الملك والشعب والمؤسسات ومحاربة الفساد
جلالة الملك عبد الله الثاني خلال لقائه الاخير برئيس واعضاء هيئة النزاهة ومكافحة الفساد اكد بانه قد حان الاوان في ان يشعر المواطن الاردني بجهود ونتائج محاربة جميع اشكال الفساد خاصة في الظروف الاقتصادية الراهنة... وقال ان اي تهاون في تطبيق القانون والعدالة سيسمح بالمزيد من الفساد ويضعف الثقة في اجهزة الدولة ومؤسساتها.
كلام جميل ورائع وهام جدا لرأس هرم الدولة الاردنية وقد اثلج هذا الكلام صدري كما وبالتاكيد اثلج صدر الغالبية العظمى من الشعب الاردني الذي عانى ردحا من الزمن من الفساد والمحسوبية والواسطة في معظم امور الحياة وما زال حتى اطلق على الوساطة بمصطلح "كرت غوار" بالنسبة الى احدى مسرحيات القنان السوري الكبير دريد لحام..
ومما لا شك فيه ان محاربة الفساد والمحسوبية والوساطة التي يلمسها المواطن الاردني بشكل ملحوظ يجب ان يشعر بها كل فرد من افراد الشعب.. لان محاربتها مطلب قيادي وشعبي وواجب الالتزام بذلك وعلى الشعب الاردني الالتفاف حول قيادة الملك بقوة في محاربة الفساد بجميع اشكاله البشعه وفي القيام بواجب التبليغ عن بؤر الفساد اينما كانت هذه البؤر ومهما كان الذي يمارسها ويقف خلفها.
وبهذه المناسبة الاردن يمتلك دستورا ديمقراطيا عظيما يعتبر من اكثر الدساتير ديمقراطية في العالم ولكننا مع الاسف بحاجة الى مسؤولين ديمقراطيين يطبقون الديمقراطية بحق كما يريدها الملك وتكون ناصعه للعيان ويتحمل الشعب مسؤولياتها في مطالبته بتصحيح الامور وتطبيق الديمقراطية والحرية لان الحرية لا توهب من احد ولا تطلب من احد ولكنها تنتزع انتزاعا اذا ما كانت مفقودة.. فحرية الكلمة كما قالها الزعيم العربي جمال عبد الناصر هي المقدمة الاولى للديمقراطية.
فالملك عبد الله الذي اطلق ومنذ فترة طويلة العنان لمحاربة الفساد والمحسوبية يدرك تماما من موقع المسؤولية العظيمة التي تقع على كاهله بأن الفساد هو سبب خراب الدول والأمم والمجتمعات على حد سواء وان المفسدين هم اعداء الحياة وهم الذين يتغذون على دماء الاخرين.
كلمة جلالة الملك عبد الله يجب ان تتلقفها الاحزاب ويتلقفها القضاة والمثقفون وكل الغيورين على هذا البلد للسير في عملية الاصلاح واشاعه العدالة واحترام القوانين والانظمة بنزاهة تامه.. فدور القضاة يجب ان يكون واضحا في ذلك وهنا لا بد من ان نذكر بان مستشاري الرئيس الفرنسي الاسبق شارك ديغول وبعد تحرير فرنسا من النازية قالوا لرئيسهم بان الفساد قد عم البلاد فاجابهم ديغول وهل وصل الفساد الى القضاء؟ فقالوا لا .. فاجابهم الان نستطيع ان نبدأ بمحاربة الفساد... وها هي فرنسا من الدول العظمى في العالم.
كذلك لا بدمن الاحزاب التي يبلغ عددها ما يقارب الخمسين حزبا ان تاخذ زمام المبادرة في محاربة هذه الافة الاجتماعية التخريبية ليشعر كل مواطن اردني بالعدالة واهمية وجودة كفرد في المجتمع.. كما على الكتاب والصحفيين والمثقفين ومؤسسات المجتمع المدني المساهمة الكامله في الاشارة الى الفساد واشكاله والمطالبة بالقضاء عليه.
وليس انتقادا او انتقاصا من احد او جهة اذا ما قلنا ان على هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ان تكون اكثر نزاهمة من عنبرها وان تركض ركضا وراء اية رائحة للفساد والمحسوبية لمحاربتها بقوة وجودها القانوني والاعتباري من اجل اشاعة العدل والمساواة بين الناس وان لا يجلس المسؤولون في هذه الهيئة على الارائك ينتظرون من ياتي اليهم لتبليغهم بالفساد وحسب ولكن عليهم التحري جيدا من اجل محاربة الفساد وهنا يجب ان نعترف بضرورة ايجاد الانظمة والقوانين لتعزيز هيبة ومكانة وسلوك هيئة النزاهه ومحاربة الفساد.