العبادي يكتب : الحكومة الحالية والشعب .. ضحايا لممارسات حكومات سابقة

مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/22 الساعة 21:31
مدار الساعة - يبدو ان المعارضين لقرارات الحكومة برفع الاسعار والضرائب ، لايعرفون ان رئيس الحكومه وجميع الاردنيين والاقتصاد الوطني ، هم ضحايا حكومات سابقة سجلت ارقاما قياسية سلبية تاريخية غير مسبوقة اردنيا ،في حجم القروض بفوائد ، والمنح المجانية، وارتفاع نسبة الفقر، والبطالة والنفقات العامه والتعيينات الجزافيه لارضاء مجلس النواب ليصمت عن ممارساتها .
اذ ان نلك الحكومات، لم تكترث لمعالجة ازمة المديونية اولا باول، بل زادتها تفاقما بالمزيد من القروض، في الوقت الذي كانت فيه تقلل من حجم المديونية، ولا ترى فيها شرا مستطيرا . اذ آثرت عدم مكاشفة الشعب بخطورة اوضاعه الاقتصادية، التي تزداد تدهورا ،حتى كاد الدينار الاردني ان يكون ضحية لتلك السياسات الفاشلة، لولا السياسه النقدية الحازمة، التي ينتهجها البنك المركزي ، بتوجيهات مباشرة من جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي لو ترك الحبل على غاربة لحكوماته المتتاليه لاصبحنا في وضع لايسر صديقا ولا حتى عدوا .
الرئيس الوحيد الذي كاشف الاردنيين بالحقائق الاقتصادية، هو الدكتور هاني الملقي،اذ انه يرى كما قال " خدمة المواطن والوطن ليست عملا شعبويا " فاثر الوطن والمواطن على الرئاسة، التي راي يها عبئا وطنيا، وتكليفا وليس تشريفا. ولم يقدم تنازلا واحدا لمجلس النواب، بحثا عن شعبيىة على حساب الوطن والمواطن ،بل ونحمل مالايتحمله اي رئيس حكومة سابقه من انتقادات شعبية ،حين قرر بتنسيق مع الفريق الاقتصادي والمالي ،ان لاحل الا احداث تغييرات جذرية في مسار الاقتصاد الوطني ،يجعله قادرا على اقناع الممولين بجدية الاردن الرسمي والشعبي في التعامل مع المستجدات الاقليمية ،ومواجهة التحديات المؤلمة القاسية بشجاعة، لانه يعرف ان لا مستقبل للاردن والاردنيين ، الا اذا عرفوا كيف يتجاوزون محنتهم المفروضة عليهم من دول الجوار ،ذلك ان مابعد الضيق الا الفرج ، وان المعاناة طريق التواقين للانتصارات على واقعهم المؤلم وتجاوزه الى الافضل .
لقدكاشف الرئيس الاردنيين بالحقائق المرة، فقد ارتفعت مديونية المملكة في عهد اخر حكومة من 12 ملياردينار حين تسلمت الحكم في 2013 الى 20.5 مليار دينار حين استقالت عام2016 فوصل حجم الديون الي قرابة 95.3 % من الناتج المحلي الاجمالي .
وليت تم استغلال هذه المديونية العالية والمنحة الخليجية لتنمية الاقتصاد الوطني ، بل انفقت في اصلاح البنية التختيه اواستكمالها وفي النفقات الجارية ، وكان نتيجة ذلك ارتفاع نسبة الفقر في الاردن من 14 الى 20% ،وتقلصت الطبقة الوسطى ، وبلغ العجز في السنوات الثلاث الاخيره للحكومه السابقه - 4.2 مليار دولار خلال1250 يوم من حكمها ،وازدادت البطالة ، والمشكلات الاجتماعية، وتدنى التعليم ، وتراجع الاردن في جميع المؤشرات العالمية بما فيها الاستثمارات والحريات العامه .
لقد ادت سياسات الحكومات السابقة الهادفة استرضاء الاردنيين الى محموعة من السلبيات الحادة في مقدمتها زيادة ظاهرة الاستهلاك التفاخري ، وتراجعت ثقة المجتمع الدولي ، وخاصة الدول والهيئات المانحة ، بالاقتصاد الاردني، وقدرته على الاىستثمار السليم ،او دفع اقساط الديون المتخققة عليه، مماجعلهم يفكرون بوقف اي دعم للاردن ، اذا لم يتخذ سياسات اقتصادية جديدة، تجعل مستقبله الاقتصادي في مأمن ولو الى حين.
لقد كان لاجراءات الحكومة الاخيره الفضل الاكبر في تفهم المجتمع الدولي لجدية الاردن والاردنيين في التصدي للمشكلات الاقتصادية التي لايعاني منها الاردن وحده بل العالم كله ،مما ضاعف من احترام الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بالتمويل للاردن ،فاعلنوا انهم مع الاردن والاردنيين، ولن يتركوا الاردن وحيدا ، وبداوا فور صدور قرارات الحكومة، او حتى الاعلان عن نيتهاالقيام بها ، بالاعلان عن تقديم منح وقروض طويلة الاجل ليست مدرجة اصلا في برامجهم السابقه .
العالم لايساعد من لايساعد نفسه ..وها قد بدأالاردنيون يساعدون انفسهم لتجاوز الازمة ، ويعانون مؤقتا،ليجنوا في المستقبل نتائج مثمرة لمعاناتهم . الامر الذي يؤكد للقاصي والدني ان الاردن حكومة وشعبا يسير في الاتجاه الصحيح الذي سيوصله الى تحقيق طموحاته .
الا ان على الحكومة ان تعي ان هذا المسار ليس كاف لوحده ،اذا لم يواكبه ويوازيه مسارات اخرى لمحاربة الفسادالصغير، الذي يعشعش في العديد من المؤسسات المالية والخدمية على حد سواء ، وان تفرض هيبة الدولة وانظمتها وقوانينها على جميع الاردنيين ، دون محاباة ، وان تقلص النفقات العامة، وان تحد من الهدر المالي في المؤسسات والهيئات المستقلة والسفارات الاردنية في الخارج، وفي الشركات التي تساهم بها الحكومة، وان تحول دون تغول البعض على المواطن البسيط بحجة اوباخرى،خاصة في قطاعي الصحه والتعليم ، وان ترفع من مستوى الخدمات الصحية والتعليمية ، وان ترعى اطفال وكهول الوطن ومتقاعديه ، من خلال ماتوفره من الاسراف في نفقاتها، ونفقات المؤسسات العامه خاصة المستقلة ، ومن خلال المنح المجانيه الدولية .
الاردن بحاجة الى اعادة هيكلة يمكن ان تتم تدريجيا، ليكون الاردن لكل مواطنيه وليس لقطاع منهم فقط ، ينبغي ان تعمل الحكومة على احداث نقلة نوعية في حياة الاردنيين ، بتوفير اختياجاتهم الاساسية باسعار مقبولة ،مما يتطلب الضرب بيد من جديد على المستغلين ممن يعتقدون ان الحرية الاقتصادية تعني فوضى الاسعار وفوضى في نوعية المنتجات
لقد حاول الديناصورات عبر طرف ثالث كما سبق وحاولوا في كل مره ،ان يفشلوا تحركات الحكومة ،فادعوا هذه المره بخلاف ماتقوله الف باء الاقتصاد بان المديونية امر طبيعي مهما تضخمت ، فامريكا واليابان والصين تعاني من مديونية ضخمة تزيد عن مجمل الناتج المحلي لها كما يقولون ، ولكنهم تناسوا عمدا او جهلا ان هذاالناتج اكبر الاف المرات من الاردن ويبلغ الاف المليارات من الدولارات ، وان هذه الدول تقدم لمن تقترض منهم، سندات خزينه تعتبر نقدا يمكن بيعها في السوق العالميه باية لحظة وبفائدة ، فاين الاردن من هذه الدول؟؟
ان الديناصورات يعملون دائماعلى عرقلة المسيره ، ليس خوفا على الشعب، بل على امتيازاتهم الضخمة ، التي حصلوا عليهانتيجة تواطؤ غير مقصود من حكومات سابقة معهم ،بحجة عدم التصادم مع الشعب ،حتى ولو دفع الوطن كله الثمن. انهم يؤثرون مصالحهم الشخصيه على مصالح الوطن والنظام ، ممايستدعي ان يلتف الجميع لتحجيم هؤلاء الذين يحركون الشارع ،وحالوا دون تحقيق اصلاح حقيقي سياسي واقتصادي في المملكة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/22 الساعة 21:31