الجامعة الأردنية وانتخاباتها أمام من يهمهم الأمر

مدار الساعة ـ نشر في 2018/04/15 الساعة 00:11
ماهي طبيعة العلاقة بين الجامعة أية جامعة ومجتمعها؟ وهل الجامعة تقود المجتمع أم انها في خدمته؟ وما المانع من أن تكون الجامعة قائدة في مجتمعها خادمة له في نفس الوقت فهذا هو الحكم الرشيد والحاكمية الرشيدة؟ هذه الأسئلة من جملة أسئلة كثيرة تثيرها في الخاطر متابعة انتخابات اتحاد طلبة الجامعة الأردنية، التي اجتازت عدد من مراحلها التنفيذية الإجرائية بدخولها يوم الخميس الماضي مرحلة الدعاية الانتخابية، التي ستستمر حتى مساء الأربعاء القادم عشية يوم الاقتراع. وحتى نفهم قيمة وأهمية هذه التجربة الانتخابية، والتي تصلح كنموذج يمكن أن يطبق في الانتخابات البرلمانية على مستوى المملكة، لا بد من أن نشير إلى أن هذه الانتخابات تأتي في إطار سلسلة من التحولا ت التي تشهدها الجامعة، والتي يقودها رئيسها الأستاذ الدكتور عزمي محافظة، وأول هذه التحولات أن رئيس الجامعة جعل الاحتكام إلى القانون هو المرجعية الوحيدة لكل شيء في الجامعة، كما أن رئيس الجامعة يتبع سياسة الأبواب المفتوحة، فبابه مفتوح للجميع أكاديميين وإداريين، وقبلهما طلبة الجامعة محور العملية التعليمية. مبدأ الاحتكام إلى القانون والشفافية في الإجراءات، وسياسة الأبواب المفتوحة التي كرسها رئيس الجامعة، المعروف بهدوئه وقدرته على الاستماع وامتصاص غضب الآخر، للوصول به إلى الانصياع للحق، أدى إلى انتشار أجواء من الراحة في الجامعة، سيطرت على الجميع أكاديميين وإداريين وطلبة، وصارت الثقة هي سيدة الموقف لدى الجميع، فلم يعدهناك احساس بالشللية والمحاور، ولم يعد هناك ما يوتر الأعصاب ويثيرها، ولعل هذا سبب رئيس من أسباب اختفاء العنف الجامعي الذي كان عنوانا سيئا لجامعاتنا في سنوات سابقة. في هذه الأجواء من الحاكمية الرشيدة التي ترسخ مفهوم سيادة القانون، وتقضي على الشللية، لتحل محلها سياسة الأبواب المفتوحة أمام الجميع، وفي ظل أجواء عالية من الثقة، تسير مراحل الانتخابات الطلابية في الجامعة الأردنية، على مستويين، وعلى أساس القوائم النسبية المغلقة ، أما المستوى الأول فهو مستوى الكليات حيث تعتبر كل كلية من كليات الجامعة دائرة انتخابية، تمثل بعدد من المقاعد لا يقل عن ثلاثة مقاعد، وبعدد أعلى يساوي عدد الأقسام في الكلية التي تمنح درجة البكالوريوس، على أن لا يقل تمثيل كل ستمائة طالب بمقعد واحد، بحيث يكون عدد مقاعد مجالس الكليات 87 مقعداً. أما المستوى الثاني للانتخابات فهو الانتخابات على مستوى الجامعة، لملئ ثمانية عشر مقعداً، على أن لايقل عدد المترشحين في القائمة الواحدة عن اثني عشر مترشحاً، ينتمون إلى تسع كليات على الأقل، وأن لا يزيد عدد أعضاء القائمة عن ثمانية عشر مترشحاً. هذا النظام الانتخابي الذي اعتمدته الجامعة الأردنية، والذي ألغت بموجبه نظام الصوت الواحد السيء الذكر، أدى إلى إقبال شديد من الطلبة على الترشح، سينعكس بالضرورة إقبالاً على التصويت، إذا بلغ عدد القوائم المترشحة 98 قائمة منها أربعة وتسعون قائمة على مستوى الكليات، وأربع قوائم على مستوى الجامعة ، والأهم من ذلك كله، أن هذه القوائم قامت على غير الأسس العفنة التي تعرفها الانتخابات في بلدنا، كالعشائرية والعرقية والجهوية، وغير ذلك من الأسس التي تنافي مفهوم المواطنة، لكنها قامت على أساس من التحالفات الوطنية، التي تجاوزت الكثير من الخلافات الثانوية، مقابل الاتفاق على ثوابت وطنية وأكاديمية عامة، وهذا هو الدور الحقيقي للمجالس التمثيلية والذي يهدف إلى تمتين الأواصر بين الناس لا تمزيقها، ومن ثم التعبير عن مصالح هؤلاء الناس والدفاع عن حقوقهم في ظل سيادة القانون. هذا التغيير في الأساس التي تجري على أساسها الانتخابات، وتتشكل على أساسها القوائم الانتخابية، والتي تسد المنافذ أمام أعداء الاندماج الوطني، من خفافيش الشد العكسي، الذين يسعون إلى إغراق وطننا في أتون تخلف متعدد الألوان، يحول دون بلورة مفهوم المواطنة والهوية الوطنية الجامعة، لذلك فإن هؤلاء يسعون وسيسعون إلى تشويه الصورة الديمقراطية الرائعة التي تسعى الجامعة الأردنية إلى تقديمها لمجتمعها الأردني، لعلها تكون نموذجاَ يقتدى، مما يحتم على أسرة الجامعة وخاصة طلبتها إلى التسلح بأعلى درجات الوعي الوطني لتحقيق هذا الإنجاز، الذي نأمل أن يكون مدخلاَ إلى إنجاز وطني أكبر في مضمار الانتخابات. إننا نعتقد أن الجامعة الأردنية تقدم من خلال انتخابات اتحاد طلبتها خاصة في مجال خلق أجواء الثقة وإيجاد النظام الانتخابي العادل، وشفافية الإجراءات، نموذجاً يمكن أن يتم الاقتداء به على المستوى الوطني العام، خاصة على مستوى الانتخابات البرلمانية واللامركزية، من هنا دعوتنا إلى الجهات ذات العلاقة كالحكومة والسلطة التشريعية والهيئة المستقلة للانتخابات، لمتابعة سير العملية الانتخابية في الجامعة الأردنية، للاستفادة منها، وبذلك نستفيد من دور رئيسي من أدوار الجامعات، هو دورها في تقديم الحلول لمشكلات المجتمع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2018/04/15 الساعة 00:11