بعيد ميلاد القائد الـ55 .. الأردنيون يؤكدون وقوفهم خلف القيادة الهاشمية
مدار الساعة- تحتفل الأسرة الأردنية الواحدة، بكل معاني الفخر والاعتزاز، غدا الاثنين الموافق الثلاثين من كانون الثاني بالعيد الخامس والخمسين لميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني.
ويقف أبناء الوطن صفا واحدا، خلف قيادتهم الهاشمية، في مواجهة التحديات ليبقى الأردن واحة للأمن والأمان، ونموذجا للوحدة الوطنية والعيش المشترك.
وتأتي ذكرى ميلاد قائد الوطن، هذا العام، في وقت يزداد فيه الأردن منعة وصمودا وقدرة على تحويل التحديات إلى فرص، ضمن منظومة عمل إصلاحي تراكمي يرسخ نهج حكم الدستور ودولة المؤسسات وتطبيق سيادة القانون.
جلالة المغفور له الملك الحسين يعلن للشعب الأردني ولادة سمو الأمير عبدالله.
وُلد جلالة الملك عبد الله الثاني، وهو الحفيد الحادي والأربعون للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، والابن الأكبر لجلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، والأميرة منى الحسين، في صبيحة يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شعبان سنة 1381 هجرية الموافق للثلاثين من كانون الثاني 1962 ميلادية، في عمان.
وبنبأ مولد جلالته، خاطب جلالة المغفور له، بإذن الله، الملك الحسين بن طلال الشعب الأردني، قائلا، "لقد كان من الباري جل وعلا، ومن فضله عليّ، وهو الرحمن الرحيم أنْ وهبني عبدالله، قبلَ بضعة أيام، وإذ كانت عينُ الوالد في نفسي، قد قُرت بهبة الله وأُعطية السماء؛ فإن ما أستشعره من سعادة وما أحس به من هناء لا يرد، إلا أنّ عُضوا جديدا قد وُلدَ لأسرتي الأردنية، وابنا جديدا قد جاء لأمتي العربية".
وتابع: "مثلما أنني نذرت نفسي، منذ البداية، لعزة هذه الأسرة ومجد تلك الأمة كذلك فإني قد نذرت عبد الله لأسرته الكبيرة، ووهبت حياته لأمته المجيدة. ولسوف يكبر عبدالله ويترعرع، في صفوفكم وبين إخوته وأخواته، من أبنائكم وبناتكم، وحين يشتد به العود ويقوى له الساعد، سيذكر ذلك اللقاء الخالد الذي لقي به كل واحد منكم بشرى مولده، وسيذكر تلك البهجة العميقة، التي شاءت محبتكم ووفاؤكم إلا أن تفجر أنهارها، في كل قلب من قلوبكم، وعندها سيعرف عبدالله كيف يكون كأبيه، الخادم المخلص لهذه الأسرة، والجندي الأمين، في جيش العروبة والإسلام".
وفي الحادي والثلاثين من عام 1962 صدرت الإرادة الملكية السامية بتسمية الأمير عبدالله، وليا للعهد.
المراحل الدراسية والخدمة العسكرية لجلالته.
بدأت رحلة جلالة الملك عبدالله الثاني التعليمية الأولى في الكلية العلمية الإسلامية في عمان عام 1966، وانتقل في المرحلة الإعدادية والثانوية، إلى مدرسة سانت أدموند في ساري بإنجلترا، ومن ثم ليلتحق بعدها بمدرسة إيجلبروك، تبعها بعد ذلك باستكمال دراسته في أكاديمية دير فيلد في الولايات المتحدة الأميركية.
وتدرج جلالته في المواقع العسكرية، في القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، من رتبة ملازم أول، بدأها كقائد فصيل ومساعد قائد سرية في اللواء المدرع الأربعين، وفي عام 1985 التحق بدورة ضباط الدروع المتقدمة في فورت نوكس بولاية كنتاكي في الولايات المتحدة الأميركية، ليعود بعدها قائدا لسرية دبابات في اللواء المدرع 91 برتبة نقيب في العام 1986، كما خدم في جناح الطائرات العمودية المضادة للدبابات في سلاح الجو الملكي الأردني كطيار مقاتل على طائرات الكوبرا العمودية، وهو مظلي مؤهل في القفز الحر.
كانت لجلالته عودة إلى الدراسة الأكاديمية العليا في العام 1987، حيث التحق بكلية الخدمة الخارجية في جامعة جورج تاون في واشنطن، وأتم برنامج بحث ودراسة متقدمة في الشؤون الدولية ضمن برنامج الماجستير في شؤون الخدمة الخارجية، المنظم تحت إطار مشروع الزمالة للقياديين في منتصف مرحلة الحياة المهنية.
وعاد جلالته ليستأنف خدمته العسكرية في الجيش العربي، فعمل مساعد قائد سرية في كتيبة الدبابات الملكية 17 في الفترة بين كانون الثاني 1989 وتشرين الأول 1989، ومساعد قائد كتيبة في الكتيبة ذاتها من تشرين الأول 1989 وحتى كانون الثاني 1991، وبعدها تم ترفيع جلالته إلى رتبة رائد، وخدم كممثل لسلاح الدروع في مكتب المفتش العام في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية.
وقاد جلالة الملك عبدالله الثاني كتيبة المدرعات الملكية الثانية في عام 1992، وفي عام 1993 أصبح برتبة عقيد في قيادة اللواء المدرع الأربعين، ومن ثم مساعداً لقائد القوات الخاصة الملكية الأردنية، ثم قائداً لها عام 1994 برتبة عميد، وأعاد تنظيم القوات الخاصة في عام 1996 لتتشكل من وحدات مختارة لتكون قيادة العمليات الخاصة، ورقي جلالته إلى رتبة لواء عام 1998.
وإضافة إلى تسلم جلالة الملك خلال خدمته العسكرية مواقع قيادية عدة، تولى جلالته مهام نائب الملك عدة مرات أثناء غياب جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، عن الأردن.
ولاية العهد.
صدرت الإرادة الملكية السامية في 24 كانون الثاني عام 1999 بتعيين جلالته، ولياً للعهد، علما بأنه كان تولى ولاية العهد بموجب إرادة ملكية سامية صدرت وفقا للمادة 28 من الدستور في يوم ولادة جلالته في 30 كانون الثاني عام 1962 ولغاية الأول من نيسان 1965.
أسرة جلالته.
اقترن جلالة الملك عبدالله الثاني بجلالة الملكة رانيا في العاشر من حزيران 1993، ورزق جلالتاهما بنجلين هما سمو الأمير الحسين، الذي صدرت الإرادة الملكية السامية باختياره وليا للعهد في 2 تموز 2009، وسمو الأمير هاشم، كما رزق جلالتاهما بابنتين هما سمو الأميرة إيمان وسمو الأميرة سلمى.
الملك يتسلم سلطاته الدستورية.
تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية، ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية، في السابع من شهر شباط عام 1999م، ليعلن بقَسَمه أمام مجلس الأمة العهد الرابع للمملكة، التي كان تأسيسها على يد الملك عبدالله الأول ابن الحسين بن علي، ثم صاغ دستورها جده الملك طلال، وبنى المملكة، ووطد أركانها والده الملك الحسين طيب الله ثراهم.
وسار الأردن بقيادة جلالته وتوجيهاته السامية للحكومات نحو إصلاحات جذرية شملت مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لتجعل من الأردن دولة مؤثرة في المنطقة والعالم ترتكز على الإنجاز النوعي وترسيخ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة.
وتمضي المملكة، ضمن خارطة إصلاح سياسي نابع من الداخل، أثمرت عن إنجاز خطوات إصلاحية منها: تعديل وتطوير التشريعات السياسية، وإرساء قواعد ديمقراطية للعمل السياسي على مستوى السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بالتزامن مع التقدم نحو مأسسة العمل الحزبي، وتطوير آليات العمل النيابي، عبر سن قوانين وانتخاب وأحزاب متقدمة وعصرية.
ولأن الإنسان هو الأساس في عملية التنمية، وهدفها ووسيلتها، ركز جلالته على ضرورة تنمية قدرات المواطن الأردني عبر إعادة النظر في برامج ومناهج التعليم في مختلف مراحله ومستوياته، ووضع برامج تؤهله لدخول سوق العمل والاستفادة من ثورة المعلومات والتكنولوجيا، متسلحا بالأدوات التي تمكنه من المساهمة في التطوير والتحديث.
وعلى هذا الأساس، سعى جلالته إلى تكريس عنصري الشراكة والمساهمة الفاعلة من الأردنيين في كل الخطوات التي تنتهجها المملكة، إيمانا وقناعة بدور المواطن في صناعة القرارات ونجاح تطبيقها، وتحقيق الغاية من كل خطوة، استنادا إلى أن تحقيق الحياة الأفضل للإنسان الأردني.
ودأب جلالته، على اللقاء مع أبناء أسرته الأردنية الواحدة، في صورة عز نظيرها حيث الحوار المباشر في كل الموضوعات التي تهم الوطن والمواطن، وكذلك التواصل مع المواطنين في مختلف أماكن سكناهم ومواقعهم، وتفقد احتياجاتهم والإيعاز بالارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لهم، في نهج حكم رشيد عزز علاقة القائد بشعبه الذي يلتف حوله.
عمل جلالة الملك على مأسسة العمل الديمقراطي والتعددية السياسية نحو ترسيخ شراكة حقيقية للجميع في العملية السياسية وصناعة القرار، فضلا عن سعيه الدؤوب لتحقيق الاستدامة في النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية بهدف تحسين مستوى المعيشة للمواطن .
وحمل جلالته راية الدفاع عن الإسلام وتوضيح صورته المشرقة للعالم أجمع بأنه دين تسامح ومحبة، ففي كلمته في الجلسة العامة لاجتماعات الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي أكد "أن الإسلام يعلمنا أن البشر متساوون في الكرامة، ولا تمييز بين الأمم أو الأقاليم أو الأعراق. ويرفض الإسلام الإكراه في الدين، ولكل مواطن الحق في أن تحفظ الدولة حياته وأسرته وممتلكاته وعرضه وحريته الدينية".
وضمن هذه الرؤية الملكية، رعى جلالته وأطلق عددا من المبادرات التي تعزز التسامح والتعايش الديني وتبرز أهمية التسامح والحوار على مستوى العالم، فكانت "رسالة عمان"، و "كلمة سواء"، و "الأسبوع العالمي للوئام بين الأديان"، نماذج عن دور الأردن ورسالته، التي يعبر عنها جلالة الملك في المحافل كافة، لنبذ العنف والتطرف وتعزيز قيم ومبادئ الإسلام الحنيف وصورته السمحة.
وحول جهود محاربة الإرهاب، يحمل جلالته رؤية واضحة تركز على بذل الجهود الإقليمية والدولية، ضمن نهج شمولي، للقضاء على خطر الإرهاب وعصاباته، الذي بات يستهدف الأمن والسلم العالميين، ويؤكد جلالته في خطاباته دوما أن الحرب على الإرهاب هي حرب المسلمين بالدرجة الأولى.
ويواصل الأردن، بقيادة جلالة الملك، بذل مختلف الجهود وبكل الوسائل والسبل المتاحة لرعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، والحفاظ على عروبتها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم وتثبيت سكانها، مسلمين ومسيحيين، وتعزيز وجودهم في مدينتهم.
ويؤكد جلالته دوما ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في مدينة القدس وعدم المساس به لما سيكون له انعكاسات على الأمن والسلام في المنطقة.
وحظيت مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك برعاية خاصة من الهاشميين، من خلال الإعمار الهاشمي للمسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة في إطار عنايتهم الشاملة بالمدينة المقدسة، كما كانت الصناديق الهاشمية ولجان الإعمار الموجهة لدعم المدينة دلائل على نهوض القيادة الهاشمية بدورها الديني والتاريخي في استكمال مسيرة العهد والولاء لمسرى رسولنا الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، ولما لها من مكانة ومنزلة في سائر الديانات السماوية.
وكان لجلالة الملك عبدالله الثاني جهوداً واضحة في إنجاز منبر صلاح الدين الأيوبي، مجسداً حرص الهاشميين على إعمار المقدسات الإسلامية، استنادا لواجبه الديني والتاريخي والوصاية الهاشمية على مقدساته الإسلامية والمسيحية.
كما تبرع جلالة الملك لترميم القبر المقدس - قبر السيد المسيح - في كنيسة القيامة بالقدس.
ويؤكد جلالته دوما أن القدس هي القضية الأهم والأبرز في النزاع العربي الإسرائيلي، لما لها من مكانة وقدسية لدى الهاشميين بشكل خاص، ولدى كل عربي ومسلم.
وفي الجانب الإنساني، يواصل الأردن، وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني، تقديم خدماته الطبية والإنسانية للأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، وبذل كل ما يمكن من أجل التخفيف من معاناتهم.
ويقف الأردن إلى جانب أمته العربية والإسلامية، ولا يألو جهدا في القيام بدوره في خدمة قضاياها العادلة، إلى جانب بذل المساعي الحثيثة لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وإيجاد حلول سياسية لأزماتها، وتجاوز التحديات التي تمر بها.
واستنادا إلى رؤيته النابعة من حرصه على الوفاء بالتزاماته نحو أمته وأشقائه العرب، استضاف الأردن ملايين اللاجئين على مدى العقود الماضية، وما زال ملاذا لهم، حيث يستضيف حاليا نحو 3ر1 مليون لاجئ سوري، رغم شح موارد، ومحدودية المساعدات الدولية.
ويواصل الأردن، بقيادة جلالة الملك، دعمه للقضايا العربية، حيث بقيت القضية الفلسطينية والدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس القضية المركزية الأولى التي يتبناها.
وفيما يتصل بالأزمة السورية، يؤكد جلالته ضرورة التوصل لحل سياسي لها، يحفظ وحدة سوريا أرضا وشعبها.
ويبذل الأردن جهودا كبيرة لتحقيق المصالحة الوطنية العراقية، بمشاركة جميع مكونات الشعب العراقي، عبر خارطة طريق تقود إلى إرساء وبناء مستقبل أفضل للعراقيين.
وعلى المستوى الدولي، يواصل الأردن بناء علاقاته المتميزة مع جميع دول العالم في إطار الاحترام والتعاون المتبادل. وهناك إيمان عميق في المجتمع الدولي، بالدور المحوري والمهم للأردن، بقيادة جلالة الملك، في ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وتعزيز الروابط والقيم المشتركة بين الشعوب.