الشعارات الانتخابية.. بعد تسلم المسؤولية
مدار الساعة ـ نشر في 2016/11/20 الساعة 02:27
أحمد ذيبان
انتخاب دونالد ترامب رئيسا لأميركا بطروحاته المتطرفة، تسبب بموجة قلق واسعة في الاوساط السياسية الدولية، وربما كانت مخاوف العرب أكثر من غيرهم ، بحكم علاقاتهم المضطربة مع واشنطن، وعكس ذلك تصريح لافت لترامب حول نظرته للعلاقات مع دول الخليج ، التي قال أنها « بدون أميركا غير موجودة « ، وأنها يجب أن تدفع مقابل ذلك ، مذكرا أن بلاده مدينة بنحو «19 « تريليون دولار وهو بذلك يلوح بابتزازها ، والأرضية ممهدة أمامه من خلال قانون» جاستا» ،الذي يسمح لأهالي ضحايا تفجيرات 11 سبتمبر ، بمقاضاة السعودية ومسؤوليها ، وأقره الكونغرس متحديا « فيتو» أوباما.
ومع ذلك فإن الكثير من الشعارات والمواقف ،التي يطرحها المرشحون للمواقع السياسية ، خلال حملاتهم الانتخابية تكون غير واقعية ، وبعضها يكون متطرفاً وعنصرياً ، ويحضرني في هذا الصدد بعض قادة حزب الليكود الصهيوني، الذين كانوا يوصفون بالمتطرفين ، وكان الانطباع السائد أن وصولهم للحكم في اسرائيل يعني أمرا جللا ، مثل مناحين بيغن–الذي وقع أول معاهدة صلح مع دولة عربية هي مصر- ، وخليفته شامير، ثم شارون الذي اتخذ قرار إخلاء قطاع غزة من المستوطنات ،ونتنياهو وليبرمان..الخ ، لكن بعد وصول هؤلاء للحكم لم يختلفوا كثيرا، في نظرتهم وتعاطيهم مع ملف القضية الفلسطينية وعلاقاتهم مع العرب ، في شن الحروب وارتكاب الجرائم ،وزرع الاراضي الفلسطينية بالمستوطنات وتهويد المقدسات في القدس، عن أولئك الذين يوصفون بـ«الاعتدال ».
وأبلغ نموذج على ذلك يمكن الاستشهاد به ، « شمعون بيريز» صاحب السجل الحافل في ارتكاب المجازر، وتكريس الاحتلال وصاحب فكرة المشروع النووي والاستيطان ، ومع ذلك كان الكثيرون من الفلسطينيين والعرب، يتوهمون أنه «حمامة سلام « وبعضهم بكى في جنازته.
ثمة «خطوط حمراء» أصبحت راسخة الى حد كبير، في السياسة والثقافة الغربية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية والقضاء على النظام النازي، وأهم تلك الخطوط رفض ظهور حركات مشابهة للنازية ، وقد استثمرت الحركة الصهيونية هذا الواقع، لجهة ممارسة الضغوط والابتزاز لمواصلة ترهيب المجتمعات والحكومات الغربية ،والحصول على الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري، باستخدام ذريعة «المحرقة» ! والتحذير من فزاعة الارهاب و«التطرف الاسلامي».
وكان من تداعيات هجمات 11 سبتمبر ، انتشار ظاهرة « الاسلامفوبيا « في دول الغرب ،وكان من إفرازاتها اجتماع أحزاب اليمين الأوروبي المتطرف في مدينة أنفير البلجيكية عام 2008 ، وإعلانها تأسيس منظمة جديدة ،تهدف إلى مكافحة ما أسمته بـ«الأسلمة» في أوروبا.
انتخاب ترامب أنعش اليمين الأوروبي ، وقد سارعت زعيمة الحزب اليمين الفرنسي«لوبان» لتهنئته ، وربما تكون بريطانيا أكبر دولة مرتاحة لانتخاب ترامب ، وهو الذي عبر صراحة عن تأييده لقرارها الخروج من الاتحاد الاوروبي. لكن بغض النظر عن شعارات ترامب ، فان هناك ثوابت في العقل الجمعي الغربي ، وسياسيات استراتيجية وكوابح تفرضها المؤسسات.
ويمكن التذكير بما حدث في النمسا عام ألفين، عندما تشكلت حكومة ائتلافية يمينية ، بين حزب الحرية بزعامة « يورغ هايدر» ، وحزب الشعب بزعامة وولف شوسيل ،مما سبب ضجة ضخمة داخل النمسا والقارة الأوروبية. فقرر زعماء دول الاتحاد الأوروبي وقف كافة أشكال التعاون مع الحكومة الائتلافية الوليدة بالنمسا، وصار الشعور العام عند دول كثيرة بأن «الحاجز الوقائي»، ضد أي تحالف مع الأحزاب اليمينية المتطرفة ،والمعمول به في أوروبا الغربية منذ عام 1945 قد انتهك.
كان «هايدر» يتعرض للهجوم بسبب امتداحه الحزب النازي ، وكان يوصف بـ«معاداة للسامية» ! لانتقاده اليهود بشدة ، وقد تعرض للتجسس من قبل «الموساد»، بواسطة أحد المقربين منه ، الذي جمع معلومات عن محادثات مثيرة للجدل مع بعض الزعماء العرب ، ونتيجة للضغوط الاوروبية واليهودية ، تنحى «هايدر» في نهاية عام ألفين عن قيادة الحزب ، لتهدئة الانتقادات الخارجية للنمسا. المصدر: الرأي
ومع ذلك فإن الكثير من الشعارات والمواقف ،التي يطرحها المرشحون للمواقع السياسية ، خلال حملاتهم الانتخابية تكون غير واقعية ، وبعضها يكون متطرفاً وعنصرياً ، ويحضرني في هذا الصدد بعض قادة حزب الليكود الصهيوني، الذين كانوا يوصفون بالمتطرفين ، وكان الانطباع السائد أن وصولهم للحكم في اسرائيل يعني أمرا جللا ، مثل مناحين بيغن–الذي وقع أول معاهدة صلح مع دولة عربية هي مصر- ، وخليفته شامير، ثم شارون الذي اتخذ قرار إخلاء قطاع غزة من المستوطنات ،ونتنياهو وليبرمان..الخ ، لكن بعد وصول هؤلاء للحكم لم يختلفوا كثيرا، في نظرتهم وتعاطيهم مع ملف القضية الفلسطينية وعلاقاتهم مع العرب ، في شن الحروب وارتكاب الجرائم ،وزرع الاراضي الفلسطينية بالمستوطنات وتهويد المقدسات في القدس، عن أولئك الذين يوصفون بـ«الاعتدال ».
وأبلغ نموذج على ذلك يمكن الاستشهاد به ، « شمعون بيريز» صاحب السجل الحافل في ارتكاب المجازر، وتكريس الاحتلال وصاحب فكرة المشروع النووي والاستيطان ، ومع ذلك كان الكثيرون من الفلسطينيين والعرب، يتوهمون أنه «حمامة سلام « وبعضهم بكى في جنازته.
ثمة «خطوط حمراء» أصبحت راسخة الى حد كبير، في السياسة والثقافة الغربية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية والقضاء على النظام النازي، وأهم تلك الخطوط رفض ظهور حركات مشابهة للنازية ، وقد استثمرت الحركة الصهيونية هذا الواقع، لجهة ممارسة الضغوط والابتزاز لمواصلة ترهيب المجتمعات والحكومات الغربية ،والحصول على الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري، باستخدام ذريعة «المحرقة» ! والتحذير من فزاعة الارهاب و«التطرف الاسلامي».
وكان من تداعيات هجمات 11 سبتمبر ، انتشار ظاهرة « الاسلامفوبيا « في دول الغرب ،وكان من إفرازاتها اجتماع أحزاب اليمين الأوروبي المتطرف في مدينة أنفير البلجيكية عام 2008 ، وإعلانها تأسيس منظمة جديدة ،تهدف إلى مكافحة ما أسمته بـ«الأسلمة» في أوروبا.
انتخاب ترامب أنعش اليمين الأوروبي ، وقد سارعت زعيمة الحزب اليمين الفرنسي«لوبان» لتهنئته ، وربما تكون بريطانيا أكبر دولة مرتاحة لانتخاب ترامب ، وهو الذي عبر صراحة عن تأييده لقرارها الخروج من الاتحاد الاوروبي. لكن بغض النظر عن شعارات ترامب ، فان هناك ثوابت في العقل الجمعي الغربي ، وسياسيات استراتيجية وكوابح تفرضها المؤسسات.
ويمكن التذكير بما حدث في النمسا عام ألفين، عندما تشكلت حكومة ائتلافية يمينية ، بين حزب الحرية بزعامة « يورغ هايدر» ، وحزب الشعب بزعامة وولف شوسيل ،مما سبب ضجة ضخمة داخل النمسا والقارة الأوروبية. فقرر زعماء دول الاتحاد الأوروبي وقف كافة أشكال التعاون مع الحكومة الائتلافية الوليدة بالنمسا، وصار الشعور العام عند دول كثيرة بأن «الحاجز الوقائي»، ضد أي تحالف مع الأحزاب اليمينية المتطرفة ،والمعمول به في أوروبا الغربية منذ عام 1945 قد انتهك.
كان «هايدر» يتعرض للهجوم بسبب امتداحه الحزب النازي ، وكان يوصف بـ«معاداة للسامية» ! لانتقاده اليهود بشدة ، وقد تعرض للتجسس من قبل «الموساد»، بواسطة أحد المقربين منه ، الذي جمع معلومات عن محادثات مثيرة للجدل مع بعض الزعماء العرب ، ونتيجة للضغوط الاوروبية واليهودية ، تنحى «هايدر» في نهاية عام ألفين عن قيادة الحزب ، لتهدئة الانتقادات الخارجية للنمسا. المصدر: الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2016/11/20 الساعة 02:27