مع الأمن بشكل سريع حول من فعل الخطأ للإبلاغ عنه، وفي أغلب الحالات الشعب هو من أرشد الشرطة". إذ إن أغلب الحالات التي كانت تواجه الأردن قبل عمليات السطو، وفق بحدوشة، كانت سرقة سلمية وبخفة يد وسرعة، من خلال عصابات منظمة تراقب أشخاصاً يحملون أموالاً كبيرة للإيداع، مثل شركات الصرافة وشركة الكهرباء، وتابع أن حالات السرقة قليلة جداً، ولا يوجد من سرق وهرب لمدة طويلة، ونهاية الأمر تم القبض عليه. وشدد على أنه "أينما وجد الفقر وجدت الجريمة، وهذا قانون عام في المجتمعات، أما إن سرق الغني فقد يكون خاضعاً لضائقة مالية، ويعود أيضاً لحياته الشخصية وطبيعتها". - تعليمات عامة وأصدر محافظ البنك المركزي، سابقاً، تعليمات إلى جميع البنوك في الأردن تتضمن الطلب منهم العمل على ربط جميع البنوك وفروعها بأجهزة إنذار ضد السرقة مع مركز القيادة والسيطرة والمراكز الأمنية ضمن الاختصاص، بالإضافة لكاميرات المراقبة داخل وخارج المباني. كما طالب المركزي الأردني بتركيب أبواب أمنية إلكترونية على مداخل الفروع، وتأمين حراسة على جميع الفروع العاملة في المملكة طيلة فترة دوامها. وجدير بالذكر أن المملكة الهاشمية تُجرّم السرقة، وبحسب قانون منع الإرهاب في الأردن الصادر عام 2006، والذي عُدل عليه بالعام 2014، بهدف حصر النصوص القانونية المتعلقة بقضايا الإرهاب في قانون واحد، يُجرّم "تشكيل عصابة بقصد سلب المارة والتعدي على الأشخاص أو الأموال أو ارتكاب أي عمل آخر من أعمال اللصوصية"، ويصنفها كعمل إرهابي. "الخليج اونلاين"
مدار الساعة ـ نشر في 2018/04/29 الساعة 22:11