صور الحرامية: المحاذير القانونية والأخلاقية

مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/08 الساعة 01:10
تزخر واجهات وسائل الإعلام الإلكترونية والورقية هذه الأيام بصور"النشالين" واللصوص المتورطين في عمليات سطو شبه يومية على المحال التجارية والصيدليات ومن قبل البنوك. مصدر الصور جهاز الأمن العام، وهذا إجراء غير مسبوق من جانبه. مسؤول في الجهاز برّر الخطوة بالقول إنها وسيلة ردع للحد من جرائم السرقة والسطو التي تزايدت في الآونة الأخيرة، مع إقراره بتأثيراتها السلبية المحتملة على سمعة عائلات المتهمين. ليس مؤكدا بعدُ إن كان نشر الصور سيردع الأفراد عن ارتكاب السرقات وأعمال السطو. وسائل الإعلام المصرية على سبيل المثال رائدة في هذا المضمار، ولا تخلو صحيفة مصرية يوميا من صور المجرمين واللصوص، ورغم ذلك لم تثبت التجربة أن جرائم السرقة والسطو تراجعت في مصر طوال هذه السنوات. ما من "حرامي" يقدم على فعلته إلا وهو مقتنع بأنه سيفلت من العقاب، ولو كان غير ذلك لتردد ألف مرة قبل أن ينفذ جريمته. بعد نشر أول صورة للشاب الذي تورط في سرقة فرع بنك الاتحاد لم تتوقف عمليات السطو رغم الاستمرار في نشر صور مرتكبيها. ومن المؤكد أن سمعة عائلات المتهمين ستكون على المحك في مجتمع محكوم بثقافة وعادات تصنف بقسوة وتحاكم أرباب الأسر على أفعال يرتكبها أحد أفراد العائلة. لكن عائلة المتهم ليس لها ذنب وفي جميع الحالات تقريبا يشعر الأهل بالحرج والغضب من سلوك أبنائهم الإجرامي. ومن الناحية الأخلاقية يضاعف نشر الصور من معاناتهم ويحمّلهم مسؤولية أفعال لم يرتكبوها أو يجيزوا ارتكابها. أما البُعدُ القانوني فيبقى هو الآخر محل جدل بانتظار سماع رأي الخبراء القانونيين. بالنسبة لجهاز رسمي كالأمن العام قد لا يترتب على نشر الصور أي مسؤولية قانونية، لكن ماذا عن وسائل الإعلام المحكومة بقوانين تعاقبها على جرائم كالتشهير بالسمعة أو تعريض حياة أشخاص أبرياء ممن يرتبطون بصلة قرابة بالمتهمين. لو أن أحد أفراد أسرة متهم بسرقة صيدلية تعرض للفصل من وظيفته بعد نشر صورة شقيقه في صحيفة، فهل يحق له مقاضاة هذه الصحيفة؟ ماذا لو أن المحكمة برّأت متهما من جرم سرقة سوبر ماركت فهل يستطيع هذا المتهم البريء مقاضاة وسيلة الإعلام على نشر صورته عند توقيفه؟ لا شك أن هناك سوابق قضائية في هذا المجال، تعرضت فيها وسائل إعلام للملاحقة القانونية جراء نشر صور أشخاص لم تصدر بحقهم قرارات إدانة قطعية، لا بد للمؤسسات الإعلامية مراجعتها للتأكد من سلامة قراراتها بنشر الصور حاليا. في العالم المتقدم يصعب على وسائل الإعلام تجاوز المحاذير القانونية، وعادة ما تبادر لنشر الصور إذا كانت القضية تخص شخصيات عامة معروفة لا يمكن التغطية عليها. وفي العموم تختلف المعايير القانونية من دولة لأخرى. علينا هنا في الوسط الإعلامي أن نحدد بشكل قانوني دقيق ما إذا كان نشر صور المتهمين في جرائم السطو ينسجم ونصوص القانون أولا ومن بعد تقييم نجاعة هذا الأسلوب في ردع المجرمين والحد من جرائمهم. الغد
  • يومية
  • المتهمين
  • أعمال
  • صحيفة
  • صورة
  • ثقافة
  • معان
  • قانون
  • قوانين
  • محكمة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/08 الساعة 01:10