’البشكير الألماني‘.. تاج يزين رؤوس نساء الرمثا

مدار الساعة ـ نشر في 2018/04/13 الساعة 11:13

مدار الساعة - في أقصى شمالي الأردن، وعلى مقربة من سوريا، تقع مدينة الرمثا، التي يتميز أهلها بعلاقات اجتماعية وطيدة، نظراً للطابع العشائري الذي يسودها.

الرمثا كغيرها من بقية مدن المملكة، لها ما يميزها في العادات والتقاليد والتراث الخاص بها، لكن أكثر الموروثات التي تمتاز بها هو غطاء الرأس الذي ترتديه نساءها، والمعروف بـ "البشكير الألماني".

البشكير الألماني علامة فارقة لنساء الرمثا والقرى المحيطة بها، فعند مشاهدة أي سيدة تضعه على رأسها، يعرف على الفور بأنها "رمثاوية".

ويعد البشكير الألماني، بالنسبة للأردنيين، بمثابة هوية محلية للسيدات الرمثاويات، انتشر بمدينتهن في ستينيات القرن الماضي.

ويعود أصل البشكير إلى ألمانيا، إذ كان من أثمن وأجمل الهدايا التي تقدم للنساء في تلك المرحلة، عندما كانت ألمانيا مقصد عمل عدد كبير من أبنائها في فترة إعادة إعمارها عقب الحرب العالمية الثانية.

ويتميز البشكير الألماني بملمسه المخملي ولونه الأسود، المزين برسومات من أزهار الجوري المختلفة والزاهية.

وحلّ البشكير الألماني بالنسبة لسيدات الرمثا مكان العصبة ( قطعة قماش سوداء شفافة تطوى بعرض الكف وبطول أربعة أمتار تقريباً وتلف على قمة الرأس) فوق الشنبر، الذي يغطي منطقة العنق والصدر.

وينمّ لبس البشكير الألماني لسيدات الرمثا الأردنيات، عن حشمة ووقار وأناقة، وعلى الرغم من اقتصاره في هذه الأيام على المسنات، إلا أنه يعد الزي الشعبي لكثير من النساء بمختلف الأعمار في كثير من المناسبات، وخاصة الأعياد الوطنية والأفراح، وتزيد نسبة من يلبسنه عن 70%.

كما يعدّ البشكير الألماني بمثابة نوع من الرفاهية لمن يرتدينه، خاصة وأن سعره يفوق بأضعاف سعر أغطية الرأس التقيلدية، ويصل ثمنه 50 ديناراً أردنياً(70 دولاراً أمريكياً).

ولم يقتصر الأمر على ارتدائه، فقد بات البشكير الألماني جزءاً من أهازيج وغناء مدينة الرمثا، بينها:

دق ألماني دروب دروب .. عالفرقة يا صبر أيوب 

والله لأبعثله مكتوب .. يبكي حجار الصواني

وانتقل البشكير الألماني فيما بعد إلى المناطق الأردنية الأخرى، وخاصة اربد (شمالاً) وما حولها، إلا أنه احتفظ بمصدره في مدينة الرمثا، وباتت المحلات المتخصصة ببيعه مقصداً للباحثات عنه.

غازي أبو عاقولة ، أحد وجهاء الرمثا، يقول للأناضول: "البشكير أصبح رمزاً أساسياً في الرمثا وجزءاً من تراثها؛ لأنه دخل قبل نحو ستين عاماً، وهو زي يتناسب مع جمال الأردن بشكل عام والرمثا بشكل خاص".

وتابع أبوعاقولة "في أي مكان تجد سيدة تلبس البشكير، فلا بد أن تكون من ترتديه هي رمثاوية أو من قراها دون شك".

ويضيف أبوعاقولة أن الفضل يعود بهذه العلامة الفارقة، التي تميز الرمثا، إلى أبنائها في تلك الحقبة من الزمن، حيث استطاعوا أن يميزوا من خلاله نساء مدينتهم عن باقي مدن المملكة.

أما الحاجة أم قاسم (90 عاماً) ، فتشير، في حديث للأناضول، إلى أن "للبشكير أنواع مختلفة، ولكن أكثرها شهرة هو ماركة النسر وهو الأكثر جمالاً".

وترى أم قاسم، التي تسكن في الطرة (إحدى القرى التابعة للرمثا)، أن "المرأة الكبيرة لا يكتمل جمالها وأناقتها دون ارتداء البشكير".

وتوضح أن "البشكير ليس له وقت ومناسبة لارتدائه، لكن جودته تختلف باختلاف المناسبة، ويكون المخصص للمناسبات أزهى وأجمل من المخصص للبيت".

ويشير حسين أبو الشيح، رئيس بلدية الرمثا الكبرى، إلى أن هناك إرث حضاري لأي مجتمع، والبشكير الألماني هو أحد موروثاتنا التاريخية، وقد وصل إلينا من خلال عمل أبناء الرمثا في ألمانيا ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

ويضيف أبوالشيح، للأناضول، أن البشكير كان يقدم للأم والأخت والأحباء، ودلالته من خلال الورد والأزهار المطرزة عليه، فبدلاً من باقة ورد تذبل بعد أيام قليلة، فإن الورد على البشكير يبقى ويحمل معه مشاعر صادقة.

وأردف أن ارتداء المرأة للبشكير، في تلك الفترة، كان يدل أن أحد أفراد أسرتها يعمل بألمانيا كنوع من التباهي، إذ أن أبناء لواء الرمثا كانوا السباقين للعمل هناك وكان لهم دور بارز في فتح خط التجارة بين البلدين.

من جهته، يقول حكمت النوايسة، مدير التراث في وزارة الثقافة، للأناضول، "بغض النظر عن الخلفية التي جاء منها البشكير الألماني، إلا أنه يعد جزءاً من موروث الأزياء الأردنية".

كما وصف النوايسة البشكير بأنه "علامة مميزة للمرأة الرمثاوية، ونعتز به كجزء من تراثنا". الاناضول

مدار الساعة ـ نشر في 2018/04/13 الساعة 11:13