المخرج حرب يعيد إحياء المسرح في المقهى تحقيقا لعودة مسرح المقهى

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/23 الساعة 14:39

مدار الساعة - مجدي التل-يعيد المخرج المسرحي حكيم حرب إحياء عروض المسرح في المقهى تحقيقا لعودة فكرة مسرح المقهى التي كان قد اشتغل عليها في تسعينيات القرن الماضي في مقهى الفينيق الثقافي أنذاك.
ويعرف المسرح في المقهى بوصفه اعادة عرض (ريبروتوار) لمسرحية قدمت على مسرح الخشبة (العلبة الايطالية) واعيد اعدادها لتقدم في مقهى ثقافي، بينما مسرح المقهى ويسمى احيانا مسرح "الكباريه السياسي" وما يقدم كمشاهد ولوحات مسرحية يشارك فيها الجمهور الى جانب الممثلين في غرفة صغيرة في مقهى او كامل حيز المقهى، وتتراوح تلك المشاهد من اساليب المسرح التقليدي والغناء والارتجالي، وينتمي هذا النوع من المسرح الى مدرسة المسرح التجريبي، والتي انطلقت في العالم نهاية خمسينيات وبداية ستينيات القرن الماضي وعربيا في مصر والعراق ولبنان في سبعينيات القرن الماضي ويرجع نشأة هذا النوع الكاتب والناقد المسرحي الفرنسي المعروف باتريس بافي إلى ما كان يطلق عليه "مقهى الفلاسفة" في القرن الثامن عشر. ويقول المخرج حرب لوكالة الانباء الاردنية(بترا) إن إعادة عرض مسرحية "ليلة سقوط طيبة" مساء يوم غد الثلاثاء في أوتاد حي جبل اللويبدة وداخل مسرح المقهى تجعلنا نعيد قراءة أسطورة "أوديب" على طريقة الكباريه السياسي وفي إطار ما يطلق عليه "الكوميديا السوداء" وذلك بعد تخليص الحكاية من شكلها الكلاسيكي القديم وإعادة تناولها بشكل معاصر ورؤية مغايرة، كمحاولة من فريق مسرح المقهى لطرح أسئلة جديدة، مشيرا إلى أن الجمهور في مسرح المقهى مشارك في اللعبة المسرحية وليس مجرد متلقي.
وأشار إلى تجربته الاولى في مسرح المقهى في تسعينيات القرن الماضي في مقهى الفينيق الثقافي ومقهى كان زمان، مبينا انه أسس أنذاك فرقة مختبر الرحالة المسرحي وكانت الفرقة مهتمة بتقديم عروضها خارج الصالات التقليدية حيث قدمت عروض في المقاهي والساحات العامة والشوارع.
وحول العودة إلى هذا النوع من المسرح "مسرح المقهى" قال المخرج حرب "كانت أول مرة أقدم فيها عروضي المسرحية في مسرح المقهى عام 1991 في مقهى الفينيق الثقافي الذي كان يشرف على إدارته صديقي الكاتب الجميل "محمد مشارقة" ثم قمت بإحياء الفكرة عام 1992 في مقهى قرية كان زمان في منطقة اليادودة في عمّان وشاركني هذه المغامرة المسرحية الجريئة والتجربة الرائدة كل من الفنانين الأصدقاء كفاح سلامة، وجمال مرعي، ومحمد السوالقة، وعماد يونس، وفادي الغول، وعامر الخفش، ومهند الصفدي، ونضال جاموس، وتيسير محمد علي، وإخلاص العيسى والفنان الراحل محمود صايمة، حيث قدمنا عروض مثل : شهرزاد وسندباد، والقميص المسروق لغسان كنفاني، وزيدان شاعر الصحراء، وكاليجولا وغيرها.
وأضاف "كنا قد أسسنا آنذاك فرقة مسرحية أطلقنا عليها اسم " فرقة مختبر الرحالة المسرحي" وقد كانت الفرقة معنية بتقديم عروضها المسرحية خارج صالات العرض التقليدية المغلقة، فجابت شوارع ومقاهي المملكة وقدمت عروضها في الشوارع وعلى الأرصفة وفي المقاهي في أكثر من محافظة أردنية، وكان النصيب الأكبر لمحافظات العاصمة والزرقاء وإربد والعقبة، حتى أننا أثناء سفرنا الى القاهرة عن طريق ميناء نوييع، قمنا بتقديم عرضنا المسرحي "هاملت يصلب من جديد" فوق سطح الباخرة ، وقد تجمع المسافرون من حولنا على شكل حلقة، وشاركنا في هذه التجربة بالإضافة الى من ذكر سابقاً، الأصدقاء الفنانين : علي عليان، وبسام ابو عياش، وسامر جرار ووسام قطاونة . وأشار إلى أنه كان لفريق الرحالة المسرحي الشرف الكبير بانتزاع أول جائزة دولية في التمثيل المسرحي على مستوى الأردن في مسرحية "المتمردة والاراجوز" التي اعدها واخرجها، وكانت من نصيب زميلتنا الفنانة "كفاح سلامة" وذلك في الدورة الرابعة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1992 ومناصفةً مع الممثلة البولندية "باربارا دزيكان"، لافتا إلى أن ميزانية المسرحية انذاك كانت 300دينار فقط " والتي كانت نجحت في انتزاع خمس جوائز من مهرجان مسرح الشباب الأردني الأول، ما أهلها للترشح للمشاركة في مهرجان القاهرة الدولي.
وقال "كان لذلك النجاح الكبير لتجربة فرقة الرحالة المسرحية وقتها، أثر كبير في نفوسنا مما جعلنا نواصل وبروح معنوية عالية لا تحدها الحدود ولا تثنيها المنغصات والإحباطات ولا تعطلها قلة الدعم وشح والإمكانيات المادية، فانتشرت عروض "الرحالة" في المسارح والمقاهي والشوارع بمنتهى الألق والتوهج المسرحي تحت شعار "أن تكون تجريبياً أي أن تغزو المجهول" و"نحن نرفض المسرح المميت" فكان العالم كله ساحتنا وملعبنا ويمثل بالنسبة لنا ميدان اثارة في صراع الإنسان مع حقيقته وفي محاولته المستمرة لكشف القناع عن وجه الحياة، كنا نقتات على المسرح وكان هو مائنا وهوائنا وخبز أيامنا يوماً بعد يوم ، وكنا سعداء رغم فقرنا وشقائنا المادي".
وأضاف "اليوم وأنا أتأمل حالنا المسرحي محلياً وعربياً، أجد أننا أشقياء بلا سعادة !! فقلت لنفسي لماذا لا نعود لتلك الأيام الخوالي، ما دامت القلوب هي ذات القلوب، وما دامت القيثارة الخالدة لا تزال بين أيدينا..ومن هنا جاءت فكرة إعادة إحياء المشروع القديم المتجدد "مسرح المقهى" وسنبدأ أولى خطواتنا به مساء يوم غد الثلاثاء
في مقهى أوتاد الثقافي، لنعرض مسرحيتنا "ليلة سقوط طيبة" برعاية نقيب الفنانين ساري الاسعد، بعد مرور ما يزيد على ربع قرن من انطلاق مشروعنا المسرحي مع فرقة مختبر الرحالة في مسرح المقهى والشارع، لعل ذلك يساهم في تحريك بحيرتنا المسرحية الراكدة ويفعّل علاقة الجمهور بالمسرح، ويساعدنا على استعادة ولو جزء يسير من البهجة والقدرة على الإحساس بالدهشة، والتي فقدناها مع الأيام عندما تحول المسرح بشكل خاص والعالم بشكل عام إلى مجرد عادة".

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/23 الساعة 14:39