الصفدي: الخليج عمقنا ونحن عمقه
مدار الساعة - قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي إن لا خطر أكبر من خطر استمرار الاحتلال الإسرائيلي وحرمان الشعب الفلسطيني الشقيق من حقه في الحرية والدولة وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من حزيران ١٩٦٧.
وأضاف الصفدي في كلمة له اليوم الثلاثاء، بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي لمؤسسة الفكر العربي "فكر 16"، في مدينة دبي، بعنوان "تداعيات الفوضى وتحديات صناعة الاستقرار" إن "الخليج عمقنا ونحن عمقه وأمننا مشترك،."
وجدد خلال المؤتمر الدي افتتح برعاية برعاية سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، التأكيد على موقف المملكة الرافض للتدخلات الخارجية في الشؤون العربية، والداعي لبناء علاقات إقليمية قائمة على مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل.
وقال "إن علينا العمل نحو تحديد مصادر الخطر لأمننا القومي ووضع خطط مواجهتها."
وأكد الصفدي أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى وأن "المنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار الشاملين اللذين تستحقهما إن لم يحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين".
وشددعلى ضرورة إنهاء الانسداد في الأفق السياسي وإعادة انتاج الأمل بإمكانية السلام العادل وفق قرارات الشرعية الدولية.
وقال الصفدي إنه "لا بد من حماية الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس ومقدساتها من الإجراءات الأحادية الإسرائيلية التي تهدد الهوية العربية والمسيحية فيها"، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات هي تهديد حقيقي تتصدى له المملكة باستمرار.
وأضاف أن القدس يجب أن تكون بارقة الأمل بالسلام لا شرارة الاشتعال لكونها مقدسة عند اتباع الديانات السماوية الثلاثة: الإسلامية والمسيحية واليهودية،
وزاد إنها، كما يؤكد الوصي على مقدساتها الاسلامية والمسيحية جلالة الملك عبد الله الثاني، "خط احمر. وشدد على أن مصيرها يحسم بالتفاوض المباشر وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصِّلة والتي توكد أن القدس الشرقية أرض محتلة يجب أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة شرطا للسلام".
وعن شح الدعم المقدم لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، دعا الصفدي إلى دعمها، وتوفير الاحتياجات المالية اللازمة لها للاستمرار في أداء واجباتها للاجئين الفلسطينيين في مناطق عمل الوكالة كافة، ولضمان استمرار عملها وفق تكليفها الأممي.
وأشار الصفدي إلى "أن أزمتنا العربية هي في العمق أزمة فكر وثقافة"، مشيرا إلى أن كسر العتمة التي تنتشر في منطقتنا لن يكون الا بنهضة فكرية وثقافية.
وحذر الصفدي من مغبة استمرار حرمان نحو 12 مليون طفل من الدراسة في العالم العربي، مبينا أنهم يترعرعون في بيئات اليأس والإحباط، وهم ضحايا كل التحديات التي تعصف بمنطقتنا من احتلال غاشم، وحروب أهلية، وصراعات ونزاعات وفوضى، وشُح في الحكم الرشيد.
وأوضح الصفدي أن إنقاذ هؤلاء الأطفال يكون عبر عمل فاعل وحقيقي يعالج التحديات ويسهم في حماية مستقبلنا.
وقال إن بعض التحديات مسؤوليات يجب أن تتصدى لها الدول فرادى، لكن النجاح في حماية عالمنا العربي من التبعات المدمرة لمعظم هذه التحديات يتطلب عملا جماعيا لن نكون قادرين على بلورته إن لم نصلح مؤسسات العمل العربي المشترك ونحدث أدواتها وندعم قدراتها".
وقال إن منظومة العمل العربي المشترك التي تجسدها الجامعة العربية تحتاج عملا كبيرا لتفعيلها. لكنه أشار إلى أن الجامعة العربية قوية ما أرادها الأعضاء كذلك، وهي ضعيفة إن ضعفت إرادة أعضائها تفعيلها.
ولفت الصفدي إلى أن العمل العربي المشترك ومؤسساته لم يرتقو إلى المستوى القادر على مأسسة جهد يحمي المصالح المشتركة ويواجه المخاطر الجماعية، مؤكدا في الوقت ذاته على أن "النظام العربي الموجود هو أفضل المتاح، وأن الخيار واضح يجب علينا أن نصلح ما نملك".
وقال إن علينا حماية نظامنا العربي وتجديد إيماننا به وقناعاتنا بجدواه، وان علينا التصدي بمنهجية مؤسساتية شمولية للأزمات التي تقوضه وتذكي الفتنة والخلافات وتمزق مجتمعاتنا لعصبيات ضيقة وتهدد بالمزيد من الحرمان والدمار.
وأضاف أنه يمكن تحديث النظام العربي الموجود وتحديثه وتطويره ليكون إطار العمل المشترك الذي تستوجبه التحديات. وبين أنه من دون أدوات العمل الجماعي، فأن قدرتنا على خدمة مصالحنا وبناء مستقبلنا ستظل محدودة منقوصة".
وأكد الصفدي على ضرورة حماية الدولة الوطنية التي تعد اللبنة الأساس التي قام عليها النظام العربي وقال إن "حماية الدولة الوطنية حماية للمستقبل وان بديلها فوضى وانهيارات وكوارث نراها تتفاقم في غير دولة عربية".
وشدد الصفدي على أن "حماية الدولة الوطنية تكون من خلال تطوير الحكم الرشيد ومؤسساته وعبر إيجاد الآفاق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتطوير التعليم، وفتح الأبواب والمنابر واسعة أمام الفكر الحر المستنير ليواجه قوى التدمير والجهل والظلام التي تنشد الفوضى بيئة لا ينمو مسخها إلا فيها وفِي غياهب ظلاميتها".
وزاد تضيق مساحات تمدد الظلامية والإرهاب حيث هناك حكم رشيد وتعددية وآفاق ومشاركة سياسية واقتصادية واجتماعية.
وأكد على أهمية احترام الانسان وتوفير فرص التعليم والإنجاز ولفت إلى أن تجربة المملكة تثبت أن الانسان هو الثروة الحقيقية حيث أن الاردن شحيح الموارد لكنه أنجز وتجاوز التحديات لأن ثروتنا هي إنساننا.
وشدد الصفدي على أن الإرهاب لا ينتمي الى دين ولا إلى حضارة، وقال إن الحرب ضد الإرهابيين وظلاميتهم ضرورة إذ نحاربهم عسكريا وأمنيا وفكريا حماية لأمننا وقيم السلام والحياة واحترام الآخر التي يمثلها ديننا الإسلامي الحنيف.
وحول الأزمة السورية، أكد الصفدي على أنه لا حل عسكري لها وأن حلها سياسي عبر مسار جنيف الذي يحفظ وحدة سوريا وتماسكها واستقرارها على أساس القرار ٢٢٥٤ ويقبل به الشعب السوري، مؤكدا على ضرورة حماية المدنيين وإيصال المساعدات، واستمرار دعم اللاجئين والدول المضيفة لهم كالأردن الذي وصل طاقته الاستيعابية فيما يتعلق باللاجئين.
أما الأوضاع في اليمن؛ فقال الصفدي إن الكارثة اليمنية يجب حلها سياسيا وفق القرار ٢٢١٦ ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية.
ودعا الصفدي إلى بذل مزيد من الجهود لمحاربة آفات الجهل وغياب الآفاق وضعف الحكم الرشيد وتفككك الهويات الوطنية الجامعة.
وشكر الصفدي دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة دبي على استضافة المؤتمر. وقال إن ما تشهده الإمارات من إنجاز وتطور دليل ساطع على أن الفكر الحضاري المستنير التعددي سبيل أكيد للتميز والإنجاز.
وأشاد الصفدي بالعلاقات الأخوية بين المملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، التي شيدها جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال وسمو الشيخ زايد رحمهما الله، ويطورها ويبني عليها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وأخوه سمو الشيخ خليفة بن زايد، مضيفا إن الرؤية مشتركة، والهدف واحد هو توفير الحياة الحرة الكريمة المنجزة المبدعة.
ويشارك في المؤتمر أكثر من 500 شخصيّة بارزة من رؤساء حكومات ونخبة من صنّاع القرار والمسؤولين والمفكّرين والمثقّفين والباحثين والخبراء، ومندوبون عن هيئات القطاعين الخاصّ والعامّ، ومنظّمات المجتمع المدنيّ ومراكز الدراسات والأبحاث والهيئات الإعلاميّة والشباب العرب، فضلاً عن ممثّلين عن الاتّحادات والمنظّمات الدوليّة ذات الصلة.
يشار إلى أن مؤتمر “فكر”، انطلق في العام 2002، بمبادرة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، ليشكل منصّة تفاعليّة عربية ثقافية للتبادل الهادف للأفكار والخبرات والتجارب العربيّة الرائدة، من خلال مناقشة القضايا الملحّة في العالم العربيّ بأسلوب علميّ.