رعد بن زيد.. ابتسامة رضا ونظرة حانية
التحقت بالوظيفة العامة عام 1968 بعد اشهر قليلة من تخرجي من جامعة دمشق،وكنت سعيدا بان احظى بالعمل في مؤسسة رعاية الشباب في اوائل شهر شباط من ذلك العام،عندما قابلت الأمين العام للمؤسسة الشريف فواز شرف،وابدى توجيهاته العامة لي فيما يخص اسس العمل وطبيعته، ثم اصطحبني بمعيته الى مكتب المدير العام الأمير رعد بن زيد، الذي استقبلي بالود والترحيب.
كنت أحاول منذ البداية وبحكم تخصصي الأكاديمي أن أطبق مبادئ العمل الاجتماعي وأصوله في مسيرة مراكز الشباب، في جو يطغى عليه النشاط الرياضي، وكانت النشاطات الرياضية تستهوي الأعضاء في المراكز بطبيعة الحال، ولكنني كنت من الذين يعملون على الرعاية المتكاملة للشباب، وحاولت أن أبلور الإطار الفكري لرعاية الشباب الأردني،تلبية للدعوة إلى إعادة بناء المجتمع الأردني خاصة والعربي عامة، على أساس ثلاثية الحسين:» النظام» و»العلم» و»العمل». وقد أعددت في سبيل ذلك وبمبادرة مني كتيبين،الأول يحمل عنوان»أحاديث في رعاية الشباب»، والثاني بعنوان «مراكز الشباب»،حظيا بالتشجيع من هذا الأمير النبيل،والذي كان يقابلني دائما بابتسامة الرضا والنظرة الحانية مما كان يبعث في نفسي الارتياح والحماس.
وكان من أبرز ما شاركت في الإعداد له وتنظيمه،في الأشهر الأولى من عملي إقامة معسكر العمل الدولي للشباب الجامعيين، الذين أتوا من أمريكا وأوروبا وأقيم في عجلون،وأفتتحه الملك الحسين بن طلال، في صيف ذلك العام،وكان الهدف منه بث رسالة الحق والسلام والشرعية الدولية،والمشاركة الدولية الشبابية لإزالة آثار العدوان،وقد استقطب المعسكر اهتمام الشباب ووسائل الإعلام في مختلف دول العالم، وخاصة الأوروبية منها.وكان الامير رعد يعيش مع المشاركين في عمليات التحضير التي كان الشريف فواز يقودها بحزم واقتدار،ويزيد الأمير بلطفه وتواضعه الحماس في العاملين لانجاز المطلوب بفترة قياسية، كما كان هذا الأمير يطوي المسافات متنقلا بين مراكز الشباب التي بدأت المؤسسة بتأسيسها في مختلف مدن المملكة،وكذلك يلتقي باعضاء الاندية والفرق الرياضية والمخيمات والتجمعات الكشفية،وينقل الى الشباب الرسالة الوطنية الواعية لمستقبل الأجيال الأردنية.
ولما لاحت بالأفق ضرورة تطوير مؤسسة رعاية الشباب الى وزارة للثقافة والشباب،ارتأى الحسين طيب الله ثراه أن يكون رعد بن زيد كبيرا لأمناء جلالته، وليكون حلقة الوصل والتواصل بين الملك المفدى وجموع الشباب ونخبة القيادات المحلية في انحاء المملكة،وليلازم الملك في حله وترحاله.
وبكل ما يتمتع به رعد بن زيد من مثل عليا وروح وثابة مد يده الحانية الى الفئات الخاصة في المجتمع الأردني، حتى لا يخرجوا من اطار المجتمع المتكافل المتضامن، وحتى يتوصل الى تشريع خاص بشؤون الأشخاص من ذوي الاعاقة، ويترأس المجلس الأعلى الذي انبثق عن هذا القانون وتجدد عطاء سموه من خلاله دون كلل أو ملل، الى أن أدرك حق العمر عليه واعتبارات التقدم في السن، حتى سلم الراية الى نجله المثابر الأمير مرعد.
وها هو اليوم وفي مستهل العام الجديد يوجه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سيد البلاد المفدى الى الأمير رعد رسالة شكر وتقدير لجهوده طوال السنين التي انطوت،ويعتبره فيها نموذج العطاء والتفاني في خدمة الوطن العزيز والعرش المفدى،بعد خمسين عاما من العطاء في خدمة الوطن والمواطن، وبعد دخوله العقد الثامن عمره، ويطلب اليه أن يرتاح من عناء العمل،ولتظل ابتسامة الرضا على شفتيه والنظرة الحانية في عينيه، وليظل يبعث الارتياح والحماس والتفاؤل، في نفس كل من عمل معه أو عرفه أو سمع عن سيرته العطرة ونفسه الصافية وقلبه الواسع.
الرأي