الجراح يكتب عن سمير الرفاعي
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/13 الساعة 11:10
بقلم الدكتور مفلح الجراح
تعاقبت شخصيات أردنية كثيرة على مواقع صنع القرار بكافة مستوياته الإدارية وصولا إلى موقع رئاسة الحكومة، وتباينت الآراء حول كل منها، ومن الملاحظ أن الرصاص يوجه غالبا لمن يكون على رأس عمله بحجة أن الرجل العام لابد أن يتعرض للنقد والمساءلة دون رقيب أو حسيب حتى ولو كان النقد والتجريح في أعلى درجاتهما، و بدون ذرائع تذكر، وكأننا فقط موجودون كشعب لهذه الغاية فقط.
والمصيبة الكبرى أن الكثير منا يحكم جزافا على الشخوص العامة دون معرفة أو دليل؛ إنما فقط كلمه من هنا أو هناك سمعها دون التأكد من مصداقيتها فيبني عليها التهاويل والإشاعات حتى يقتنع بها هو نفسه، متناسيا أنها معلومات بنيت على أوهام ركيكة تذوب مع أول زخة مطر خفيفة. وفي المقابل هناك من هو على اطلاع كامل وموثق بقدرة هذا المسئول وانجازاته وعمله ونظافته، ولكنه يغفل أن يتكلم بعين الحقيقة لا لشيء؛ إنما فقط من باب عدم الدخول في مهاترات هنا أو هناك هو في غنى عنها أصلا.
وقد قال الرفاعي في حديث له عبر صفحته الخاصة على الفيس بوك أثناء حوار مع متابعين لصفحته ومنهم انأ، حيث تمت الإشارة من قبلي عن عدم تحدث الوزراء عن تجربتهم مع الرئيس أثناء ترؤسه للحكومة، وهذا موقف برأيي الشخصي جانبهم فيه الصواب... فقال ما نصه تحديدا (أؤمن بأني لست أكثر الناس فضيلة، وغير محصن من الخطيئة أبدا ...ولكن في قلبي دائما إيمان بأني أكثر الناس حبا ووفاءً لهذا التراب وأهله، ولهذا العرش. لقد تحدثت في جلسات، مع أهلي وربعي...جمعتني بهم، في المدن والقرى البعيدة عن عمان، وكنت أقول دائما أن تكون من عائلة سياسية ليست تهمة أو إدانة، وفي نفس الوقت ليست تفضيلا على الناس أو تمييزا عنهم. سردت عن أبي وجدي الكثير، فقد تحدثت عن محاولات اغتيال والدي وعن اللحظة التي عاد فيها من لندن، يوم كانت الطلقة الغادرة قد اخترقت يده ...وتلك أقدارنا نرضى بها، ونعيشها، ففي اللحظة التي كان فيها أبي أو جدي مشروع رئيس للوزراء، كان أيضا مشروع قتيل أو شهيد.. وتعلم ذاك التاريخ واللحظات الصعبة التي عاشها الأردن، ويومها تخلف رجال عن المسئولية وتصدى لها آخرون وكلهم إيمان بأن المنصب شرف وأن الوطن يستحق التضحية في زمن الستينات والسبعينيات، كان الكرسي محفوفا بالدم... وقد قدم الأردن ثلاثة رؤساء وزارات ...سقطوا شهداء، وهم: ابراهيم هاشم الذي صفي بطريقة بشعة في العراق، وهزاع المجالي ووصفي التل ...وهذا يؤكد أن المنصب لم يكن امتيازا بل كان شرفا يتصدى له من يجرؤ، ومن لا يحمل في قلبه خوفا من المبدأ، أو من سخونة اللحظة، أو الاستهداف. بالنسبة لما تفضلت به، عن تخلي البعض.. عن الدفاع عن مراحل كانوا فيها وزراء، فأنا أتفق معك في تشخيص الحالة ...وأنا في حكومتي كنت أؤمن بتوزيع الدور، فكرت مليا.. قلت في داخلي: - أن مسك الخيوط كلها بيدي، هو مركزية مقيتة.. وعلى أن أخرج من النمط التقليدي في شكل إدارة الحكومة، وتذكر كيف كلفت نائبي بحمل ملف المعلمين والحوار معهم ... ولم أفرض رأيا، كنت أستمع لنتائج الحوارات وما توصلوا إليه وكنت أحاول أن أدفع بهم للإمام ...ليس ملف المعلمين بل ملفات كثيرة.. وكنت أرضى أن أتحمل عبء الإخفاق وحدي، لا أن يتحمله كادري.. وحين كانت بعض القرارات تنتج كان الهجوم يوجه لي، كنت أتحمله بكل ما فيه من قسوة وتجنٍ، حتى في جلسات مجلس الوزراء.. كان همي أن أجمع كل الأفكار، وكنت أسعى للتشاركية، وأن نفكر جميعا بصوت مرتفع ... وتلك طريقة يجب أن تتبع في إدارة الحكومات، وعلينا ألا نرهن كل شيء في شخص الرئيس، فهذا أمر ربما في لحظة يؤدي للمزاجية أعترف لك بأني في حكومتي أعطيت مساحات شاسعة للوزراء، وكان ذلك تحفيزا ... مهما في الحياة، تعودت دوما أن أسعى لراحة البال والضمير، ولم أطلب من أحد عمل معي في الحكومة أن يقدم شهادة بي كرئيس سابق للوزراء.. لأني أؤمن أن التاريخ في لحظة قادر على فرز الأشياء وإبراز الحقائق، وأنا أسعى بعد رضى الله دوما لرضى الناس، لرضى الشعب الذي أنا منه، ونظرت لنفسي في المسئولية على أنني خادم له وأسعى أيضا لأن أكون عند حسن ظن الملك.
ونهاية أود أن أقول لك، أن صحفيا سألني قبل أشهر قليلة عن جولاتي التي أقوم بها والولائم التي أدعى لها ...والأحاديث التي أتشارك فيها مع الناس، وهل هي في إطار إعادة تأهيل الذات.. قلت له يومها: صدقني أن المتعة والراحة التي أحس بها مع الناس في مأدبا والسلط .... الكرك أو أية قرية نائية في الأردن، لا تعادلها متعة ...فنحن نتحدث بدون حواجز وبمكاشفة تامة، وننفس كل ذاك الغضب الذي يسكن فينا ...وهذه الجولات إذا قدر لي – والحديث موجه للصحفي – أن أصفها.. فسأقول لك، أنها ليست تأهيلا للذات بقدر ما هي تطويع للنفس أن تقبل الحزن وأن تتشارك مع الناس في الغضب والفرح.. والحاجة.
لقد كنت دوما أقرأ الآية الكريمة: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) دون أن أتبصر في معناها ...ولكني الآن أعرف معناها جيدا، وأدرك تمام الإدراك أن الأردني مدجج بكل كبرياء الأرض، حتى لو كان جائعا أو متعبا، أو مهمشا ...نحن شعب يملك كبرياء وعزة نفس، لا أظن أن أحدا في الأرض يملكها واسمح لي أن أختم حديثي لك بالآية الكريمة التي أقرأها دائما في سري- ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة). انتهى الاقتباس المنقول حرفيا.
أترك لكم التعليق على هذا الكلام الأكثر من رائع، ليعرف عامة الشعب منهج وعمل الرئيس الرفاعي أثناء توليه رئاسة مجلس الوزراء. ويكفينا قناعة بالرئيس الرفاعي، ثقة جلالة الملك به، وقوله في إحدى المناسبات؛ إن الرفاعي لم يعط الفرصة الكاملة -- لتقديم برنامجه الإصلاحي الشامل المبني على رؤى ملكيه بامتياز، فهو الأقرب إلى أفكار ورغبات، وأولويات سيد البلاد من اجل أردن شامخ ، قوي ومتماسك ، يحظى باحترام العالم اجمع.
فقد تكلم الرفاعي عن برنامج اصلاح اقتصادي فريد من نوعه ينطلق من رؤيا واضحة ومرتكزات جوهرية عمادها تخفيض عبء الضرائب التي اثقلت كاهل المواطنين وذلك من خلال زيادة حجم الاقتصاد الكلي في البلد انطلاقا من استقطاب الاستثمارات وتسهيل اجراءاتها؛ مما يهيئ فرصا كثيرة للباحثين عن العمل، ونشر ثقافة جديدة بين الشباب وزرع نزعة الطموح في أنفسهم بحيث يتحولون الى افراد منتجين وتشجيعهم على امتلاك زمام المبادرات من خلال دعم المشاريع الصغيرة، واشراكهم في العملية السياسية للدولة. وللمزيد من الاطلاع على البرنامج الاقتصادي ورؤية الرئيس الرفاعي، وتعليقه على الاوراق النقاشية لجلالة الملك يرجى مراجعة صفحته على الفيس بوك.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/13 الساعة 11:10