الراجحي يكتب: حسبي الله ونعم الوكيل

مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/09 الساعة 13:43

د. مناور بيان الراجحي
رئيس قسم الاعلام - جامعة الكويت


في أثينا القديمة قام مجموعة من "المحامين" بابتداع واحتراف السفسطة، وظن البعض أن تأثير هؤلاء لن يكون إلا على مستوى بسيط؛ لكن للأسف كادت السفسطة تدمر المجتمع ككل، وتهدم القيم، وتخلط الحابل بالنابل، وتحول الظالم مظلوماً والمظلوم ظالماً، بالكثير من الادعاءات الكاذبة وتغيير مفاهيم المعاني والكلمات، وتحويلها من الحق إلى الباطل، ومن الباطل إلى الحق مستغلين قدراتهم اللغوية والجدلية في إقناع هيئات القضاء أو بمعنى أدق بتضليلها، ومن ثم كانت الكارثة الكبرى في ضياع الحقوق وانهيار منظومة العدالة في المجتمع، وهو ما أدى بدوره إلى قيام الفيلسوف سقراط بمواجهة هؤلاء ومحاورتهم وبيان زيف منطقهم وفلسفتهم حتى استطاع التغلب عليهم، وإعادة الأمور إلى نصابها، فهل لدينا من سقراط جديد؛ أم نكتفي بالقول "حسبنا الله ونعم الوكيل" في مزيفي الحقائق ومضللي العدالة؟!

"حسبي الله ونعم الوكيل" فيمن يحولون مهنة من أعظم المهن وهي المحاماة، إلى مهنة للنصب والاحتيال وأكل حقوق الناس بالباطل، وتدمير البيوت والمنازل، وضياع مستقبل الأسر والأطفال الصغار، "حسبي الله ونعم الوكيل" فيمن يجعلون هذه المهنة العظيمة التي هدفها خدمة العدالة ومناصرة المظلومين، مهنةً لتزييف الحقائق وقلب الأمور ونصرة الظالمين ودحر المظلومين، "حسبي الله ونعم الوكيل" فيمن يخالفون شرف المهنة، ويخونون شرف الكلمة، ويضللون العدالة، ويتكسبون أموالهم من أكل أموال الناس بالباطل ومخالفة الضمير المهني والأخلاقي والديني، "حسبي الله ونعم الوكيل" فهو الحكم العدل وهو على كل شيء قدير.

"حسبي الله ونعم الوكيل" في المؤسسات الباغية الظالمة، التي تتخذ من بعض العاملين في مجال المحاماة جسراً ووسيلة وأداةً لأكل أموال الناس بالباطل، وتدمير المستقبل، واستحلال الحرام، وطمس الحقائق، وإغفال الخطأ، وتجاوز وتجاهل التزوير، من أجل حماية مصالحهم الباطلة ومواقفهم المزورة، وأموالهم الربوية، التي تأكل من بيوت الناس ومن لحومهم وأرزاقهم.

"حسبي الله ونعم الوكيل" في كل من كتم كلمة الحق، وفي كل من أرجأ قول الحق وشهادة الحق، لأن المظلوم ليله طويل، وقلبه عليل، وبكاؤه ثقيل، ولا يعلم ما به إلا الله، فاللهم أنت حسبنا في كل الظالمين المضللين المغتصبين للحقوق، المضللين لمسيرة العدالة، المتلاعبين بمستقبل الناس ومصايرهم، الهادفين إلى الفساد والإفساد في المجتمعات. وأخيراً: أقول لك ولكل من يقلب الحقائق ويضيع الحقوق، سننتصر عليكم بحول الله وقوته، بعدها تعلمون أن المظلوم منصور من عند الله وأنتم تنظرون، وإذا دار الفلك ووقفنا مرة أخرى سأكرر ما رسمته على وجهك العفن مرة تلو مرة لتفيق مما أنت فيه من سفسطة، فأنا سقراط لكم بالمرصاد، والعبرة لمن يضحك في النهاية.

أرجوحة دعاء:

اللهم يا حكم يا عدل انصرني على من ظلمني، ورد إليّ حقي يا قوي يا عزيز يا منتقم يا جبار، اللهم إن علمك بحالي يغنيك عن سؤالي، ففرج كربي، وأبعد الهمّ والحزن عني، وأكرمني في بيتي وأولادي، واجعلني من عبادك الصالحين المتقين يا رب العالمين، اللهم أنت حسبي ووكيلي فأعني على الظالمين المزورين آكلي أموال الناس بالباطل، وهادمي الأسر والبيوت، اللهم أجر الحق على لساني، وأدم الخير والنور والعدل في قلبي وكياني، وألهمني الصبر والسلوان حتى أستعيد حقي يا أحكم الحاكمين، وأعدل الحاكمين يا الله.

أرجوحة مباركة:

نبارك لأهلنا في المملكة العربية السعودية احتفالاتهم الوطنية، أدام الله على مليكهم وحكومتهم وشعبهم وأرضهم المباركة بركاته ورحمته ورزقه ومغفرته، وحفظهم وجميع بلاد المسلمين ومن فيها من كل شر.

مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/09 الساعة 13:43