الزعبي يكتب: دور المحافظ.. بين النص والتطبيق
مدار الساعة - بيروت - ابراهيم الزعبي
ما حدث في مدرسة المعراض الأساسية للبنين في جرش، وما قام به المحافظ من زيارة تفقدية والاطلاع عن كثب على واقع العملية التربوية فيها، ورد فعل نقابة المعلمين على تلك الزيارة، يفتح الباب واسعا للاضاءة على صلاحيات الحاكم الاداري في المحافظات، والتي يجهلها الكثيرون خصوصا ما ورد من صلاحيات في قانون اللامركزية رقم 49 لسنة 2015 والمعمول به حاليا، تكريسا لمبدأ "هيبة الدولة"، ومبدأ الانماء المتوازن، وتمكين المحافظات من نيل حقوقها. والتوسع بصلاحيات المحافظ، سواء بحسب القانون أو لجهة الممارسة والتطبيق.
المحافظ ....الذي يقترن تعيينه بارادة ملكية سامية، هو رئيس الإدارة العامة في محافظته، وهو أعلى سلطة تنفيذية فيها، وهو يتمتع بصلاحيات شبه مطلقة تمكّنه من ممارسة مهام عديدة ضمن نطاق محافظته، فهو بداية، يمثل وزارات الدولة، وهو أعلى الموظفين مرتبة ضمن نطاق محافظته، حتى ضمن القادة الأمنيين، ويتولى إدارة كل ما يقع ضمن نطاق محافظته.
قانون اللامركزية... وسّع مروحة الصلاحيات للمحافظين، من قيادة الأجهزة الرسمية في المحافظة والإشراف على قيامها بمهامها، الى متابعة تنفيذ السياسة العامة للدولة في المحافظة واتخاذ ما يلزم لقيام الجهات بمراعاتها، وقيام دوائر الدولة ومؤسساتها في المحافظة بأعمالها وتنفيذها للقوانين والأنظمة والتعليمات والبلاغات والتوجيهات الرسمية، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وكذلك التنسيق بين المجلس والبلديات في المحافظة والوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات العامة.
كما أن الدور التنموي للحاكم الاداري يحتم عليه الإشراف على الخطط التنموية والخدمية وعلى إعداد الموازنة السنوية للمحافظة، بهدف توفير افضل الخدمات للمواطنين. ومن صلاحياته أيضا البحث عن المناخ الملائم لتشجيع الاستثمار في المحافظة وتوفير متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
وبما أن عمل المحافظ يتوزع بين الإدارة والإشراف، فإن من صلاحياته القانونية ممارسة السلطة التفتيشية على كافة الموظفين التابعين مباشرة للمحافظة ضمن هذا النطاق - وهو ما قام به محافظ جرش - أما المسؤولية عن عدم تطبيق التعليمات التي تصدر عن المحافظ، فلا يتحملها هو نفسه أمام الجهات المختصة، في حال كان هذا العجز متأتياً من الإدارات الأخرى التي تقع تحت سلطته، بل تحاسَب على ذلك الجهة المقصِّرة عينها.
المحافظ.. من واجبه الحفاظ على ممتلكات الدولة، والعمل على تطويرها وحسن استغلالها واتخاذ التدابير والاجراءات التي تكفل ذلك، واتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على الصحة والسلامة العامة والبيئة، وتشكيل لجان الرقابة والتفتيش وصلاحية الاغلاق المؤقت للمحال والمنشآت والمواقع المخالفة والتحفظ على الموجودات الى حين احالة المخالفات للمحكمة المختصة. كما يقوم هو أو من يفوضه خطياً بوظيفة الضابطة العدلية فيما يتعلق بالجرم المشهود كما هو منصوص عليه في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
قد يخيل للبعض، ان المحافظ يتمتع بسلطة مطلقة ضمن نطاق عمله. ولكن الواقع خلاف ذلك، فهناك العديد من المحددات والضوابط لهذه السلطة، أولها قرارات مجلس الوزراء، أو وزير الداخلية. كذلك القرارات الصادرة عن المحاكم، إضافة إلى ما يصدر عن وزارة الدفاع.
باختصار، هو عين الدولة الساهرة على المنطقة التي تقع تحت وصايته. واذا مارس المحافظ صلاحياته كما يجب، فإن الاردن سيكون من أفضل البلدان التي يسود فيها القانون ومنطق الدولة.
وبعيداً عن الصلاحيات والواجبات، فإن "كرسي المحافظة" في الاردن شهد وجود العديد من الرجالات الذين طبعوا التاريخ بمواقفهم ووقفاتهم، فكانوا بمثابة الأب الذي يحتوي الجميع ويمتثلون بأخلاق القيادة ، ويرون الأمور بعين ثاقبة، ولا يعملون بردة الفعل ويترفعون عن صغائر الأمور.
Ibrahim.z1965@gmail.com