الأردن أمام عام مفصلي ..؟!

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/29 الساعة 00:30
مع اقتراب سقوط أسطورة “الدولة الإسلامية” التي روجت لها داعش على مدى العامين المنصرفين، ستفاجئنا –بالتأكيد- أساطير جديدة ربما تكون أسوأ بكثير مما ألفناه في هذا النوع المتوحش من التنظيمات الإرهابية.
الآن، حين نستعرض التفاصيل، يبدو ان خطة “الإطباق” على داعش في الموصل والرقة حظيت بتوافقات دولية وإقليمية، ومن المتوقع ان نكون مع نهاية هذا العام أمام حقيقة نهاية داعش كدولة وربما كتنظيم، لكن لن نتوقع بالتأكيد ان نكون امام نهاية داعش كفكرة، مما يفتح المجال أمام تمددها إلى جغرافيا أوسع، وكذلك تحولها إلى خلايا وافراد على شكل قنابل واحزمة متفجرة في أي مكان.
في سياق التمدد والجاذبية والانتشار من المتوقع ان تساهم مواقف إدارة “ترمب” الجديدة في اذكاء حدّة الصراع في التنظيمات الإرهابية والأخرى “المتشددة” حسب التصنيف الأمريكي، خاصة إذا ما تم تمرير قرارين هما : قرار استئصال “الإرهاب” الإسلامي حسب تصريحات ترمب وطاقمه، وقرار حذف واقصاء التيارات الإسلامية المتشددة أو وضعها في دائرة “الإرهاب” وهذا تحديداً ما يجري النقاش حوله تجاه جماعة الاخوان المسلمين الآن.
هنا، يبدو الأردن مشغولاً بملف الإرهاب في مجالات عدة، أولها مجال مواجهة داعش التي أصبحت على بعد نحو كم واحد من حدودنا (حوض اليرموك) ثم مواجهتها داخلياً بعد ان أصبحت خلاياها النائمة خلايا عاملة ويقظة، وثانيها مجال التحولات الامريكية في التعامل مع ملف الإرهاب والتشدد، وخاصة فيما يتعلق بإدراج الاخوان المسلمين على قائمة الجماعات الإرهابية، وما يترتب على ذلك من تغيرات في موقف الدولة تجاه الجماعة بنسختيها القديمة والجديدة، أما المجال الثالث فيتعلق بالتوافقات التي تجري على صعيد “حل” الازمة السورية بين روسيا وتركيا وايران وحلفائها من طرف وبين الدول الخليجية والمعارضة السورية إضافة الى الإدارة الامريكية الجديدة، هذه التوافقات التي يحاول الأردن ان يكون حاضراً فيها للحفاظ على مصالحه تحتاج الى تطوير الموقف الأردني عسكرياً وسياسياً، نحو معادلات جديدة، وربما تحالفات جديدة، ومع انها لن تخرج عن اطار خيار “التوازن” الذي تبناه الأردن في علاقاته وموافقته تجاه ما يجري في المنطقة، الاّ ان المستجدات التي جرت ستدفع الأردن للانتقال من الحياد الإيجابي الى التدخل المباشر المحسوب، وربما الى تنويع خياراته، وخاصة تجاه الاقتراب من دمشق اكثر وكذلك من طهران بالتدريج، دون المساس بالعلاقات التاريخية مع دول الخليج العربي.
أتوقع ان تدرج المقاربة الأردنية تجاه سوريا ولاحقاً تجاه العراق، تحت عنوان “مواجهة الإرهاب” اولاً، باعتبار هذه المواجهة مطلباً دولياً وبوابة لإيجاد الحلول السياسية في هذين الدولتين وغيرهما من دول المنطقة (اليمن، ليبيا، مصر...الخ)، كما أتوقع ان تتزامن هذه المقاربة مع تحوّلين أساسيين احدهما يرتبط بخيارات الأردن وعلاقاته مع دول الإقليم الكبرى، والآخر يتعلق باستحقاقات هذا التحول على الصعيد الداخلي سواءً باختيار وجوه جديدة لإدارة الملفات القادمة، أو بتهدئة الجبهة الداخلية وتهيئتها ونزع صواعق التوتر منها، لا سيما ذات البعد الاقتصادي.
باختصار، هذا العام سيكون “مفصلياً” ليس فقط على صعيد بلدنا وما يواجه من ملفات صعبة، وانما على صعيد المنطقة والعالم أيضا، وحسبنا ان نتنبه عند التعامل مع هذه المخاضات والاستحقاقات التي لا نعرف الى أين ستنتهي...أين نضع اقدامنا؟ فمن المؤكد ان الزلازل التي دكت منطقتنا لم تهدأ بعد... ولم ينته مفعولها حتى الآن.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/29 الساعة 00:30