مسلمة تهز عرش ترامب

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/25 الساعة 23:00

مدار الساعة - حمل الآلاف صورَتها في مسيرة حاشدة مناهضة للرئيس الأمريكي الجديد، السبت 21 يناير 2017. لم تكن صورة السمراء الثلاثينية وقد غطت شعرها بالعلم الأمريكي أمرًا مفاجئًا، لكن الجديد اليوم هو أنها كانت تنطق بجملة مميزة "نحن الشعب".

ووفقا لموقع هافينجتون بوست عربي، نقلا عن الجارديان، فإن صورة منيرة أحمد، ذات الأصول البنغالية التي صارت وجهًا للمعارضة الأمريكية ضد ترامب قد رَسَمَها الفنان الأمريكي شيبارد فيري، التي تُظهِر المرأة البنغلاديشية الأمريكية بنظرة التحدي البادية على وجهها، وبحجابها ذي الشرائط الحمراء والنجوم البيضاء المُمَيِّزة للعلم الأمريكي.


ومن المعروف أن فيري هو صاحب لوحة باراك أوباما، التي أصبحت فيما بعد رمزًا لرسالة الأمل التي أتى بها الرئيس الأمريكي الـ44، وكان أول رئيس أسود يدخل البيت الأبيض.

تقول منيرة لصحيفة الجارديان البريطانية، عقب عودتها من واشنطن، حيث شاركت في مسيرات السبت: "أريد فقط أن أقول له إنني أمريكية، مثله تمامًا. أنا أمريكية مسلمة، وفخورة بكليهما".

نحن الشعب

تُعد لوحة فيري جزءًا من مشروع جماعي تنظمه مؤسسة آمبليفاير تحت عنوان "نحن الشعب". ويشارك في هذا المشروع أيضًا الفنان ذو الأصل المكسيكي إرنستو يرينا، والفنانة الكولومبية الأمريكية جيسيكا سابوجال.
رَسَمَ فيري لوحاته بنفس أسلوب لوحة أوباما، وكان من بين هذه اللوحات لوحةٌ لطفلٍ أسود، وأخرى لامرأة لاتينية، مصحوبتين بشعارات: "المرأة هي الكمال"، و"دافعوا عن كرامتكم"، في حين نالت لوحة منيرة أحمد صدى ثقافيًا أوسع.

برزت اللوحة في مسيرات السبت التي شملت أغلب المدن الأمريكية. علاوة على ذلك، احتلت اللوحة صفحةً كاملةً كإعلان في يوم التنصيب ذاته 20 يناير 2017، في العديد من الصحف الوطنية، مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست.

تقول منيرة: "إنني فخورة بما تمثِّله هذه الصورة. إنها ليست مناهضة لأي شيء. يتعلَّق الأمر بالمعنى الذي تحمله. إنها تقول: أنا أمريكية، مثلك تمامًا".
وقالت منيرة في مسيرة واشنطن: "جاءت إلى عضوةٌ بالكونجرس وقالت إنها عرفت على الفور أنني أنا المرأة التي في الصورة. فوجئت بذلك، لأني ظننت أن الناس ستعتقد أنها صورة لامرأةٍ محجبةٍ، وأنا لست كذلك". وأضافت: "سألتني بعض الفتيات متى خلعتِ الحجاب، فأخبرتهم أنني لم أفعل".

التقطها سوريٌّ لهذا السبب

تقول منيرة، إن الصورة التي استخدمها فيري في لوحته التقطها لها المصوِّر السوري الأصل والمقيم في نيويورك رضوان أدهمي، منذ عشر سنوات.

التقط أدهمي الصورة لمنيرة في بورصة نيويورك، المكان الذي شهد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، لتضفي الأحداث بُعدًا عاطفيًا لرسالتهما من الصورة.
"عادت الروح للصورة مرة أخرى، وباتت مُتداوَلة على نحوٍ واسع قبل أن تحتل شبكات التواصل الاجتماعي هذا الحيز من حياتنا، حين تداولتها مدوَّنات مسلمين رأت أن الصورة جميلة. وعادت الروح لها الآن مرة أخرى مجددًا بشكلٍ أكبر بكثيرٍ من أي وقت مضى"، تضيف منيرة.

وتطرح لوحة فيري وصورة أدهمي السؤال ذاته: ماذا يعني أن تكون مسلمًا أمريكيًا، في حين تتورط الولايات المتحدة الأمريكية في الكثير من الصراعات مع العديد من الدول الإسلامية؟

يقول أدهمي لصحيفة الجارديان: "كان الهدف هو تقديم رسالة قوية، لذلك قمنا بالتقاط الصورة في جراوند زيرو، وهو موقع انهيار البرجين، لإعلاء رسالة تقول: نحن مسلمون أمريكيون.. نحن ننتمي إلى هنا".
وأضاف أن مغزًى أعمق قد ينطوي في ظهور برج ترامب -40 وول ستريت- في خلفية الصورة.

نشأت منيرة في حي جامايكا بمقاطعة كوينز، بالقرب من مكان نشأة ترامب داخل قصور جامايكا المُسوَّرة. استقر أهلها هناك بعدما تركوا بنغلاديش عام 1970، وهناك وُلِدَت منيرة.

يحمل كلٌّ من منيرة وأدهمي الهويةَ الأمريكية، ويواجه كلاهما التحديات التي ظهرت منذ هجمات 11 سبتمبر.

لأني مسلم أمريكي

تقول منيرة إنها تجنَّبت عمدًا مشاهدة مراسم تنصيب ترامب يوم الجمعة الماضي 20 يناير 2017، وعلَّقَت: "إن اتفاق الكثير من الناس مع الخطاب الذي أدى إلى انتخاب ذلك الشخص، دونالد ترامب، هو شيءٌ مخيبٌ للآمال للغاية. للأسف، لا يزال هناك بعض الأشخاص الذين ينزعون لإقصاء كلِّ من هو من أصلٍ مختلف".
"بالنسبة لي، ليست هذه هي القيم الأساسية التي تعبر عنها الولايات المتحدة الأمريكية. تعود الكثير من أسباب تَقدُّم هذه الأمة للمهاجرين، لذلك، فإن الفكرة التي عبَّرت عنها حملة ترامب بشأن إقصاء المسلمين أو تسجيل بياناتهم في قوائم لدى ترامب، هي فكرة سخيفة للغاية. التعددية هي التي تصنع مجد هذه الأمة. العالم كله يحسدنا بسبب تنوعنا".

وقال أدهمي، إنه شعر بحاجته لمقاومة الإحساس المتنامي بمشاعر كراهية المسلمين منذ هجمات 11 سبتمبر. لقد عانى تبعات الهجمات الإرهابية، وتحميله مسؤوليتها كمسلمٍ، إلى جانب المناظرات المثيرة للجدل بشأن المجتمع الإسلامي.
يردف: "لذلك، بدأت مع مجموعة من الفنانين المسلمين في إنتاج أعمالٍ تتحدث عن التبعات التي تلحق بنا لكوننا مسلمين".

ويضيف أنه كان يعيد نشر صورة صديقته في كل مرةٍ يظهر سؤال حب الوطن على السطح. في كل مرة، كانت الصورة يُعاد نشرها ويظهر مضمونها بشكلٍ أعمق. وتواصلت مؤسسة آمبليفاير معه العام الماضي.

ملائمة لكن محبطة

وصرَّح فيري لبوابة ميدل إيست آي الإخبارية، أن الترويج لمشروع "نحن الشعب" كان مهمًا لإخراجِ صورٍ للمجتمعات المرفوضة التي تتعرَّض للهجوم، خاصة في المواقف التي يتحدث فيها ترامب، التي، من وجهة نظره، ليست أمريكية أصيلة على الإطلاق، بل تعمل على بثِّ الخوف.
يقول فيري: "إن صورة حجاب العلم الأمريكي قوية للغاية، لأنها تُذكِّر الناس بأن حرية اعتناق الأديان هي من المبادئ المؤسسة للولايات المتحدة، وتذكِّرهم أيضًا بتاريخها الطويل في الترحيب بمن تعرَّضوا للاضطهاد الديني في بلادهم".

بالنسبة لأدهمي، تحمل صورته لمنيرة قدرًا من الإحباط، فيقول: "كنت قد تجاوزت الصورة وما تحمله من مضمون. لقد حزنت لتصاعد الحوار على هذا النحو. ولكن حين أتى دونالد ترامب بحملته الانتخابية -للأسف- باتت الصورة ملائمة وضرورية".

تقول منيرة، إن العنصرية الزائدة المصاحبة لصعود ترامب لم تشغلها قط عن الأحوال المزرية السائدة في مناطق أخرى كثيرة، مثل اضطهاد المسلمين في ميانمار.
"بقدر ما أُركِّز على كل شيء يحدث هنا في الولايات المتحدة، تتسع نظرتي للعالم. أعلم أننا في طريقنا لتخطي كل ذلك. لقد مررنا بالكثير من الأوقات الصعبة من قبل، ومسيرة السبت الماضي تُعد بمثابة تعزيزٍ لحقيقة أن الأشياء ليست سيئة كما تبدو. لقد شعرت بالحب والانتماء. وسيتطلب الأمر بعض الوقت حتى يهدأ كل شيء"، تستطرد منيرة.

بعد عودتها إلى نيويورك، وجدت منيرة شيئًا تركته، وليس على سبيل المصادفة. تقول: "كانت لدي تذكرةٌ لحضور حفل التنصيب. كان الناس يقولون لي إن علي الذهاب إن أردت، ولكني لم أفعل ذلك.. إنها هنا على منضدة المطبخ مثل قواعد الأكواب".

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/25 الساعة 23:00