قواعد اللعبة السياسية
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/21 الساعة 01:25
السياسة لعبة جماعية مشتركة، لها أصولها و قواعدها و معاييرها و ضوابطها، وتتغير بتغير الظروف و الأحوال، و تتطور بتطور الخبرة البشرية، و تتراكم فيها الخبرة تراكما ايجابيا، و تنتقل من جيل الى جيل، و هناك تفاوت واسع و تباين كبير بين الشعوب و الأمم في التعامل مع هذه اللعبة التشاركية، بحسب قدرة المجتمعات على اتقان فن التعامل مع المشتركات و ادارة المصالح العامة.
المعيار الأكثر أهمية و الأعمق أثرا في استقرار المجتمعات و ازدهارها في اداء اللعبة السياسية يتمثل بامتلاك القدرة الجماعية على ادراك معنى «التوازن « بين الأطراف المتجاذبة في اللعبة؛ لأن فقدان التوازن في اللعبة اي لعبة يترتب عليه جملة من الاثار الخطيرة التي تهدد الاستقرار، و تمنع التقدم، و تطيح ببقية المعايير الأخرى؛ لأن اللعبة تصبح بلا معنى وبلا متعة، مثل اقامة مباراة كرة قدم بين فريقين، أحدهما : فريق كبير و عريق و متكامل و ذو خبرة و مكانة و مليء بالنجوم، وفريق اخر ضعيف و مفكك و بلا خبرة ولا تدريب و لا امكانيات، فتصبح اللعبة ضربا من العبث و لا تحقق أغراضها و لن تجد الاقبال و لا المتابعة ولا المتعة، و لن تستمر و سوف يكتب لها الفشل.
هذا المعنى، و ما يحيط به وما يدور حوله ينبغي ان يكون في تمام الادراك و الوعي لدى الحكومات في البلاد العربية؛ لأن الاصرار على التجاهل و عدم ملامسة المشكلة و عدم المسارعة الى الحلول و المعالجات، سوف يؤدي مرة أخرى الى الفوضى العارمة و سوف يؤدي الى مزيد من الانحطاط و التأخر، نتيجة فقدان الأمل لدى الشعوب و فقدان الفاعلية و الدافعية نحو العمل، و ليس هناك أكثر ضررا من سيطرة مشاعر اليأس و الاحباط العامة على المجتمعات البشرية التي سوف تؤدي بها الى فقدان معنى الحياة نتيجة انسداد الأفق أمام الأجيال بفعل الادارة المتسلطة المتفردة لشؤون الدول و الاستيلاء على مقدراتها.
واذا أردنا أن نفصل في ذلك على نحو أكثر وضوحا، فيمكن القول إن الذهاب الى انتخابات محسوبة سلفا تخلو من الحرية الحقيقية و تغيب فيها الارادة الشعبية، يؤدي الى قناعة شعبية راسخة بأنها عبارة عن قوالب شكلية تخلو من الروح و تخلو من الجدية و تخلو من المنافسة الحقيقية، فهذا يعني بكل تأكيد قتلا للروح المعنوية للأمة و امعانا في السير في طريق الفناء المحتم.
قواعد اللعبة السياسية في العالم العربي تحتاج الى اعادة تصميم و بناء جديد على مبدأ التوازن الحقيقي بين الأطراف المشتركة بحيث تصبح الشعوب طرفا فاعلا و مؤثرا و لاعبا حقيقيا، من خلال مشاركتها في اختيار الحكومات، و مشاركتها الفاعلة في ادارة مقدراتها، و تمكينها من الرقابة على اداء أصحاب المسؤولية، التي تعود على كل الأطراف بالاستقرار و الازدهار و لا تخص طرفا بعينه.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/21 الساعة 01:25