فلسطين - الجزائر ونهاية الاستعمار

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/22 الساعة 01:42
استدعى الفرنسيون، الجنرال ديغول من منفاه الاختياري في كولومبي شار، لرئيس حكومة الانقاذ الوطني وذلك بعد مجموعة الهزائم في الهند الصينية، وثورة الجزائر، ومشاركة بريطانيا واسرائيل في العدوان على مصر وإذلال الانسحاب من القناة وسيناء وغزة، ونصف الاستقلال الذي انجزته تونس والمغرب بعد نضال عنيد.

جاء الجنرال الى باريس كما جاءها من بريطانيا بعد نصر الحلفاء على النازية وتحرير فرنسا، ووضعها على قائمة «الدول المنتصرة»، وحين ادرك الجنرال سخافة المرحلة بعد الحرب، وتكالب الاحزاب على الحكم، انسحب الى منفاه الاختياري، لكنه هذه المرّة جاء ليبقى وخططه في التغيير كانت جاهزة في ذهنه.

تغيير الجمهورية التي شاخت واطلاق جمهوريته الخامسة عبر استفتاءات شعبية، وضع في دستورها رئيس الجمهورية المنتخب مباشرة من الشعب، واتاح للوعي الجديد «الاتحاد من اجل الجمهورية» أخذ مكان الاحزاب الفاشلة.

انهاء عهد الاستعمار في افريقيا والكاريبي برفع شعار «حرية تقرير المصير» وكانت أمامه المعضلة الكبرى: الجزائر، فهي كما يقول الدستور جزء من فرنسا في افريقيا، وهي متراس لمليون وربع المليون مستوطن فرنسي يسيطرون على الاقتصاد الذي كان زراعياً قبل النفط، وعلى مدن الجزائر، وكان إسم الجزائريين: المسلمين.

وقتها قال الجنرال كلمته: الجزائر ليست فرنسية، إنها جزائرية، ولكنه رفض اقتراح جبهة التحرير باجتماع رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة فرحات عباس بالجنرال ديغول وحل مشكل الاستعمار، لان الجزائر لا تشبه تونس ولا المغرب، انها حصيلة مائة وثلاثين عاماً من محاولة تغيير شخصية الشعب وتغيير حياته بوضعه في قالب الاستيطان.

كانت الجزائر كما يشير ديغول في كتابه «مذكرات الامل» – نتمنى ان يكون مترجماً – عقدة التغيير الداخلي (الجيش والاقدام السوداء) وعقدة الاستعمار الفرنسي، وقد ابتدأ باستفتاء الشعب الفرنسي: الجزائر جزائرية، ثم بانتخابات التمثيل المحلي للولايات المتحدة: الاتجاه الغلاّب للجزائريين المنتخبين مع الثورة وتقرير المصير .

أعادت لنا «مذكرات الأمل» الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، وتعاسة المطلب الاستعماري: فلسطين ارض اليهود.. تماماً كما كانت الجزائر فرنسية، والحل الوحيد هو تحويل الشعب الفلسطيني الى جالية عربية تعيش على أرض اسرائيل تماماً كالفرنسيين في الجزائر، وشعار الجزائر فرنسية.

.. الآن: لا يمكن لفاشي صغير اسمه نتنياهو ان يفهم التاريخ والحقيقة الكبرى كما فهمها العظيم الجنرال ديغول: فصاح في وجه الروح الفرنسية المنهارة: الجزائر ليست فرنسية، والمستوطنون لا يملكون شعب وارض الجزائر .

نتنياهو يقوم بدور اللص الذي يريد ان يسرق فلسطين كلها شعباً وارضا، وان يحولها الى فلسطين يهودية، وان يحل قضية الشعب والمصير باتفاقات مؤقتة، وحلول مؤقتة، الى ان يقنع الشعب الفلسطيني نفسه .. بالعبودية .

هل يعيد التاريخ نفسه؟ هل تجد اسرائيل من ينقذها من الكذبة الطوطمية الخرافية؟ كما انقذ ديغول فرنسا من كذبة الامبراطورية؟!.

ونقول لم تكن حرية الجزائر وقيام دولتها فعل ديغولي وانما كان ايضاً نتيجة ثورة عاصفة اطاحت بكل شيء كما اطاح الفيتناميون واللاوسيون والكمبوديون بالاستعمار الفرنسي .

ما أشبه الليلة بالبارحة، والبركة في شعب فلسطين الذي سيفتح عينيه على الحقيقة الوحيدة، والخيار الوحيد أمامه: القتال من أجل وطن من أجل فلسطين فلسطينية. الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/22 الساعة 01:42