عطوي المناصير يستذكر دبابته بعد 50 عاماً
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/20 الساعة 19:34
بقلم: محمد عبدالكريم الزيود
في تقرير بُثّ على التلفزيون الأردني قبل أيام، أثارني الشيخ الجليل عطوي المناصير وهو يتلّمس بيديه حديد دبابته التي كان يقودها في معركة الكرامة، كنت أرى إلتماعة في عينيه وهو يتذكر طاقم الدبابة واحدا واحدا (قائد السرية اللواء فاضل علي فهيد و محمد سالم عبدالله بني حسن وعواد حمدالله من سحاب)، دبابة الباتون اليوم تصطف بخشوع في متحف الدبابات الملكي في المقابلين بعدما أعيد ترميمها.
يستذكر وهو يصلح شماغه على رأسه "مدفعي الدبابة" عندما أصيبت دبابته بقذيفة معادية وكيف وجد ذراع زميله الذي استشهد مركونة على جناح الدبابة ، ذكريات من الوجع والفخار.
في وجه عطوي المناصير الذي تعدّى السبعين تقرأ تاريخ جيشنا العربي، هؤلاء الذين قاتلوا في معارك الشرف والبطولة وهم من صنعوا النصر بالدم والبارود، وأكاده اليوم وهو يجول بعينيه على دبابته التي تركها منذ خمسين ربيعا يسمع أصوات رفقاء السلاح ، وصوت قائد السرية وهو يخترق الأسلاك أن " قاتلوهم"..
لماذا لا يكرّمون هؤلاء وأمثالهم وهم اليوم قد إنحنت ظهورهم ، وإكتسى البياض شعر رؤرسهم ، وهم الذين كانت قاماتهم تطاول قامات مدافعهم عزة وفخرا وشجاعة.
عطوي المناصير فتح النار عندما واجهته دبابة العدو، لكنه لم يفتح النار يوما على الوطن رغم ضيق الحال، وهو الذي دافع عنه حقيقة بين النار والبارود، ولم يصنع معركة في السوشيل ميديا ويحقق الإنتصارات على الورق ولوحة الكيبورد.
ربما يستلم راتبا أقل من ٣٠٠ دينار وينتظر على الدور كثيرا ، كما ينتظر على دور الصيدلية ليستلم العلاج الشهري ، لكن الوطن في عينيه أكبر من الرواتب والأعطيات والمقاولات التي توزعها الحكومات لتنال رضا الناس.
بوركت يا "عم" وأقبّل يدك التي تلامس بها اليوم فولاذ دبابتك ، وأقبّل عقال رأسك وشماغك ، فقد قدمت في الحرب والسلم ما لم يقدموه الذين يتاجرون بنا وبالوطن وبأزماته.
فسلام عليك وسلام على الوطن الذي ما زلنا وسنظل نحبّه.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/20 الساعة 19:34