لنكسر المزيد منالتابوهات
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/22 الساعة 00:28
اتخذ مجلس الوزراء قرارا جريئا بمنح الجنسية أو الإقامة الدائمة للراغبين بالاستثمار في الأردن وفق شروط معلنة وواضحة وبسقف لايزيد على 500 في السنة الواحدة.
الخطوة تأخرت سنوات خسر خلالها الاقتصاد الوطني مكاسب كثيرة كان لها أن تخفف علينا وطاة الأزمة الاقتصادية التي نمر بها حاليا.
ولأن الحظ يعاندنا على الدوام، فإن القرار جاء في توقيت إقليمي سيئ تراجعت معه مكانة الأردن كنقطة ربط استراتيجية بين أسواق المنطقة.
لكن ما تعول عليه الحكومة هو حاجة دول المنطقة المنكوبة إلى مشاريع إعادة إعمار من المتوقع أن تجذب شركات عالمية ومستثمرين يفضلون تأسيس أعمالهم في مناطق مستقرة وقريبة من الدول المستهدفة. وتشكل الأردن مكانا مناسبا لانطلاق عمليات كهذه، نظرا لقربه من حدود الدول المعنية.
الفرصة الوحيدة امام الاقتصاد الأردني لتطوير قدراته هي بجذب استثمارات جديدة توفر فرص العمل وتخلق ديناميكية جديدة تسمح بتنويع خياراته وتوسيع قاعدته للوفاء بمتطلبات النمو الاقتصادي بما يتناسب وحجم الطلب والزيادة السكانية.
وآخر ما يمكن أن يثار من هواجس حول هذا القرار ربطه بمشاريع سياسية وقلق التوطين، فالتجنيس حسب القرار يقتصر على أصحاب الملايين، ولا أظن أن هذه الفئة من البشر تعوزها الجنسية أينما رغبت، فعديد الدول الأوروبية تعرض الجنسية على المستثمرين والراغبين بشروط أقل بكثير من الشروط التي وضعها مجلس الوزراء، ناهيك عن امتيازات لا يوفرها الأردن كحرية التنقل والتجارة في عموم دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
لنكن واضحين، التوطين فزّاعة يراد منها ترك الأردن أسيرا لهواجسه ومخاوفه ليبقى تحت رحمة المانحين والداعمين وشروطهم المذلة. الدولة الأردنية قطعت الطريق في وقت مبكر على هذه الترهات والشعب الفلسطيني متمسك بأرضه ودولته ولن يقبل بديلا منها.
وهذا القرار ليس سوى خطوة صغيرة على طريق كسر"تابوهات" فوّتت على بلادنا فرصة التقدم والتطور، وتحقيق شعار الاعتماد على الذات.
ينبغي على الحكومة التفكير بحزمة متكاملة من التسهيلات لفتح الاقتصاد الأردني أمام الاستثمارات العربية والأجنبية، والتشبيك مع دول الجوار العربي وقطاعاتها، ووضع الدبلوماسية الأردنية والمواقف السياسية في خدمة المصالح الاقتصادية الأردنية بصرف النظر عن الاعتبارات التقليدية.
وما نخشى في المستقبل القريب أن تجهض البيروقراطية الحكومية وإجراءاتها المعقدة القرار الحكومي، لأننا بصراحة مانزال نلحظ ترددا واضحا في تطبيق التسهيلات والحوافز الاستثمارية. ومحاولات لا تتوقف للالتفاف على القرارات الحكومية وتعطيلها في الميدان.
ماتزال هناك حلقة مفقودة بين المستوى الأول في المؤسسات وطبقة الموظفين، تضيع في دهاليزها القيمة المرجوة من سياسات الإصلاح والتغيير.
أمس اعلن وزير الدولة لشؤون الاستثمار أن 20 مستثمرا أجنبيا تقدموا بطلبات بناء على القرار الأخير لمجلس الوزراء. المرجح أن هؤلاء يقيمون في الأردن أصلا ويرغبون بتسوية أوضاعهم لضمان الاستقرار لاستثماراتهم. وما نأمله أن تشرع البعثات الدبلوماسية في الخارج بحملة ترويج للقرارات الحكومية لجذب أكبر عدد ممكن من المستثمرين لإقامة مشاريعهم في الأردن. بصراحة نريد أن نخرج من عنق الزجاجة!
الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/22 الساعة 00:28