هل قدم وزير الخارجية تنازلات مسبقة

مدار الساعة ـ نشر في 2018/03/28 الساعة 10:51
مدار الساعة - قالت صحيفة "راي اليوم" في تقرير لها، إن العاصمة الأردنية عمان تقلق "بصمت" وهي ترى حلفاءها يتشددون وتختلف معالم سياستهم، خصوصاً في واشنطن، فتتويج تعيينات الإدارة الامريكية الصقورية الجديدة بتعيين جون بولتون كمستشار للأمن القومي، وهو أحد المنظّرين لموت حل الدولتين ولإعادة الضفة الغربية للإدارة الأردنية، يعني رفع منسوب الحيطة والحذر بكل الأحوال. واضاف التقرير: جون بلتون عملياً لا ينظّر فقط تجاه عمان، فمقابلته العام الماضي مع صحيفة جيروزاليم بوست تؤكد أنه يحبّذ منح قطاع غزة للمصريين ضمن سعيٍ لاعادة الوضع الى ما كان عليه قبل ايجاد السلطة الفلسطينية كلها، وهو الامر الذي يبدو- على الاقل بالنسبة للمصريين، أنه على الطريق الصحيح حتى لو لم يتم الاعلان عنه بصورة واضحة، فمصر عسكريّاً واستخبارياّ موجودة في القطاع (...) العاصمة الأردنية في الأثناء وعمليّاً، تتوالى عليها الصدمات في ترتيب شكل الادارة الامريكية الجديد، فإزاحة وزير الخارجية الاسبق ريكس تيلرسون عنت بالضرورة خسارة أحد الأصدقاء في الإدارة الامريكية، حيث رجل دبلوماسي ويبدي الكثير من المرونة بخصوص المصالح الأردنية، وكان لدى عمان قنواتها الضخمة للتواصل معه. الأعمق من خسارة تيلرسون كدبلوماسي مطفئٌ لحرائق إدارة متشددة، هو أن خلفه مايك بومبيو يكاد يكون أكثر تشدداً من الرئيس الأمريكي نفسه، فهو عراب الضربة الأمريكية الأولى لسوريا، ويمكن توقع أن يكون عرّاب ضربةٍ أخرى، وهنا إحراج عمان في القضية وارد جداً، بعدما صدّرت إليها واشنطن مجموعة من الاسلحة الجديدة لمركز جنوبي لمكافحة الارهاب (وفق بيان للسفارة الامريكية في عمان). الاردن اليوم وعمليا يخسر حلفاءه في الادارة الامريكية او على الاقل في صفوفها الاولى، ورغم ان مؤسسات السياسات الخارجية في عمان أيضاً لديها علاقات معقولة مع مهندسي “الخطة” الامريكية: صهر الرئيس الامريكي جاريد كوشنر ومبعوث الرئيس الأمريكي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط “جيسون غرينبلات”، إلا ان ذلك لا يمنع اليوم الحذر الشديد الذي يفترض ان تتعامل به العاصمة الاردنية مع الادارة الامريكية التي تختلف بنيوياً في الوقت الحاضر عن تلك التي كانت حليفتها. في السياسة الأمريكية، طبعاً لا يوجد ما يجري مصادفةً، ووجود هذه الشخصيات اليوم في واجهة الادارة الامريكية، يبدو انه رسالة من المؤسسات الامريكية بكل الاحوال تقرع اجراس اقتراب “إعادة ترتيب المنطقة”، والتي لن تتم طبعاً دون تصفية القضية الفلسطينية، ووفقاً للمصالح الامريكية فقط، وليس اي قرار لمجلس الامن ولا للامم المتحدة، التي يظهر جليّاً ان واشنطن لم تعد تأبه بهما. كل ما سبق، معناه بوضوح، أن عمان عليها اليوم أن تحذر جيداً، والا تقدّم تنازلاتها سلفاً كما فعل وزير الخارجية ايمن الصفدي وهو يعلن ان اراضي الباقورة مملوكة للاسرائيليين، ولا حتى كما يفعل سياسيون يجوبون العالم بجمل بائسة من وزن "ليس امامنا ما نفعله ازاء القرار الامريكي" وان الاخير في قضية القدس تجاوزنا تماما. الامم المتحدة اليوم تقف امام الموقف الامريكي وحيدة، خصوصا في الملف الفلسطيني، ومداخلة منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف في مجلس الامن الدولي، تظهر ذلك، مقابل المزيد من الضغط الامريكي والاسرائيلي عليها، لذا على عمان على الاقل، ان تنتظر قليلا قبل اشعار الجميع بأنها مستعدة مجدداً لتنازلات مجانية تماما، فالقادم اكبر بكثير.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/03/28 الساعة 10:51