لغايات ضبط الجودة

مدار الساعة ـ نشر في 2018/03/06 الساعة 01:34
في تراثنا الغني بالأقوال والحكم والأمثال عبارات تختزل المواقف وتعبر عنها بدقة وبلاغة. إحدى هذه المقولات تقول"السلاح في يد الجاهل يجرح". هذه الحكمة او القول المأثور يعبر تعبيرا دقيقا عن ما يجري اليوم في منطقة الرشادية من تلوث للبيئة ومكوناتها بسبب سوء التخطيط والادارة والجهل والارتجال. في بلادنا اليوم تحدث تعديات على البيئة تؤدي الى تلوث عناصرها ونفاد مخزونها والإخلال بالتوازن القائم بين عناصرها. في الطفيلة الاكثر تنوعا وحيوية وجمالا تجري اعتداءات سافرة على هواء وتربة ومياه المحافظة وبشكل يظهر بدائية الاجراءات المتخذة وصورية الاجهزة المعنية بالحماية والرقابة والمتابعة. منذ بدايات الشتاء لاحظ أهالي لواء بصيرا في المحافظة تغيرا واضحا على نوعية مياه الينابيع في منطقة لحظة السياحية، حيث فقدت المياه لونها الطبيعي وخواصها كمياه نقية عذبة فأصبح لونها أصفر نحاسيا يشبه الديزل كما، لاحظوا تاثيرها السلبي على التربة والنبات ليكتشفوا لاحقا انها قد لُوثت بفضلات الوقود الذي يستخدمه مصنع اسمنت الرشادية العائد لشركة لافارج الفرنسية. الكارثة البيئية الجديدة التي أصابت أعذب المياه وأجود انواع التربة وأخصبها وفي أجمل بقاع المحافظة وأكثرها جذبا، صعقت الاهالي والمتابعين ليس بسبب حدوثها فحسب بل بما كشفت عنه الحادثة من إهمال واضح واستهتار جليّ وغياب للتخطيط وسوء الادارة وضعف الرقابة لكل من أجاز للمصنع أن يستخدم الوقود الصخري ودَرَس إجراءات السلامة وأجازها، وكل من كان مسؤولا عن العمليات التي أدت إلى التسرب والتلوث والتدهور لدرة الأماكن وأكثرها حضورا في وجدان عشاق الطبيعة والجمال. المؤسف حقا اننا لم نسمع عن عقوبات او اجراءات متخذة بحق المصنع وحق الخبراء الذين دافعوا عن برنامج الوقود الجديد وعن الخبراء الذين قالوا بأن الاستخدام آمن ولا يشكل خطورة على البيئة والصحة العامة ومستقبل الحياة في هذه المنطقة. لقد حذر الاهالي والمهتمون من اخطار وجود المصنع وتساءلوا عن الحكمة من مجاورة الاسمنت للمحمية وطالبوا بحماية هواء المنطقة من الغبار دون ان يجدوا آذانا صاغية. القضية التي يجري التعامل معها بهدوء وبعيدا عن ضجيج الرأي العام تثير تساؤلات كبرى حول العلاقة بيننا وبين البيئة وعن العقل الحضاري العربي أو الاردني بشكل خاص، ويدفع للواجهة بسؤال حول جدوى وجود وزارة للبيئة في بلد يشكو الناس من انتشار عبوات وأكياس البلاستيك في كافة زوايا المدن والارياف وعلى جوانب الطرق وتعاني الكثير من الينابيع والسدود ومساقط المياه من التلوث. لا احد ينكر حاجة البلاد والاقتصاد الاردني لمنشآت صناعية واستثمارات في ميادين التعدين والطاقة وغيرها، لكن المطلوب ايجاد معايير وضمانات واجراءات لحماية البيئة والانسان من الاخطار والملوثات التي قد تتسبب بها الاستخدامات غير الآمنة لعناصر ومدخلات. البيئة وحمايتها ليست شعارا نرفعه ولا بيانات نصدرها أو مؤسسات نوجدها بل قيم وافكار واخلاق وقناعات تتحول الى قوانين وسلوك يحرص الجميع على تطبيقها من اجل الحفاظ على بيئة متوازنة تكفل للانسان والحيوان والنبات حياة نوعية آمنة وخالية من الاخطار والتهديدات. لا اعرف اذا ما قامت الحكومة الاردنية بمطالبة الشركة بالتعويض عن الضرر البيئي الذي لحق بمياه وتربة الرشادية ولحظة والقادسية، ولا اعرف اذا كان المجلس المحلي في اللواء قد اهتم بالموضوع وناقشه. من حق الاهالي في المحافظة المطالبة بالتعويض المجزي ولا اظن ان المصنع بكامله يكفي لتعويضهم عن الضرر الذي لحق بأهم المصادر. نتمنى أن نسمع من وزارة البيئة والحكومة خطة تفصيلية وبرنامجا يتضمن إزالة الآثار والتعويض وضمانات عدم تكرار الحالة حتى يشعر المواطن بالحماية الفعلية والاحترام لحقوقه في بيئة آمنة وحياة كريمة خالية من التلوث. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2018/03/06 الساعة 01:34