مركز أردني يعد تقريراً عن اتجاهات الإرهاب العالمي.. ماذا توقع؟
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/01 الساعة 22:21
مدار الساعة - رصد - توقع تقرير أردني أن يبقى خطر التطرف الديني والارهاب ( ذي الإيديولوجيا الإسلاموية) التحدي الأول للدول والمجتمعات خلال العقد القادم.
وقال التقرير إنه في الوقت الذي سيبقى الشرق الأوسط هو الساحة الأكثر عرضة للإرهاب وانتشار ثقافة التطرف الديني، إلا أن العالم كله سيكون عرضة لهذا الخطر خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية وروسيا وجنوب شرق أسيا وأستراليا .
وجاء في التقرير السنوي لاتجاهات الإرهاب العالمي لعام 2017، والذي أعده مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والارهاب، ومشرفه الدكتور سعود الشَرَفات:
– هناك جدل وخلافات واسعة بين أوساط المهتمين بظاهرة الإرهاب في كيفية تكمّية وقياس (Quantifying) الإرهاب أو خطر الإرهاب، والأوزان النسبية للمؤشر العام للإرهاب واتجاهاته. المؤشر المتعارف عليه يقيس (العدد الكلي للقتلى، العدد الكلي للعمليات الإرهابية، العدد الكلي للإصابات، وإجمالي حجم الخسائر في الممتلكات). ونظراً لعدم وجود مؤشر عربي للإرهاب، وعملنا المستمر والمضني في مركز شُرُفات لمحاولة بناء هذا المؤشر، فأننا نركز في تقريرنا هنا على رصد لاتجاهات الإرهاب العالمي وهذا هو أول تقرير لمركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والارهاب حول اتجاهات الإرهاب. يتناول التقرير الاتجاهات المهمة لظاهرة الإرهاب العالمي في حقبة العولمة المعاصرة لعام 2017م والتوقعات المستقبلية لعام 2018م في مجالات : عدد الخسائر البشرية وجحم الخسائر المادية ، أساليب الإرهاب ، أنواع الإرهاب ، الأيديولوجيا ،الانتشار و التوسع الجغرافي ،استخدام التكنولوجيا، الاستراتيجيات والتكتيكات ، الأسلحة المستخدمة ، طبيعة الأهداف . ويتناول التقرير الساحة العالمية بشكل كلاني بدون تقسيم جغرافي للمناطق والدول من منطلق منهجية المركز في كيفية معالجة محتوى التقرير من منظور عولمي يتخطى الزمكان .ذلك أنّ
زيادة العولمة—-> زيادة مساحة ميدان الصراع —-> تسهيل العمليات الإرهابية وزيادتها—-> زيادة الحاجة إلى فهم الظاهرة ومكافحة مخاطر الإرهاب. ورغم ذلك سيتم للتوضيح الإشارة الى بعض المناطق التي شكلت بؤراً مميزة للظاهرة خاصة في الشرق الأوسط (سوريا ، العراق ، اليمن ). الاتجاه الأول : هو الزيادة السنوية المتصاعدة خلال نصف القرن الماضي تقريبا، منذ 1970-2017م لعدد لعمليات الإرهابية، وعدد الخسائر في الأرواح، وعدد الإصابات، والخسائر المادية، علماً بأن هناك عدداً من المنهجيات لإحصاء هذه الخسائر ؛ ونحن هنا اعتمدنا كما هو واضح ” قاعدة بيانات الإرهاب العالمي” التابع لجامعة ميرلاند الأمريكية .أنظر الرابط أدناه:
A chart plotted from the data in the GTD. A total of 170,350 incidents are plotted.
Phoenix7777 – Own work Data source: *National Consortium for the Study of Terrorism and Responses to Terrorism. (2017). Global Terrorism Database (globalterrorismdb_0617dist.xlsx). Retrieved from https://www.start.umd.edu/gtd University of Maryland *National Consortium for the Study of Terrorism and Responses to Terrorism. (2017). Global Terrorism Database (gtd1993_0617dist.xlsx). Retrieved fromhttps://www.start.umd.edu/gtd University of Maryland. ولتوضيح هذا الاتجاه الخطير نشير بشكل ٍ إحصائي –كمي الى ما يلي: سجل عام 2014 م الاتجاه الأسوأ في تاريخ مؤشرات الإرهاب حيث تعرضت (93) دولة أي ما نسبته (57%) من دول العالم للإرهاب. و يعتبر هذا أعلى معدل للعمليات الإرهابية خلال الـ(16) عاما الماضية و راح ضحيتها ما مجموعه (32765) شخصاً. وهذا يعني أن أكثر من نصف دول العالم تعرض للإرهاب ، ويعني كذلك المدى والنطاق الذي وصل اليه الإرهاب كظاهرة عولمية متخطية للحدود الوطنية وبالتالي فأنه خطر بحاجة ماسة للحماية منه .فقد ارتفع عدد الدول التي شهدت اكبر عدد من قتلى الإرهاب ارتفاعا من (17) دولة فقط عام 2014م الى (23) دولة عام 2015م وارتفعت نسبة قتلى الإرهاب في دول “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” عام 2015م (التي تتكون من (34) في العالم بين الغنية والفقيرة) إلى نسبة صاعقة حيث بلغت (577) قتيل معظمها في فرنسا وتركيا، فيما كانت تبلغ (77) قتيلاً عام 2014. ولقد شهدت (21) دولة من المنظمة عملية إرهابية واحدة على الأقل . أما الخسائر المادية ،فتشير الإحصائيات إلى أن خسائر الاقتصاد العالمي نتيجة العمليات الإرهابية بلغت عام 2015م ما مجموعه (122) بليون دولار أمريكي . الاتجاه الثاني : وهو تراكمي وخطير جدا بالنظر الى أنه اصبح (اتجاه عظيم )شبه ظاهرة حيث تحول شكل الإرهاب المعاصر الى ما يطلق عليه الآن في أدبيات الظاهرة “الإرهاب الإسلامي” بالنظر الى الجماعات والمنظمات الإسلاموية التي تدعي ؛ وترفع شعار الإسلام وتحديدا منذ ظهور تنظيم القاعدة 1988م . وقد سبق ذلك دورات من الإرهاب كان يأخذ صبغات يسارية ، وفوضوية ، وقومية وهذا يعني أن الإرهاب العالمي أخذ صبغة اسلاموية منذ ثلاثة عقود وما زال مستمرا حتى الآن 2018م. ويتوقع أن يستمر خلال العقد القادم على أقل تقدير. الاتجاه الثالث: هناك فجوة واسعة ومخيفة بين تهديد الإرهاب، والرد الجماعي عليه في مختلف الدول التي تعرضت للإرهاب. وأن تهديدات الإرهاب تمت بشكل كبير الحجم في الأعداد ، والمدى الجغرافي ، والمنهجيات الجديدة ، واستغلال أدوات العولمة التكنولوجية . والاتجاه الرابع : هو تحول الإرهاب خاصة على يد تنظيم داعش ، الى مكون من مكونات الحرب التقليدية والعمليات العسكرية كما في سوريا والعراق تحديدا . طبعاً؛ يمكن القول بأنه سبق داعش في هذا التكتيك والأساليب جماعات ومنظمات يسارية وقومية مثل حركة تحرير التاميل إيلام في سيرلانكا ، والفارك في كولومبيا قبل أن تتخلى هذه الجماعات عن استخدام السلاح وتدخل في العملية السياسية. الاتجاه الخامس: تحوّل الإرهاب المعاصر الى أداة من أدوات تنفيذ الساسة الخارجية للدول في العالم ، بحيث يمكن القول أن معظم الدول المنخرطة في” التحالف العالمي ضد الإرهاب” ، وغيرها من الدول المهددة بالعمليات الإرهابية سواء من داعش أو القاعدة أو الجماعات القومية الدينية والفاشية والنازية المتطرفة في أمريكا وأوروبا لها علاقات استخبارية واتصالات سرية مع الجماعات الإرهابية لضمان مصالحها وتنفيذ سياساتها. الاتجاه السادس: تحول تنظيم داعش ؛رغم القضاء عليه عسكريا في سوريا والعراق ، الى التنظيم الأكثر رعبا وتوحشاً في العالم سواء في المدى الجغرافي الذي وصل اليه أو في عدد العمليات الإرهابية التي نفذها في مدن العالم أو في استخدامه لآليات العولمة التكنولوجية في عمليات القتل والتدمير والوصول والدعاية والتجنيد وجمع التبرعات ،فجغرافيا توسع نطاق إرهابه العالمي وانتشر لينشط في( 28) دولة في العالم عام 2015م بعد أن كان ينشط في (13) دولة فقط في العالم عام 2014م ،و نفذ عمليات إرهابية في (252) مدينة في العالم وكان مسؤولا ً عن مقتل ما مجموعة (6141) شخصاً خلال عام 2015م. وكان مسؤولاً عن نصف عدد قتلى الإرهاب في دول “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” عام 2015م والبالغ عددها (577) قتيلاً. الاتجاه السابع: ارتباط الإرهاب المعاصر بموجات كبيرة من اللجوء والنزوح الداخلي والخارجي والهجرة القسرية . ويتجلى هذا بموجات الهجرة واللجوء المرعبة من سوريا ،والعراق، واليمن، والصومال، نيجيريا، الفلبين ، بورما، وكولومبيا ،الى نصف الكرة الغربي في أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية و وأستراليا في أكبر عملية عولمة ثقافية في التاريخ المعاصر لسيرورة العولمة . الاتجاه الثامن : هناك علاقة و ارتباط قوي بين وجود الإرهاب في دولة ما و مستويات الصراعات والعنف السياسي ، والشعور بالظلم في تلك الدولة ، حيث أن ما نسبته 90% من العمليات الإرهابية في العالم تقع ضمن نطاق الدول التي تعاني من تلك المشاكل. و هناك علاقة وارتباط قوي في الدول النامية بين : وجود الإرهاب ، ومستويات الفساد ، الصراعات السياسية مستويات قبول الآخرين ، وعدم المساوة بين مكونات المجتمع والجماعات المكونة له. الاتجاه التاسع : هناك جهد كبير تبذله الحكومات الغربية ، والعربية والإسلامية للتخفيف من خطر الإرهاب والإشارة الممنهجة ( على الأقل في الغرب) من أن الإرهاب نوع من العنف السياسي المركز والمحصور في (5) بؤر وهي بالمناسبة جميعها إسلامية (العراق ، أفغانستان ، نيجيريا ، باكستان ، وسوريا) . وأن 72% من إجمالي عدد قتلى الإرهاب عام 2015م هم من هذه الدول. ثم أن هناك( 4) جماعات إرهابية وكلها إسلامية وهي : داعش بكوحرام ، القاعدة ، طالبان أفغانستان وباكستان مسؤولة عن ما نسبته (74%) من أجمالي عدد القتلى نتيجة الإرهاب في العالم عام 2015م. الاتجاه العاشر : التوسع باستخدام آليات العولمة التكنولوجية ، وتحول الإرهاب الى ظاهرة تحكمها الشبكات ،حيث أدّى التطور في ميكانزمات العولمة التكنولوجية إلى التسارع التكنولوجيّ من خلال التوسع باستخدام مخرجات التكنولوجيا الحديثة، ورخص كلفة هذه المخرجات وقلتها، الأمر الذي أدّى في المحصلة إلى نوع من فقدان السيطرة على التكنولوجيا، إذ زوّدت الشبكات الإرهابية عبر العالم بأدوات إرهابية لا حصر لها على الإطلاق، بحيث أصبحت هذه الشبكات الإرهابية قادرة على ابتزاز الدول الكبرى، وخلقت مأزقاً لهذه الدول في كيفية مكافحة الإرهاب، وكيفية التعاطي مع ميكانزمات العولمة التكنولوجية المتسارعة، الأمر الذي بات يطرح أسئلة كبرى حول مستقبل النظام العالمي ، ومفهوم قيم راسخة مثل : الأمن ، والحرية والخصوصية ، والتسامح ، والثقافة ، والتثاقف أو المثاقفة ، ونقل التكنولوجيا في ظل العولمة. و يمثّل هذا التطور أحد أهمّ الاتجاهات المعاصرة والمستقبلية في دراسة الإرهاب وسيرورة العولمة خاصة آلياتها التكنولوجية ؛ لما يكتنفه من أهمية وخطورة على مستقبل العلاقات الدولية، والعالمية ، ذلك أنّ ثورة المعلومات غيّرت “من الأدوار التي كانت تلعبها مختلف الأطراف الفاعلة في العلاقات الدولية، الأمر الذي أدّى إلى الحصول على نتائج متضاربة، وأثبتت الأحداث حتى الآن أنها كانت لمصلحة الأطراف الفاعلة من غير الدول وبخاصة شبكات الإرهاب مثل داعش. الاتجاه الحادي عشر : زيادة خطر مؤشرات العولمة التكنولوجية، وبخاصة استخدام أسلحة الدمار الشامل(WMD) وزيادة في اتجاه العمليات الإرهابية ضد تأثيرات العولمة نفسها (Impact Of Globalization)، لكنّ أخطر هذه الاتجاهات، (من وجهة نظرنا) لأنه الأقرب، والأسهل للتنفيذ، يتمثل فيما باتت تسميه الأبحاث الأمنية – الاستخبارية، والبحثية المتخصصة “بإرهاب الشبكات:(Cyber Terrorism).الذي كان على راس أجندة مؤتمر دافوس كانون ثاني 2018م.
هذا يعني ؛ أن التسارع التكنولوجيّ (أو مؤشر العولمة التكنولوجي ) كان عاملا حاسما في تسارع ظاهرة الإرهاب، حيث نجحت منظمات وشبكات الإرهاب(المدربة، المتعلمة، المغامرة) مثل داعش حتى الآن في أن تستخدم آخر مخرجات التكنولوجيا الحديثة لمصالحها الخاصة، وأن تتكيف مع مراحل التطور التكنولوجيّ بسهولة أكبر من تكيف الدول، وحتى الأطراف الفاعلة الأخرى من غير الدول، مثل: المنظمات والمؤسسات و الشركات المتخطية للحدود، التي قد تصطدم بحواجز التكاليف والبيروقراطية الإدارية.
ونعتقد ؛ بأن أهم مؤشر أو مظهر في هذا المجال هو نجاح الشبكات الإرهابية في بناء مواقع الإنترنت على الشبكة العالمية، وليس هذا فحسب بل إدامة صيانتها، وتشفيرها، ثم إعادة تشفيرها باستمرار عندما تتعرض للهجوم من أجهزة مكافحة الإرهاب. الاتجاه الثاني عشر: كثرة الفتوى الدينية التي تدين التطرف الديني العنيف وتحرم الإرهاب في العالمين العربي والإسلامي؛ وتصف الإرهابيين بالخوارج ؛ مقابل قلة تأثير ، وأهمية هذه الفتاوى في محاربة التطرف الديني العنيف والارهاب الذي يرتكب باسم الإسلام سواء تحت لواء الجهاد أو إقامة الخلافة . الاتجاه الثالث عشر : زيادة الاهتمام العالمي بظاهرة الإرهاب الاسلاموي خاصة بعد بروز تنظيم داعش،علماً بأن هذا الاتجاه بدأ أساسا مع صعود نجم تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 أيلول 2001م ، لكنه بلغ الذروة مع تنظيم داعش . ويتجلى هذا الاهتمام في مجالات اهتمام ومتابعة الأجهزة الاستخبارية في العالم ، وسائل الإعلام العالمية ، ومراكز الدراسات والبحوث ، ولاكاديميا في حقول السياسة والعلاقات الدولية ، ونظريات العولمة ، والدراسات الأمنية والاستخبارية ، والاجتماع ، وعلم النفس . الاتجاه الرابع عشر : مرتبط بسيرورة العولمة حيث يلاحظ زيادة في عدد الجماعات الإرهابية غير المعروفة ذلك أنه تم رصد ما مجموعة (274) جماعة إرهابية غير معروفة في العالم نفذت أعمال إرهابية عام 2015م ، لكن (103) منها لم تؤدِ إلى قتل أحد. خلاصــة – نتوقع ؛ أن يبقى خطر التطرف الديني والارهاب ( ذو الإيديولوجيا الإسلاموية ) التحدي الأول للدول والمجتمعات خلال العقد القادم . وفي الوقت الذي سيبقى الشرق الأوسط هو الساحة الأكثر عرضة للإرهاب وانتشار ثقافة التطرف الديني ، إلا أن العالم كله سيكون عرضة لهذا الخطر خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية وروسيا وجنوب شرق أسيا وأستراليا .
– هناك جدل وخلافات واسعة بين أوساط المهتمين بظاهرة الإرهاب في كيفية تكمّية وقياس (Quantifying) الإرهاب أو خطر الإرهاب، والأوزان النسبية للمؤشر العام للإرهاب واتجاهاته. المؤشر المتعارف عليه يقيس (العدد الكلي للقتلى، العدد الكلي للعمليات الإرهابية، العدد الكلي للإصابات، وإجمالي حجم الخسائر في الممتلكات). ونظراً لعدم وجود مؤشر عربي للإرهاب، وعملنا المستمر والمضني في مركز شُرُفات لمحاولة بناء هذا المؤشر، فأننا نركز في تقريرنا هنا على رصد لاتجاهات الإرهاب العالمي وهذا هو أول تقرير لمركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والارهاب حول اتجاهات الإرهاب. يتناول التقرير الاتجاهات المهمة لظاهرة الإرهاب العالمي في حقبة العولمة المعاصرة لعام 2017م والتوقعات المستقبلية لعام 2018م في مجالات : عدد الخسائر البشرية وجحم الخسائر المادية ، أساليب الإرهاب ، أنواع الإرهاب ، الأيديولوجيا ،الانتشار و التوسع الجغرافي ،استخدام التكنولوجيا، الاستراتيجيات والتكتيكات ، الأسلحة المستخدمة ، طبيعة الأهداف . ويتناول التقرير الساحة العالمية بشكل كلاني بدون تقسيم جغرافي للمناطق والدول من منطلق منهجية المركز في كيفية معالجة محتوى التقرير من منظور عولمي يتخطى الزمكان .ذلك أنّ
زيادة العولمة—-> زيادة مساحة ميدان الصراع —-> تسهيل العمليات الإرهابية وزيادتها—-> زيادة الحاجة إلى فهم الظاهرة ومكافحة مخاطر الإرهاب. ورغم ذلك سيتم للتوضيح الإشارة الى بعض المناطق التي شكلت بؤراً مميزة للظاهرة خاصة في الشرق الأوسط (سوريا ، العراق ، اليمن ). الاتجاه الأول : هو الزيادة السنوية المتصاعدة خلال نصف القرن الماضي تقريبا، منذ 1970-2017م لعدد لعمليات الإرهابية، وعدد الخسائر في الأرواح، وعدد الإصابات، والخسائر المادية، علماً بأن هناك عدداً من المنهجيات لإحصاء هذه الخسائر ؛ ونحن هنا اعتمدنا كما هو واضح ” قاعدة بيانات الإرهاب العالمي” التابع لجامعة ميرلاند الأمريكية .أنظر الرابط أدناه:
A chart plotted from the data in the GTD. A total of 170,350 incidents are plotted.
Phoenix7777 – Own work Data source: *National Consortium for the Study of Terrorism and Responses to Terrorism. (2017). Global Terrorism Database (globalterrorismdb_0617dist.xlsx). Retrieved from https://www.start.umd.edu/gtd University of Maryland *National Consortium for the Study of Terrorism and Responses to Terrorism. (2017). Global Terrorism Database (gtd1993_0617dist.xlsx). Retrieved fromhttps://www.start.umd.edu/gtd University of Maryland. ولتوضيح هذا الاتجاه الخطير نشير بشكل ٍ إحصائي –كمي الى ما يلي: سجل عام 2014 م الاتجاه الأسوأ في تاريخ مؤشرات الإرهاب حيث تعرضت (93) دولة أي ما نسبته (57%) من دول العالم للإرهاب. و يعتبر هذا أعلى معدل للعمليات الإرهابية خلال الـ(16) عاما الماضية و راح ضحيتها ما مجموعه (32765) شخصاً. وهذا يعني أن أكثر من نصف دول العالم تعرض للإرهاب ، ويعني كذلك المدى والنطاق الذي وصل اليه الإرهاب كظاهرة عولمية متخطية للحدود الوطنية وبالتالي فأنه خطر بحاجة ماسة للحماية منه .فقد ارتفع عدد الدول التي شهدت اكبر عدد من قتلى الإرهاب ارتفاعا من (17) دولة فقط عام 2014م الى (23) دولة عام 2015م وارتفعت نسبة قتلى الإرهاب في دول “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” عام 2015م (التي تتكون من (34) في العالم بين الغنية والفقيرة) إلى نسبة صاعقة حيث بلغت (577) قتيل معظمها في فرنسا وتركيا، فيما كانت تبلغ (77) قتيلاً عام 2014. ولقد شهدت (21) دولة من المنظمة عملية إرهابية واحدة على الأقل . أما الخسائر المادية ،فتشير الإحصائيات إلى أن خسائر الاقتصاد العالمي نتيجة العمليات الإرهابية بلغت عام 2015م ما مجموعه (122) بليون دولار أمريكي . الاتجاه الثاني : وهو تراكمي وخطير جدا بالنظر الى أنه اصبح (اتجاه عظيم )شبه ظاهرة حيث تحول شكل الإرهاب المعاصر الى ما يطلق عليه الآن في أدبيات الظاهرة “الإرهاب الإسلامي” بالنظر الى الجماعات والمنظمات الإسلاموية التي تدعي ؛ وترفع شعار الإسلام وتحديدا منذ ظهور تنظيم القاعدة 1988م . وقد سبق ذلك دورات من الإرهاب كان يأخذ صبغات يسارية ، وفوضوية ، وقومية وهذا يعني أن الإرهاب العالمي أخذ صبغة اسلاموية منذ ثلاثة عقود وما زال مستمرا حتى الآن 2018م. ويتوقع أن يستمر خلال العقد القادم على أقل تقدير. الاتجاه الثالث: هناك فجوة واسعة ومخيفة بين تهديد الإرهاب، والرد الجماعي عليه في مختلف الدول التي تعرضت للإرهاب. وأن تهديدات الإرهاب تمت بشكل كبير الحجم في الأعداد ، والمدى الجغرافي ، والمنهجيات الجديدة ، واستغلال أدوات العولمة التكنولوجية . والاتجاه الرابع : هو تحول الإرهاب خاصة على يد تنظيم داعش ، الى مكون من مكونات الحرب التقليدية والعمليات العسكرية كما في سوريا والعراق تحديدا . طبعاً؛ يمكن القول بأنه سبق داعش في هذا التكتيك والأساليب جماعات ومنظمات يسارية وقومية مثل حركة تحرير التاميل إيلام في سيرلانكا ، والفارك في كولومبيا قبل أن تتخلى هذه الجماعات عن استخدام السلاح وتدخل في العملية السياسية. الاتجاه الخامس: تحوّل الإرهاب المعاصر الى أداة من أدوات تنفيذ الساسة الخارجية للدول في العالم ، بحيث يمكن القول أن معظم الدول المنخرطة في” التحالف العالمي ضد الإرهاب” ، وغيرها من الدول المهددة بالعمليات الإرهابية سواء من داعش أو القاعدة أو الجماعات القومية الدينية والفاشية والنازية المتطرفة في أمريكا وأوروبا لها علاقات استخبارية واتصالات سرية مع الجماعات الإرهابية لضمان مصالحها وتنفيذ سياساتها. الاتجاه السادس: تحول تنظيم داعش ؛رغم القضاء عليه عسكريا في سوريا والعراق ، الى التنظيم الأكثر رعبا وتوحشاً في العالم سواء في المدى الجغرافي الذي وصل اليه أو في عدد العمليات الإرهابية التي نفذها في مدن العالم أو في استخدامه لآليات العولمة التكنولوجية في عمليات القتل والتدمير والوصول والدعاية والتجنيد وجمع التبرعات ،فجغرافيا توسع نطاق إرهابه العالمي وانتشر لينشط في( 28) دولة في العالم عام 2015م بعد أن كان ينشط في (13) دولة فقط في العالم عام 2014م ،و نفذ عمليات إرهابية في (252) مدينة في العالم وكان مسؤولا ً عن مقتل ما مجموعة (6141) شخصاً خلال عام 2015م. وكان مسؤولاً عن نصف عدد قتلى الإرهاب في دول “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” عام 2015م والبالغ عددها (577) قتيلاً. الاتجاه السابع: ارتباط الإرهاب المعاصر بموجات كبيرة من اللجوء والنزوح الداخلي والخارجي والهجرة القسرية . ويتجلى هذا بموجات الهجرة واللجوء المرعبة من سوريا ،والعراق، واليمن، والصومال، نيجيريا، الفلبين ، بورما، وكولومبيا ،الى نصف الكرة الغربي في أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية و وأستراليا في أكبر عملية عولمة ثقافية في التاريخ المعاصر لسيرورة العولمة . الاتجاه الثامن : هناك علاقة و ارتباط قوي بين وجود الإرهاب في دولة ما و مستويات الصراعات والعنف السياسي ، والشعور بالظلم في تلك الدولة ، حيث أن ما نسبته 90% من العمليات الإرهابية في العالم تقع ضمن نطاق الدول التي تعاني من تلك المشاكل. و هناك علاقة وارتباط قوي في الدول النامية بين : وجود الإرهاب ، ومستويات الفساد ، الصراعات السياسية مستويات قبول الآخرين ، وعدم المساوة بين مكونات المجتمع والجماعات المكونة له. الاتجاه التاسع : هناك جهد كبير تبذله الحكومات الغربية ، والعربية والإسلامية للتخفيف من خطر الإرهاب والإشارة الممنهجة ( على الأقل في الغرب) من أن الإرهاب نوع من العنف السياسي المركز والمحصور في (5) بؤر وهي بالمناسبة جميعها إسلامية (العراق ، أفغانستان ، نيجيريا ، باكستان ، وسوريا) . وأن 72% من إجمالي عدد قتلى الإرهاب عام 2015م هم من هذه الدول. ثم أن هناك( 4) جماعات إرهابية وكلها إسلامية وهي : داعش بكوحرام ، القاعدة ، طالبان أفغانستان وباكستان مسؤولة عن ما نسبته (74%) من أجمالي عدد القتلى نتيجة الإرهاب في العالم عام 2015م. الاتجاه العاشر : التوسع باستخدام آليات العولمة التكنولوجية ، وتحول الإرهاب الى ظاهرة تحكمها الشبكات ،حيث أدّى التطور في ميكانزمات العولمة التكنولوجية إلى التسارع التكنولوجيّ من خلال التوسع باستخدام مخرجات التكنولوجيا الحديثة، ورخص كلفة هذه المخرجات وقلتها، الأمر الذي أدّى في المحصلة إلى نوع من فقدان السيطرة على التكنولوجيا، إذ زوّدت الشبكات الإرهابية عبر العالم بأدوات إرهابية لا حصر لها على الإطلاق، بحيث أصبحت هذه الشبكات الإرهابية قادرة على ابتزاز الدول الكبرى، وخلقت مأزقاً لهذه الدول في كيفية مكافحة الإرهاب، وكيفية التعاطي مع ميكانزمات العولمة التكنولوجية المتسارعة، الأمر الذي بات يطرح أسئلة كبرى حول مستقبل النظام العالمي ، ومفهوم قيم راسخة مثل : الأمن ، والحرية والخصوصية ، والتسامح ، والثقافة ، والتثاقف أو المثاقفة ، ونقل التكنولوجيا في ظل العولمة. و يمثّل هذا التطور أحد أهمّ الاتجاهات المعاصرة والمستقبلية في دراسة الإرهاب وسيرورة العولمة خاصة آلياتها التكنولوجية ؛ لما يكتنفه من أهمية وخطورة على مستقبل العلاقات الدولية، والعالمية ، ذلك أنّ ثورة المعلومات غيّرت “من الأدوار التي كانت تلعبها مختلف الأطراف الفاعلة في العلاقات الدولية، الأمر الذي أدّى إلى الحصول على نتائج متضاربة، وأثبتت الأحداث حتى الآن أنها كانت لمصلحة الأطراف الفاعلة من غير الدول وبخاصة شبكات الإرهاب مثل داعش. الاتجاه الحادي عشر : زيادة خطر مؤشرات العولمة التكنولوجية، وبخاصة استخدام أسلحة الدمار الشامل(WMD) وزيادة في اتجاه العمليات الإرهابية ضد تأثيرات العولمة نفسها (Impact Of Globalization)، لكنّ أخطر هذه الاتجاهات، (من وجهة نظرنا) لأنه الأقرب، والأسهل للتنفيذ، يتمثل فيما باتت تسميه الأبحاث الأمنية – الاستخبارية، والبحثية المتخصصة “بإرهاب الشبكات:(Cyber Terrorism).الذي كان على راس أجندة مؤتمر دافوس كانون ثاني 2018م.
هذا يعني ؛ أن التسارع التكنولوجيّ (أو مؤشر العولمة التكنولوجي ) كان عاملا حاسما في تسارع ظاهرة الإرهاب، حيث نجحت منظمات وشبكات الإرهاب(المدربة، المتعلمة، المغامرة) مثل داعش حتى الآن في أن تستخدم آخر مخرجات التكنولوجيا الحديثة لمصالحها الخاصة، وأن تتكيف مع مراحل التطور التكنولوجيّ بسهولة أكبر من تكيف الدول، وحتى الأطراف الفاعلة الأخرى من غير الدول، مثل: المنظمات والمؤسسات و الشركات المتخطية للحدود، التي قد تصطدم بحواجز التكاليف والبيروقراطية الإدارية.
ونعتقد ؛ بأن أهم مؤشر أو مظهر في هذا المجال هو نجاح الشبكات الإرهابية في بناء مواقع الإنترنت على الشبكة العالمية، وليس هذا فحسب بل إدامة صيانتها، وتشفيرها، ثم إعادة تشفيرها باستمرار عندما تتعرض للهجوم من أجهزة مكافحة الإرهاب. الاتجاه الثاني عشر: كثرة الفتوى الدينية التي تدين التطرف الديني العنيف وتحرم الإرهاب في العالمين العربي والإسلامي؛ وتصف الإرهابيين بالخوارج ؛ مقابل قلة تأثير ، وأهمية هذه الفتاوى في محاربة التطرف الديني العنيف والارهاب الذي يرتكب باسم الإسلام سواء تحت لواء الجهاد أو إقامة الخلافة . الاتجاه الثالث عشر : زيادة الاهتمام العالمي بظاهرة الإرهاب الاسلاموي خاصة بعد بروز تنظيم داعش،علماً بأن هذا الاتجاه بدأ أساسا مع صعود نجم تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 أيلول 2001م ، لكنه بلغ الذروة مع تنظيم داعش . ويتجلى هذا الاهتمام في مجالات اهتمام ومتابعة الأجهزة الاستخبارية في العالم ، وسائل الإعلام العالمية ، ومراكز الدراسات والبحوث ، ولاكاديميا في حقول السياسة والعلاقات الدولية ، ونظريات العولمة ، والدراسات الأمنية والاستخبارية ، والاجتماع ، وعلم النفس . الاتجاه الرابع عشر : مرتبط بسيرورة العولمة حيث يلاحظ زيادة في عدد الجماعات الإرهابية غير المعروفة ذلك أنه تم رصد ما مجموعة (274) جماعة إرهابية غير معروفة في العالم نفذت أعمال إرهابية عام 2015م ، لكن (103) منها لم تؤدِ إلى قتل أحد. خلاصــة – نتوقع ؛ أن يبقى خطر التطرف الديني والارهاب ( ذو الإيديولوجيا الإسلاموية ) التحدي الأول للدول والمجتمعات خلال العقد القادم . وفي الوقت الذي سيبقى الشرق الأوسط هو الساحة الأكثر عرضة للإرهاب وانتشار ثقافة التطرف الديني ، إلا أن العالم كله سيكون عرضة لهذا الخطر خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية وروسيا وجنوب شرق أسيا وأستراليا .
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/01 الساعة 22:21