حوار الحكومة والشباب: أكثر من عزيمة
انتبهت الحكومة أخيرا إلى الحاجة للاشتباك المباشر مع الناس ومحاورتهم في القضايا والهموم العامة.
أول من أمس خاض رئيس الوزراء وفريقه الوزاري أول جولة من الحوار مع ما يزيد على 130 شابا وشابة يمثلون مئات المراكز والأندية الشبابية في المملكة.
الحوار على ما تظهر التسجيلات كان هادئا، وتخللته مداخلات جريئة من الشباب المشاركين. أما ردود الوزراء فلم تخرج عن الخطاب السائد في المناسبات الرسمية واللقاءات الإعلامية الذي يتسم بالحذر.
إذا اعتبرنا هذا اللقاء مجرد بداية لسلسلة مفتوحة من اللقاءات المشابهة مع فئات الشباب حصرا، فإن الحوارات المستقبلية ينبغي أن تكون بصورة مختلفة شكلا ومضمونا.
من حيث الشكل بدا اللقاء في مدينة الحسين للشباب أقرب إلى "عزيمة غداء" منه إلى جلسة حوار جادة. وبما أن اللقاء حواري من الأنسب أن لا تجلس الحكومة على المنصة فذلك أسلوب يصلح للمحاضرات والخطابات. لتكن جلسة مفتوحة فعلا يجلس فيها الوزراء والشباب جنبا إلى جنب يتحاورون كمواطنين لا تمييز بينهم.
في المضمون يتعين على طرفي الحوار أن يقتربا من العناوين الساخنة والمطروقة في الشارع حاليا. الشباب راديكاليون في هذا السن ومن الطبيعي أن تتسم مداخلاتهم بالحيوية والنقد اللاذع. ليس في ذلك ضرر.
لذلك، في اللقاءات المقبلة يجب دعوة شباب يمثلون مختلف الاتجاهات والهيئات والمناطق والاشتباك معهم في حوارات حول قضايا مثيرة للجدل في الأوساط العامة، مثل قضية الخصخصة.
في الحراكات الجارية حاليا في الشارع وعلى محدوديتها هناك شعارات يرددها شباب تعتبر اتفاقية المطار تفريطا وبيعا لممتلكات وطنية، ودخول شريك استراتيجي في شركتي الفوسفات او البوتاس بيعا لمقدرات الوطن والشعب وكذا الأمر في الاتصالات والكهرباء.
يتعين على الحكومة أن تستثمر هذه الحوارات لعرض الحقائق كاملة والرد على هذه الشعارات التي تحولت لقناعات بمعلومات دقيقة وموثقة بالأرقام. ولحسن حظ الحكومة أن من بين طاقمها وزيرا كان قد ترأس لجنة تقييم الخصخصة وأعني وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز، وأشرف على إعداد تقرير في غاية الأهمية حول الموضوع، ويستطيع أن يشرح للشباب كل الحقائق المتعلقة بهذا الأمر.
وفي موقع النائب الأول لرئيس الوزراء الوزير جمال الصرايرة الذي كان حتى قبل استلام حقيبته يدير شركة البوتاس لسنوات طويلة، هو القادر على عرض الحقائق الخاصة بالشركة ودورها في رفد الخزينة بموارد مالية وتشغيل الآلاف من الأردنيين. مثلما يستطيع النائب الثاني للرئيس حامل ملف الاقتصاد دكتور جعفر حسان أن يشرح اتفاقية مطار الملكة علياء وما تجنيه الخزينة من فوائد. مثلما تقدر وزيرة الاتصالات مجد شويكة أن تفيد الشباب بالحقائق المتعلقة بقطاع الاتصالات بعد الخصخصة وما حققه من مكاسب.
الاشتباك ينبغي أن يكون حول العناوين الحقيقية التي تؤرق الشارع الأردني والشباب فعلا كملف مكافحة الفساد مثلا. اطلعت مؤخرا على تقرير سابق لهيئة المكافحة قبل أن تحمل اسمها الجديد وفيه من التفاصيل والمعلومات المذهلة عن حجم الإنجازات التي حققتها في ميدان مكافحة الفساد، فلماذا لا تعرضونها في لقاء حواري للشباب؟
اشرحوا للشباب تفاصيل قضية الفوسفات ولماذا لم تستطع الحكومة حتى الآن جلب وليد الكردي والحجز على أمواله. ليكن حوارا حقيقيا حتى لا يقال إنها مجرد تمثيلية لامتصاص غضب الشارع.
الفرصة مواتية لمد جسور الثقة مع الناس فلا تهدروها.
الغد