النفط الأمريكي يغرق أوروبا
مدار الساعة - في الوقت الذي تؤتي فيه جهود أوبك الرامية لتحقيق التوازن في سوق النفط ثمارها، يقطف المنتجون الأمريكيون الثمار ويغرقون أوروبا بكميات قياسية من الخام.
في العام الماضي، تحالفت روسيا مع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لخفض إنتاج النفط بما إجماليه 1.8 مليون برميل يوميا، في اتفاق يقولون إنه أعاد إلى حد كبير التوازن إلى السوق وساهم في رفع أسعار خام برنت القياسي لتقترب من أعلى مستوياتها في أربع سنوات.
والآن يقول تجار إن الأسعار المرتفعة نسبيا الناجمة عن الاتفاق، إلى جانب نمو الإنتاج الأمريكي، تزيد من صعوبة بيع الخامات الروسية والنيجيرية وغيرها في أوروبا.
وقال أحد المتعاملين مع شركة تكرير في منطقة البحر المتوسط اعتاد شراء الخام الروسي وخام بحر قزوين وبدأ في الآونة الأخيرة شراء الخام الأمريكي "النفط الأمريكي معروض في كل مكان... إنه يفرض الكثير من الضغوط على الخامات المحلية".
ومن المتوقع أن يصل إنتاج النفط الأمريكي إلى 10.7 مليون برميل يوميا هذا العام، لينافس إنتاج روسيا والسعودية أكبر منتجين في العالم.
وفي أبريل نيسان، من المنتظر أن تصل الإمدادات الأمريكية لأوروبا إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند حوالي 550 ألف برميل يوميا (حوالي 2.2 مليون طن) بحسب بيانات تومسون رويترز إيكون.
وفي الفترة بين يناير كانون الثاني وأبريل نيسان، قفزت الإمدادات الأمريكية إلى أربعة أمثالها على أساس سنوي مسجلة 6.8 مليون طن، وفقا للبيانات نفسها.
وقالت مصادر تجارية إن التدفقات الأمريكية على أوروبا ستواصل الارتفاع، مع تدفق المزيد من البراميل الأمريكية على المصافي الخارجية، وغالبا ما يكون هذا على حساب نفط أوبك وروسيا.
وأظهرت بيانات رويترز أن أوروبا استحوذت على نحو سبعة بالمئة من صادرات الخام الأمريكية في 2017، لكن النسبة ارتفعت بالفعل إلى نحو 12 بالمئة هذا العام.
ومن أكبر الوجهات التي تقصدها الصادرات الأمريكية بريطانيا وإيطاليا وهولندا، ويشير بعض التجار إلى واردات كبيرة لشركات بي.بي وإكسون موبيل وفاليرو.
وقال ديفيد ويتش من جيه.بي.سي إنرجي للاستشارات إن شركتي بي.كيه.إن أورلين وجروبا لوتوس البولنديتين وشركة شتات أويل النرويجية تختبر الخامات الأمريكية، في حين من المرجح أن يظهر مشترون جدد آخرون.
وأضاف قائلا "ثمة عدد من الزبائن ربما لا يزالون يختبرون النفط الخام الأمريكي".
ولعل مكاسب الموردين الأمريكيين تعتبر تطورا يلقى ترحيبا لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي اتهم أوبك يوم الجمعة برفع أسعار النفط "على نحو مصطنع".
وقال ترامب على تويتر "يبدو أن أوبك تعيد الكرّة من جديد. في ظل الكميات القياسية من النفط في كل مكان، بما في ذلك السفن المحملة عن آخرها في البحر، أسعار النفط مرتفعة جدا على نحو مصطنع وهذا ليس جيدا ولن يكون مقبولا".
* "مصدر مهم للإمدادات"
بينما رفعت الولايات المتحدة الحظر المفروض على تصدير النفط في أواخر 2015، استغرقت هذه الخطوة وقتا ليتردد صداها بين المصافي الأوروبية التقليدية، التي تحركت بخطى بطيئة لتنويع مواردها وتقليص الاعتماد على خامات بحر الشمال وغرب أفريقيا وبحر قزوين.
وقال إحسان الحق مدير ريسورس إيكونوميكس للاستشارات ومقرها لندن "بدأت شركات التكرير الأوروبية في تجربة الخام الأمريكي العام الماضي... والآن هم يعرفون أكثر مما يكفي لمعالجة هذا الخام".
وقالت مصادر إن الإقبال على النفط الأمريكي تنامى لأسباب من بينها الفجوة الواسعة بين خام غرب تكساس الوسيط، خام القياس الأمريكي، وبرنت المؤرخ الأعلى تكلفة والذي يحدد سعر معظم أنواع الخامات في العالم.
وبلغ متوسط الفارق بين برنت وخام غرب تكساس الوسيط 4.46 دولار للبرميل هذا العام، وهو ما يقرب من مثلي مستواه قبل عام، وفقا لما أظهرت بيانات رويترز.
وقال ويتش من جيه.بي.سي إنرجي إن الفارق سيستمر على الأرجح في المستقبل القريب.
والخامات الأمريكية التي تحظى بأكبر إقبال في أوروبا هي خام غرب تكساس الوسيط وخام لويزيانا الخفيف المنخفض الكبريت وإيجل فورد وباكن ومارس.
وانخفضت أسعار الخامات المحلية البديلة نتيجة لذلك.
ففي الآونة الأخيرة بلغ الفارق بين مزيج سي.بي.سي وبرنت المؤرخ أدنى مستوياته في ست سنوات ليصل إلى ناقص دولارين للبرميل. كما تعرض خام الأورال الروسي لضغوط رغم انتهاء أعمال الصيانة الموسمية بالمصافي.
وقالت مصادر تجارية إن خام غرب تكساس الوسيط توافر بعلاوة سعرية تبلغ 80-90 سنتا للبرميل للتسليم في أوجوستا الإيطالية، بما يقل كثيرا عن خام بي.تي.سي الأذربيجاني الذي عرض بعلاوة قدرها 1.60 دولار للبرميل.
كما يتفوق النفط الأمريكي على خام بحر الشمال فورتيس الذي ينتج في الفناء الخلفي لمصافي القارة.
وعرضت شحنات خام غرب تكساس الوسيط في روتردام بعلاوات تتراوح بين 50 إلى 60 سنتا للبرميل فوق برنت المؤرخ، بما يقل عن علاوة فورتيس البالغة 75 سنتا فوق برنت المؤرخ.