سينقلون السفارة أم لا.. ماذا يتغير؟
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/25 الساعة 00:43
لم يكن بلا دلالة أن تكون المكالمة الثالثة للرئيس الأمريكي مع زعيم خارجي من حظ نتنياهو (بعد رئيس المكسيك ورئيس وزراء كندا)، فيما سيكون من بين أوائل الزعماء الذين سيلتقيهم ترامب في البيت الأبيض (تحددت الزيارة في شباط القادم). يشير ذلك بالطبع إلى طبيعة العلاقة القادمة، والتي عرفنا طبيعتها قبل ذلك من خلال جملة المواقف التي أطلقها ترامب خلال حملته الانتخابية، وتاليا بعد الفوز وقبل التنصيب.
الآن، وفيما يخص الملف الفلسطيني يجري حشر النقاش فيما إذا كان ترامب سيقرر نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أم سيتركها في تل أبيب كما هي عليه، لكأن عدم نقلها سيغير شيئا في حقائق الواقع المر على الأرض، أو لكأن سعار الاستيطان الذي لم يتوقف في القدس وعموم الضفة، والذي تسارع وسيتسارع أكثر استغلالا لوجود ترامب لا يعني الكثير.
نحن الآن أمام احتمالين؛ إما أن يُتخذ قرار نقل السفارة، أو يتم تأجيله أو تجاوزه. وفي الحالتين سنكون إزاء السؤال الكبير المتعلق بطبيعة الرد الفلسطيني، ذلك أن عدم نقل السفارة لا يغير في حقيقة أن الاستيطان سيتصاعد، ولا في حقيقة أن لعبة التعويل على الضغوط الدولية ستغدو عبثية، مع أنها كانت كذلك طوال الوقت، ولم تجلب سوى خطوات رمزية لا تغير في حقائق الواضع الموضوعي شيئا.
يعلم محمود عباس أكثر من غيره حقيقة المواقف الصهيونية؛ ليس فقط من ملف القدس الذي أفشل مفاوضات كامب ديفيد، صيف العام 2000، وأفشل مفاوضاته هو شخصيا مع أولمرت قبل أكثر من عقد من السنوات (كشف وثائقها تحقيق شهير للجزيرة)، بل يعرف أيضا سقف التنازلات الصهيونية فيما خصّ مجمل تفاصيل التسوية، ويعلم أن ما هو معروض عليه لا يتجاوز 10 في المئة من المساحة الفلسطينية التاريخية، بدون القدس ولا اللاجئين، وبدون سيادة أيضا، لكنه مع ذلك بقي مصرا منذ ورث ياسر عرفات على القبول بهذا الواقع، بل تكريسه بمسمى دولة، بكل طقوسها الشكلية.
يوم الأحد الماضي، كان وزير البيت اليهودي (نفتالي بينيت) يتحدث في الاجتماع الوزاري الإسرائيلي المصغر معلنا رفضه للدولة الفلسطينية، فرد عليه نتنياهو قائلا: “لو كنت تعرف ما أعرضه على الفلسطينيين لربما غيرت رأيك.. أنا أعرض عليهم دولة ناقص”، في ذات الوقت الذي أكد أن البناء سيتواصل في القدس، وأن جميع المستوطنات سيجري ضمها.
لو كان للمنطق مكانا في هذه المعمعة، لكان على الجميع القول إن مسيرة التيه الفلسطيني يجب أن تتوقف، سواءً تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أم لا، لكن عباس سعيد بالدويلة التي يقودها، وهو لا يبدو في وارد تغيير نهجه، ما يعني من الناحية العملية تكريسا لواقع الحل الانتقالي بعيد المدى أو الدولة المؤقتة، من دون الحاجة إلى اعتراف رسمي به، أما الأسوأ فيتمثل في استغلال الأجواء العربية والإقليمية البائسة، ومعها الدعم الأمريكي اللامحدود في فرض تسوية مشوّهة، أو محاولة فرض حل فيدرالي مع الأردن، وفي الحالتين نحن أمام تصفية للقضية الفلسطيينة.
ما يمكن أن يفشل هذه المساعي هو قلب الطاولة وتغيير مجرى الصراع بتصعيد الانتفاضة الشاملة في كل الأرض الفلسطينية. المصيبة أنه لا عباس يرضى بذلك، ولا يوجد في فتح من يوقف المهزلة ويعيد الحركة إلى ذاتها كحركة تحرر، ما يجعل الأمل معقودا على الجماهير، وما تبقى من فصائل يمكن أن تفعل شيئا، وذلك بتصعيد انتفاضة القدس على نحو يرفع شعار دحر الاحتلال دون قيد أو شرط، وجعل السلطة في الضفة وفي القطاع مجرد كيان إداري لا أكثر، يُدار بالتوافق بين الفصائل.
هذا هو الاحتمال الذي يعمل الجميع؛ بما في ذلك السلطة إياها على منعه بكل وسيلة ممكنة، بما في ذلك التدجين والتعاون الأمني، ومطاردة كل ما يمت إلى المقاومة بصلة.
الدستور
الآن، وفيما يخص الملف الفلسطيني يجري حشر النقاش فيما إذا كان ترامب سيقرر نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أم سيتركها في تل أبيب كما هي عليه، لكأن عدم نقلها سيغير شيئا في حقائق الواقع المر على الأرض، أو لكأن سعار الاستيطان الذي لم يتوقف في القدس وعموم الضفة، والذي تسارع وسيتسارع أكثر استغلالا لوجود ترامب لا يعني الكثير.
نحن الآن أمام احتمالين؛ إما أن يُتخذ قرار نقل السفارة، أو يتم تأجيله أو تجاوزه. وفي الحالتين سنكون إزاء السؤال الكبير المتعلق بطبيعة الرد الفلسطيني، ذلك أن عدم نقل السفارة لا يغير في حقيقة أن الاستيطان سيتصاعد، ولا في حقيقة أن لعبة التعويل على الضغوط الدولية ستغدو عبثية، مع أنها كانت كذلك طوال الوقت، ولم تجلب سوى خطوات رمزية لا تغير في حقائق الواضع الموضوعي شيئا.
يعلم محمود عباس أكثر من غيره حقيقة المواقف الصهيونية؛ ليس فقط من ملف القدس الذي أفشل مفاوضات كامب ديفيد، صيف العام 2000، وأفشل مفاوضاته هو شخصيا مع أولمرت قبل أكثر من عقد من السنوات (كشف وثائقها تحقيق شهير للجزيرة)، بل يعرف أيضا سقف التنازلات الصهيونية فيما خصّ مجمل تفاصيل التسوية، ويعلم أن ما هو معروض عليه لا يتجاوز 10 في المئة من المساحة الفلسطينية التاريخية، بدون القدس ولا اللاجئين، وبدون سيادة أيضا، لكنه مع ذلك بقي مصرا منذ ورث ياسر عرفات على القبول بهذا الواقع، بل تكريسه بمسمى دولة، بكل طقوسها الشكلية.
يوم الأحد الماضي، كان وزير البيت اليهودي (نفتالي بينيت) يتحدث في الاجتماع الوزاري الإسرائيلي المصغر معلنا رفضه للدولة الفلسطينية، فرد عليه نتنياهو قائلا: “لو كنت تعرف ما أعرضه على الفلسطينيين لربما غيرت رأيك.. أنا أعرض عليهم دولة ناقص”، في ذات الوقت الذي أكد أن البناء سيتواصل في القدس، وأن جميع المستوطنات سيجري ضمها.
لو كان للمنطق مكانا في هذه المعمعة، لكان على الجميع القول إن مسيرة التيه الفلسطيني يجب أن تتوقف، سواءً تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أم لا، لكن عباس سعيد بالدويلة التي يقودها، وهو لا يبدو في وارد تغيير نهجه، ما يعني من الناحية العملية تكريسا لواقع الحل الانتقالي بعيد المدى أو الدولة المؤقتة، من دون الحاجة إلى اعتراف رسمي به، أما الأسوأ فيتمثل في استغلال الأجواء العربية والإقليمية البائسة، ومعها الدعم الأمريكي اللامحدود في فرض تسوية مشوّهة، أو محاولة فرض حل فيدرالي مع الأردن، وفي الحالتين نحن أمام تصفية للقضية الفلسطيينة.
ما يمكن أن يفشل هذه المساعي هو قلب الطاولة وتغيير مجرى الصراع بتصعيد الانتفاضة الشاملة في كل الأرض الفلسطينية. المصيبة أنه لا عباس يرضى بذلك، ولا يوجد في فتح من يوقف المهزلة ويعيد الحركة إلى ذاتها كحركة تحرر، ما يجعل الأمل معقودا على الجماهير، وما تبقى من فصائل يمكن أن تفعل شيئا، وذلك بتصعيد انتفاضة القدس على نحو يرفع شعار دحر الاحتلال دون قيد أو شرط، وجعل السلطة في الضفة وفي القطاع مجرد كيان إداري لا أكثر، يُدار بالتوافق بين الفصائل.
هذا هو الاحتمال الذي يعمل الجميع؛ بما في ذلك السلطة إياها على منعه بكل وسيلة ممكنة، بما في ذلك التدجين والتعاون الأمني، ومطاردة كل ما يمت إلى المقاومة بصلة.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/25 الساعة 00:43