القدس على طاولة رئيس مجلس الأعيان

مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/30 الساعة 23:48
في حديثه إلى جماعة عمان لحوارات المستقبل، لدى تسلمه خطة عمل الجماعة لاستنهاض الأمة من أجل القدس، أثار رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، مجموعة من القضايا التي تستحق العناية والاهتمام، والعمل من أجل تحقيقها، من خلال جهد وطني متكامل في سبيل القدس، التي تشكل لنا نحن الأردنيين خطاً أحمراً، وصفحة متميزة من صفحات تاريخنا الوطني، وتشكيل وجداننا وثقافتنا الوطنية. وهذا سبب رئيس وكاف من أجل قيام الجهد الوطني المتكامل والمنظم والمتواصل من أجل القدس، بعد أن أثبتت كل التجارب أن العمل الفردي او الموسمي أو الفوضي لا يؤدي إلى النتائج المرجوة، ولا يعدو كونه تبديداً للجهود وتضييعاً للفرص، وزيادة في الكلف خاصة في القضايا الصعبة والمركبة كقضية القدس التي تحتل موقعاً متميزاً في وجداننا كأردنيين. مصدر تميز القدس في وجداننا كأردنيين, ينبع من أننا في الوقت الذي نشارك فيه سائر أتباع الديانات السماوية في تقديس المدينة التي باركها الله، وبارك ما حولها، فإننا نمتاز عن سائر شعوب الأرض وأتباع الديانات في علاقتنا بالقدس، من حيث أنها رويت بدماء جنودنا من مختلف مناطق الأردن، ومن مختلف أبناء قبائله وعشائره الذين رفضوا التخلي عن القدس، يوم تخلت عنها كل الأمة، وظلت دمائهم تنسكب على جدران أسوارها، وأمام بواباتها وفي كل شارع وزقاق من أزقة القدس، حتى آخر رمق من جنودنا البواسل، الذين ما زلنا نعثر على جثامين بعضهم حتى يوم الناس هذا، وواحد منهم هو جندينا المجهول الذي نقلناه إلى صرح الشهيد في عمان، تكريماً لبطولته وتذكيراً للأجيال بحجم تضحياتنا من أجل القدس، وما الذي تعنيه القدس في تاريخ ووجدان الأردنيين، الذين ولد عدد كبير منهم في المدينة المقدسة عندما كان آباؤهم يعملون فيها في القطاعين العسكري والمدني، مما يمكننا من القول أن القدس مدينتنا، ولنا يجب أن تعود. وهو هدف لابد من أن تسعى الأجيال لتحقيقه، لذا يجب علينا استمرار تذكيرها به. وعند تذكير الأجيال بالقدس نحتاج إلى وقفة طويلة، مع ماقاله رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز لجماعة عمان لحوارات المستقبل، فقد دعا الفايز الجماعة، ودعا من خلالها سائر مؤسسات المجتمع المدني إلى قيام جهد مجتمعي كامل، لتثقيف شبابنا والأجيال الجديدة من أبناء الأمة حول القدس، بعد أن لاحظنا جميعاً تراجع المخزون المعرفي عن القدس لدى هذه الأجيال، وهذا التراجع المعرفي يعني بالضرورة تراجعاً في مكانة المدينة المقدسة في الوجدان والضمير، وهي حالة مرضية لابد من التصدي لها ومعالجتها، لدلالاتها الخطيرة، فمكانة القدس في وجدان الأمة مؤشراً على مكانة الأمة بين الأمم. لقد ارتبطت مكانة القدس تاريخياً بمكانة أمتنا في دورة التدافع الحضاري. ففي كل مرة كان موقع أمتنا يتراجع في عملية التدافع والتفاعل الحضاري، كانت القدس تقع في يد الغزاة والمحتلين،مما كان يعني أن الأمة دخلت المرحلة التي وصلت فيها إلى أدنى درجات الهزيمة والضعف والهوان،وهي المرحلة التي كانت تشتعل فيها الحروب الطائفية والمذهبية والعرقية بين أبناء الأمة، الذين كان بعضهم يستنصر على بعضهم الآخر بالعدو وبالمحتل، وبمن يدعم المحتل والغاصب، قرأنا ذلك بوضوح في فترة الحروب الصليبية وحروب التتار، ونقرأه اليوم في هذا الزمن الرديء الذي صار فيه بعض المحسوبين على الأمة يرون في القدس مجرد مدينة يمكن استبدالها بأخرى، غير آبهين بقدسية المدينة وبركتها، وقيامتها وأقصاها، وصخرتها وقبتها، وكل صفحة من صفحات تاريخها. لم تكن الأمة تخرج من مراحل الهزيمة والانحدار التي كانت تقع فيها المدينة المقدسة بيد المحتل إلا عندما كانت القدس تعود إلى لعب أدوارها في بنيان الأمة الفكري والنفسي، مدينة موحدة قادرة على إعادة بناء وعي الأمة على تاريخها، وهو التاريخ الذي نضم صوتنا إلى صوت رئيس مجلس الأعيان في ضرورة إحيائه وتعليمه للأجيال الطالعة، حتى لا يطول ليل الهزيمة وتطول معه رحلة الفرقة والتشرذم والضياع، الذي يشكل ضياع القدس من أيدينا عنوانه الرئيس، وهو الضياع الذي لابد من العمل على إنهاء مرحلته والخروج منها، وذلك لا يكون إلا بعمل مجتمعي يصب في بناء شخصيتنا الوطنية المتماسكة القائمة على ثقافة وطنية أصيلة، علينا جميعاً أن نسعى إلى بنائها، والمدخل الأول والرئيس إليها هو مناهج التعليم في بلادنا، التي يجب أن تحتل فيها القدس المكانة اللائقة بها كجزء من تاريخنا الوطني والقومي، وهذا هو لب حديث رئيس مجلس الأعيان مع جماعة عمان لحوارات المستقبل ومن خلالها مع كل القوى الحية في مجتمعنا. Bilal.tall@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/30 الساعة 23:48