شطناوي يكتب: بصراحة
د.عبدالكريم محمد شطناوي
بصراحة، كلمة مؤلفة من حرف جر واسم مجرور، وهي في عرف النحويين، شبه جملة، وقد دخلت قاموس السياسة في بداية الستينيات من القرن الماضي على لسان الصحفي محمد حسنين هيكل.
فقد كانت تجري في القاهرة بتاريخ 17 / 4 / 1963 مباحثات ثلاثية بين الجمهورية العربية المتحدة ( مصر) وسورية، والعراق، وكان الشعب العربي يتابعها بكل شغف ولهفة وتعطش، تواقا لإقامة وحدة تجمع العرب، كي تكون سدامنيعا أمام الكيان المغتصب الصهيوني، الذي احتل فلسطين وأقام دولته عليها وشرد أهلها.
وقد استغرقت مدة شهر ونيف، بين مد وجزر الى أن وصلت إلى طريق مسدود، وكان الصحفي هيكل رئيس تحرير جريدة الأهرام المصرية، ومن المقربين للرئاسة المصرية، يكتب مقالة سياسية اسبوعيا، بعنوان (بصراحة).
يستشعر العالم منها بعضا من سياسة القاهرة لقربه من الرئيس عبدالناصر. وعندما وصلت المباحثات الى طريق مسدود، خرج هيكل بمقالته الشهيرة، شارحا ومبينا ،اسباب تعثر المباحثات وواضعا النقاط على الحروف، أحدثت صدمة لدى الشعب العربي، وبعد ذلك، فإن (بصراحة) دخلت التاريخ، وصارت عنواناً للكثير من البرامج، التي تقدم في الأذاعات على شاشات التلفاز، والصراحة تعني الوضوح دون غموض والتواء وانطلاقا من هذا فإنه بصراحة نقول، إن سياسة حكوماتنا المتعاقبة، منذ ثلاثة عقود،أي منذ غزتنا العولمة والخصخصة والحوسبة،اخذت احوالنا تسوء شيئا فشيئا ويوما بعد يوم، ورجع حال البلاد القهقرى، اقتصاديا وتعليميا واجتماعيا وصحيا، وتغيرت التركيبة الديموغرافية، فصارت الأغلبية تحت خط الفقر، وفئة قليلة متمتعة بخيرات البلد، وتم ذلك بفعل سياسات الحكومة فئة قليلة تحظى بالوظائف العليا ، والمراتب والرواتب الخيالية،وتتنعم بخيرات البلاد،بينما غالبية الشعب تحت خط الفقر،،،
وهذا الحال يجعلنا نعلي صوتنا بصراحة، لدق ناقوس الخطر الذي أصبح محدقا بنا من كل الجوانب، ونقول بأنه أن الأوان بأن يوضع حد لمثل هذه السياسات ،لدى حكومات متعاقبة،بنفس الوجوه. الشخوص، وبرامج معادة بنفس الأخطاء ، ولا رادع ولا حساب لهم،عما الحقوه من فساد مالي ونهب لخيرات البلاد.
وكان من نتائج هذه السياسات تفشي الفساد، ونقص الأدوية، وتدني مستوى التعليم، واهتراء البنية التحتية، وعم الفقر وانتشرت البطالة،وخوت جيوب المواطنين من كثرة الغلاء،وارتفاع الضرائب التي صارت كسيف مسلط على رقاب العباد.
وبصراحة، فإن الشعب قد وصل به الحال إلى حد القرف، مما يراه ويلمسه من السياسات المتعاقبة والمتمثلة بتصفية حسابات بين شخوصها،وما تقوم به من توريث ابنائهاوأحفادها المناصب والمراتب والرواتب،ومما يؤسف له،أن كل هذه الممارسات تحدث ،ونحن ندعي بالديموقراطية، وفي ظل ما يسمى بالمؤسسات الوطنية ،وتحت مظلة التشريع المناطة بمجلس الأمة بشقيه،النواب والأعيان.
وبصراحة، فأننا نتساءل ومن حقنا أن نسأل: ماذا يجري حولنا؟ فالعالم غير مستقر،صفقة القرن،حروب مستعرة حولنا،والحكومة تصمت، بل تشغلتنا بعاصمة جديدة، وسن قوانين وتشريعات تعود علينا بالويل والثبور وعظائم الامور، رفع الدعم عن رغيف والبحث عن طرق جديدة ، لزيادة الضرائب والأعتداء على جيب المواطن ،مما يجعلنا نتساءل بلهفة وحسرة اين المفر؟ ونحن نعيش وسط كل ما يجري حولنا، وحكومتنا كأن الأمر لا يعنيها سوى الجباية.
وبصراحة صراحة الصراحة، فأنه لم يبق للشعب نصير ومعين، بعد الله سبحانه وتعالى، سوى جلالة الملك المفدى ليصحح مسيرة الحكومة، التي عملت على تضييق الخناق على رقاب المواطنين، وعجزها في معالجة امور الناس،،،
أليس من السخرية عقد مزادات علنية لبيع ارقام سيارات مميزة ،بينما غالبية الناس ،وصلوا دون خط الفقر،لا يعنينا معرفة أسماء من يتبارون بشرائها واقتنائها، ولا معرفة من اين جاؤوا بالمال، ونحن نعاني الأمرين اقتصاديا على صعيد الدولة وأفراد الشعب، ولكن من حقنا أن ندقق على هوية المتبارين في شراء ذلك،أن مثل هذه الظاهرة،وظاهرة منح الجنسية والأرقام الوطنية ،مقابل فلوس بحجة الأستثمار،فبالله ما هوالشعور الحقيقي بالمواطنة لدى من يشتري جنسيته مقابل المال؟وهل ولاؤه يكون للوطن او المال ؟؟.
ان هذه الظواهر غير مألوفة، وغريبة على مجتمعنا ،وهي تؤثر على قيمه،،، فارحموا مشاعر من لا يجد رغيف خبز يسد حاجته،فالمجتمعات الرأسمالية لا تتبارى في ذلك،فأبناء الغرب لا يتسابقون على هذه المظاهر.
ويبقى أملنا كبيراً ومعقوداً على جلالة الملك، بتصحيح المسيرة بما يعود بالنفع والخير على الوطن والمواطن،،والله المستعان،،