ماذا لو سمعنا رواية الذئب بدل ليلى ؟
طوال عمرنا ونحن نستمع الى قصة ليلى والذئب مروية على لسان الفتاة ليلى, ولم نحقق العدالة حسب المعايير الجديدة للعدالة بأن نسمع الرواية على لسان الذئب, فلربما ينعدل الميزان وتتحقق العدالة كون الحُكم يجب ان يصدر بعد الاستماع الى طرفين, ولربما يساهم هذا السلوك الجديد في تطوير عقلنا الجمعي الذي اعتاد ان يستمع الى ما يريد , فخسرنا الكثير من الفرص وكسب خصومنا الكثير من الفرص, ففي القضية الفلسطينية نستمع نحن العرب الى رواية ليلى الفلسطينية في حين ان المجتمع الغربي يستمع الى رواية الذئب الصهيوني, ونتيجة لاختلال العقل العربي الذي يحاور نفسه ونفسه, نجح الذئب في تسويق روايته وها هي النتائج الكونية تقول ذلك, فصفقة القرن مبنية على رواية الذئب والغاء الاونروا كذلك.
غرينلانت المبعوث الامريكي لعملية السلام يروي بمهارة قصة ليلى والذئب على لسان الذئب, فهو يريد الغاء وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين” (أونروا)، ويقول في لقاء مع سفراء الدول الاوروبية إ”لا يُعقل أن تظل الوكالة تعمل إلى أبد الدهر، يجب أن نضع تاريخاً محدداً لعملها”، معتبراً أن الأجيال الجديدة من اللاجئين ليست لاجئة لأنها ولدت في أرض جديدة, وقال: “ندعم الوكالة، لكن ليس إلى الأبد، نريد تاريخَ نهاية محدداً، ومستعدون للالتزام به” ويقول اكثر, ان الفلسطينيين ليسوا طرفاً مقرِراً في صفقة القرن، والخطة الجاري إعدادها هي خطة للإقليم, الفلسطينيون طرف فيها، لكنهم ليسوا الطرف المقرِر، بل الإقليم, ونقل عنه أحد المشاركين في اللقاء قوله، إن الطبخة على النار، ولم يتبق سوى إضافة القليل من الملح والبهارات .
الذئب روى روايته الى الغرب بمعزل عنا, واستمع له الغرب لعقود طويلة ونحن نحاور انفسنا, نقول تحت الكاميرات عكس ما نقوله امامها والدليل ان كل القرارات لم تصل الى مرحلة التطبيق, أيُعقل ان قرارات القمم العربية كلها معطلة وغير قابلة للتنفيذ؟, أم اننا سمعنا رواية الذئب واقتنعنا بها رسميا وتركنا الشعوب تتداول رواية ليلى بيقين صادم ؟ حتى منظمة التحرير الفلسطينية وافقت على ثلثي رواية الذئب بدليل موافقتها على قرار المرحلة الذي يعني اقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 , فلماذا يقبل الذئب موافقة واضحة على ثلثي الرواية طالما انه قادر على الحصول على اعتراف بكامل الرواية من الاطراف التي تناصره وتدعمه منذ وفاة الجدة فلسطين وحتى تاريخه, أو ليس اعلان شهادة وفاة الانروا هو اعلان شهادة الجدة نفسها وقبول رواية الذئب ؟
أخشى ان يتم تعميق وتثقيف رواية الذئب وتصبح هي الرواية القياس لكل تفاصيل حياتنا خاصة وان هناك من يسعى الى تثبيت اننا شعوب تتبطر على النعمة وتسرف في تصديق ذاتها حتى في الانفاق اليومي والموازنات الأسرية, بدليل سلوكها المناقض لاقوالها, فنحن نشكو الفقر ونقبل على شراء كل السلع الباهظة الثمن, نتحدث عن الخدمات وعدالتها ونسعى الى واسطة في التعيين والترخيص وحتى في الحصول على الهوية الجديدة بدون الالتزام بنظام الدور , ونلقي النفايات ونطلب النظافة , نبيع صوتنا ونقاطع الانتخابات, ثم نندب حظنا في برلمان لا يمثلنا, نهاجم الحكومة ونتمى ان يقبل اي عضو فيها دعوتنا على وليمة نثبت فيها نفوذنا وقوتنا.
من يرَ واقع العواصم وحجم الانقسام العربي العربي والوطني الوطني, يقبل رواية الذئب ويطعن في كل رواية ليلى العربية وليس الفلسطينية فقط.
omarkallab@yahoo.com
الدستور