السماحة... قرية ’المطلقات والأرامل‘ الممنوعة على الرجال في دولة عربية
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/30 الساعة 16:22
مدار الساعة - عفوا لا يمكن للرجال السكن هنا...القرية للسيدات المطلقات والأرامل فقط...عبارة غير مكتوبة لكنها مشروطة، جسدها الواقع في إحدى قرى محافظات الوجه القبلي بمحافظة أسوان بمركز إدفو، الذي يبعد عن مركز المحافظة بنحو 120كيلو مترا (هنا قرية السماحة للمطلقات والأرامل فقط).
في الصباح الباكر تستيقظ النسوة حاملات فؤوسهن على أكتافهن في مشهد لم تجسده الدراما والخيال، لكن الأرض كانت شاهدة، يروين الأرض ويربين الماشية ويحصدن المحاصيل ويحملن سلاحهن في المساء لحماية أطفالهن.
تجربة تباينت نتائجها حتى اليوم ما بين النجاح والفشل، إلا أنها ظلت لها خصائصها وعالمها الخاص المحيط بها، وشروطها التي لا يمكن الخروج عنها.
مشروع شرعت فيه وزارة الزراعة المصرية والشرط الأساسي فيه أن تكون المستفيدة أرملة أو مطلقة معيلة (أي لديها أبناء تعولهم)، ويخصص لها قطعة أرض ومنزل وما يكفل لها الحياة.
هنا وقبل 17 عاما كانت صعيد مصر الذي يتمتع بخصائص خاصة على موعد مع تجربة جديدة مع عدد كبير من النسوة، اللاتي تحملن مشقة نظرة المجتمع لهن كونهن مطلقات وأرامل.
يقول نبيل راشد، مدير الشئون الفنية بمشروع الغذاء العالمي، وأول من أشرف على القرية، ويعد مؤسسها الأول، إن الفكرة كانت لوزير الزراعة الأسبق يوسف والي، وأن المشروع كان ضمن مشاريع القرى الخاصة بالخريجين والشباب، إلا أنه اقتصر على المطلقات والأرامل حتى يضمن لهن سبل حياة كريمة نظرا للمعاناة اللاتي كانوا يتعرضن لها في المجتمع.
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن الشروط كانت تتمثل في أن تكون المرأة مطلقة أو أرملة ولديها أطفال تعولهم، ولا يشترط انتمائها إلى أي حيز جغرافية وبإمكان أي امرأه مصرية مطلقة أو ارملة أن تحصل على مساحة 5 أفدنة ومنزل.
كيف يعيشن النساء في القرية؟
يتابع أن المنازل مكونة من غرفتين ومطبخ وحمام وحظيرة مواشي، المنازل تكون غير مفروشة ويقمن باصطحاب الأشياء الأساسية من مسقط رأسهن وتساهم وزارة الزراعة بقروض بقيمة 20% من ثمن المواشي التي يتم شراؤها من قطاع الثروة الحيوانية.
المساحة مقسمة لزراعة كافة المحاصيل بالغمر أو بالتنقيط على حسب المحصول أو ما يتاح، النساء تقمن بحصاد المحاصيل ويساعدهن الأبناء وبعض الأجرية من القرى المجاورة الذين لا يسمح لهم بالتواجد سوى في ضوء النهار، وحين يحل الظلام يقتصر التواجد على سكان القرية فقط.
نظام الغذاء يعتمد على ما تحصل عليه الأسر من مساعدات شهرية من عينية غير مادية، تتمثل في الدقيق والسكر والزيت والأرز وبعض الخضروات أو الحبوب التي تستخدم في الطهي، ويستمر الدعم الغذائي طيلة اربعة سنوات وبعدها تعتمد الأسرة على الدعم الذاتي خاصة أنها المحاصيل التي تنتجها الأرض تبيعها لصالحها وتتقاضى أجرها.
حيل النساء للزواج
السعة السكانية للقرية 300 أسرة، مكونة من أم وأبناءها فقط، لا مكان للرجال ومسموح للسيدات من شتى بقاع الجمهورية السكن هنا، لكنه من غير المسموح الزواج بالقرية فمن أرادت الزواج عليها أن تترك القرية وتهجرها.
تقول إحدى السيدات التي رفضت ذكر اسمها إن بعض السيدات اللاتي تزوجن أقاموا عش الزوجية خارج القرية، وأبقوا على منازلهن وأرضهن في القرية دون إخبار الوزارة أو أي من أهل القرية، لأنه من غير المسموح الزواج داخل القرية، ومن كانت يكتشف أمرها إما أن تسحب منها الأرض أو أن تبادر إلى الطلاق قبل تدويل الأمر.
وأضافت أن الشباب أبناء السيدات الذين كبروا يتزوجون في مسقط رأسهم بعيدا عن القرية، نظرا لاقتصار الأمر على المطلقات والأرامل وكان لا يسمح للشباب بالزواج في القرية ليس جبرا ولكن عرفا.
حلقات نسائية
من أهم خصائص القرية الحلقات النسائية التي كانت تجمعهن قبل شروق الشمس وفي المساء، حيث يجتمعن النساء ويتبادلن سرد الحكايات المختلفة كذلك يتبادلن الحديث عن المحاصيل والمشاكل التي كان تواجهن في الزراعة، وكان لكل حي زعيمته التي يجتمعون عندها كل مساء، كما يتبادلن الخبز والوجبات المختلفة في المناسبات.
ملكية الأرض
يقول شاكر كامل أحد المدراء الذين تولوا العمل بالمشروع الفترة الماضية، إن الأرض تأخذ بحق الانتفاع وتصبح ملك للمنتفعة بعد 15 سنة، وهو ما جعل السيدات يسعين لبقاء المدة حتى تنقل الأرض لملكيتهن ومن ثم ينتقلن للعيش في أماكن اخرى أو البقاء في القرية.
يتابع أن بعض الأراضي في القرية أصابها البوار نتيجة عدم خبرة السيدات وقدرتها على زراعة المساحة، وبعضهن قام بتأجيرها ما أثر سلبا على المساحات الكلية، حتى أصبحت النسبة الصالحة للزراعة تبلغ نحو 20% وبقيت باقى المساحات دون زراعة وبقيت المنازل مأهولة بسكانها بعدما تغيرت ظروف الحياة عن الماضي.
وسائل التأمين
وسائل الأمن في القرية تتم من خلال نقطة شرطة وبعض الخفراء، الذين يتولون حراسة محيط القرية في المساء، حتى لا يتعرضن النساء لأية مكروه أو هجوم من عصابات الخطف أو سرقة المواشي، كما توجد بالمشروع مدرسة ووحدة صحية ومدرسة ضمن مشروع الغذاء العالمي تضم عدد من قرى المشروع وقرية السماحة.
سبوتنيك
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/30 الساعة 16:22