الاقتصاد الأردني.. تحديات قاسية تهبط بمؤشراته لـ ’المنطقة الحمراء‘
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/28 الساعة 11:04
مدار الساعة - يواجه الاقتصاد الأردني تحديات قاسية تزداد وتيرتها سنويا متجسدة بارتفاع مستويات الفقر والبطالة والعجز في الموازنات وانخفاض إيرادات البلاد وارتفاع الدين العام ومعدلات الضرائب وتكلفة إيواء 1.3 مليون لاجئ سوري.
ولعل ما يفاقم تحديات المملكة ويهبط بمؤشرات اقتصادها لـ"المنطقة الحمراء" ضعف مصادر التمويل وتراجع إيراداتها علاوة عن أنها تصنف من البلدان غير المنتجة أي أن اقتصادها يعتمد على قطاع الخدمات والتجارة والسياحة والصناعات الاستخراجية.
وتعكس المؤشرات الاقتصادية السلبية إلى حد كبير للأردن خلال العام الماضي، حجم الأزمة فناتج المملكة الإجمالي المحلي يبلغ 40.25 مليار دولار، ودينها العام وصلت قيمته إلى 36.2 مليار دولار.
فيما بلغ التضخم 3.5%، أما الموازنة العامة للعام 2018، فتوقعت تحقيق إيرادات قدرها نحو 12 مليار دولار، ونفقات تقدر بـ 12.78 مليار دولار، وعجز موازنة بنسبة 1.8% من الناتج الإجمالي المحلي.
البطالة ارتفعت أيضا إلى 18.5%، وتجاوزت نسبة الفقر الـ14%، أما الميزان التجاري، فقد سجل عجزا بقيمة 4.24 مليار دولار، ويبلغ حجم القوى العاملة في الأردن 2.2 مليون شخص، 78% منهم يعملون في قطاع الخدمات.
وفي تحليل لهذه المؤشرات يظهر أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة 1.9% فقط في الربع الثالث من العام 2017 مقارنة مع نفس الفترة من 2016.
أما صافي الدين العام الأردني فيشكل ما نسبته 90.2 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتبلغ حصة كل مواطن أردني منه ما قيمته 5 آلاف و484 دولار، حيث بلغ عدد سكان الأردن في نهاية 2016 9.5 مليون نسمة، بينهم 6.6 مليون أردني، وبقية السكان هم من اللاجئين السوريين والفلسطينيين والعراقيين.
وتزيد حصة كل مواطن من الدين العام للأردن عن متوسط دخله السنوي الذي يبلغ 4 آلاف و756 دولار، بحسب بيانات العام 2016.
وفيما يتعلق بالبطالة فتعد معدلاتها في الأردن مرتفعة بشكل عام، وتشكل عبئا كبيرا على الحكومات المتعاقبة؛ وتظهر نسبتها المذكورة سابقا، ارتفاعها بنسبة 3% خلال عام واحد فقط، من 15% بـ2016 إلى 18% مع نهاية العام 2017.
وعلاوة عن أن البطالة ترهق الحكومة، فإن مؤشرات العمالة أيضا سلبية إلى حد ما، فقرابة الـ78% من الأيدي العاملة في الأردن (2.2 مليون شخص)، يعملون في قطاع الخدمات، أي أنها عمالة غير منتجة، وهذا يجعل حجم الصادرات الأردنية قليل جدا مقارنة بحجم ما يستم استيراده من الخارج من سلع وخدمات، ما يزيد من عجز ميزانه التجاري.
نسبة الفقر الكبيرة أيضا (14%) لها ما يبررها، فإضافة للبطالة، فإن معدلات الضرائب بالمملكة الأردنية مرتفعة، ومن تلك الضرائب ما هو مفروض على الماء والكهرباء، والمشتقات النفطية، والأدوية، وملابس الأطفال، والسيارات، وغير ذلك الكثير، ما يتسبب بانخفاض معدلات الدخل الحقيقي للأردنيين.
وبلغت الإيرادات الضريبية التي حصلتها خزينة الأردن خلال الفترة من 2012-2016، ما قيمته 19.39 مليار دينار (27.43 مليار دولار)، بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة المالية، في مارس الماضي.
وخلال العام 2016، قفزت الإيرادات الضريبية التي حصلتها خزينة الدولة بمقدار 1.2 مليار دينار (1.70 مليار دولار) في الموازنة العامة وبنسبة 4 % أو ما مقداره 158 مليون دينار (223.48 مليون دولار) مقارنة مع مستواها في العام 2015.
وبلغت الإيرادات الضريبية في 2016 نحو 4.254 مليار دينار (6.02 مليار دولار)، وهذا المستوى من الإيرادات الضريبة هو الأعلى منذ العام 2011؛ إذ كانت تبلغ في ذلك الوقت 3.062 مليار دينار (4.33 مليار دولار).
عبء اللاجئين
وإن أظهرت المؤشرات السابقة ضعفا في اقتصاد الأردن، فإن تكلفة إقامة اللاجئين السوريين بالمملكة والذي يزيد عددهم عن 1.3 مليون لاجئ، تفاقم من تحديات ومتاعب البلاد، خاصة في ظل عدم وجود عدم دولي كاف.
وفي 10 أكتوبر الماضي، كشفت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية عن أن تكلفة استضافة اللاجئين السوريين تجاوزت الـ10 مليارات دولار أميركي.
وقالت الوزارة، في تصريح صحفي لها، إن "تكلفة استضافة اللاجئين السوريين والأزمة السورية المباشرة على المملكة منذ بداية الأزمة (2011) وحتى العام 2017، بلغت حوالي 10 مليارات و301 مليون دولار".
وأوضحت أن هذه المبالغ تشمل تكلفة التعليم والصحة ودعم الكهرباء والمياه والصرف الصحي واستهلاك البنية التحتية والخدمات البلدية والمواد والسلع المدعومة وخسائر النقل والعمالة غير الرسمية والتكلفة الأمنية.
ولا تجد تلك النفقات الهائلة ما يغطيها بالشكل الكافي من المساعدات الدولية، فقد كشفت مديرة وحدة تنسيق المساعدات الإنسانية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية فداء غرايبة، إن "حجم التمويل الفعلي الذي حصل عليه الأردن لمواجهة أعباء اللجوء السوري بلغ 5.367 مليار دولار منذ بداية الأزمة في 2011 وحتى سبتمبر 2017".
وأشارت غرايبة، في تصريح نشرته في 24 أكتوبر الماضي، أن التمويل الدولي للاجئين غطى ما نسبته 40 % من إجمالي الدعم المطلوب فقط.
وبعيدا عن أزمة اللاجئين، فالفساد أيضا يهز أركان اقتصاد الأردن، فبحسب تصنيف منظمة الشفافية العالمية، فإن المملكة حصلت في 2016، على 48 درجة من أصل 100 درجة، مع العلم أنه كلما ارتفع المؤشر زادت نسبة الفاسد.
وخلال السنوات الماضية، كشف النقاب عن العديد من قضايا الفساد في المملكة، ومنها الاختلاسات التي بلغت قيمتها 150 مليون دولار، في قضية الفساد الكبرى، التي كشفت عام 2002 وسميت بـ"التسهيلات المصرفية".
وأيضا قضية التجاوزات في بيع مجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية، عام 2012، لأراضي بالساحل الجنوبي (رأس اليمانية) من أراضي منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، والبالغة مساحتها (178.313) م2، بمبلغ إجمالي 6.2 ملايين دينار (8.77 ملايين دولار) لصالح شركة زارة للاستثمارات السياحية.
وبيعت الأراضي آنذاك، دون طرح عطاء بذلك، حيث خُفِّض سعر الأرض من 15 مليون دينار (21.22 مليون دولار) إلى 6.2 ملايين دينار.
يشار إلى أن المبالغ المختلسة التي يكتشفها ديوان المحاسبة في الأردن سنويا تقدر ما بين 1.25 مليون دولار إلى 6 ملايين دولار.
تشخيص وحلول
وفي قراءته للمعطيات السابقة، قال الكاتب والاقتصادي والأكاديمي الأردني، حسين البناء، لـ"الخليج أونلاين"، إن "غالب مؤشرات الاقتصاد الأردني سلبية".
وأضاف البناء، أن "تراجع معدل التضخم يعود لتراجع أسعار النفط وتراجع الطلب على السلع والخدمات ما يدلل بشكل كبير على الكساد الاقتصادي بالمملكة".
وأشار إلى أن أخطر ما في المؤشرات الاقتصادية هو حجم ونسبة الدين العام، إضافة لعجز الموازنة العامة، والتي تدفع باتجاه مزيد من الاستدانة لسد العجز، ولمزيد من التبعات الضريبية على المواطنين لاحقا.
وفيما يتعلق بالحلول لمعالجة الأزمة الاقتصادية الأردنية، قال البناء، إن "جذب الاستثمارات الأجنبية هو المصدر الرئيسي لخلق الوظائف، ورفع عوائد الضرائب، وتنمية النشاط الاقتصادي، لذلك يجب توفير مزايا للمستثمرين بدءا بتقديم إعفاءات ضريبية مغرية، وتجهيز بنى تحتية متقدمة، وتدريب القوى العاملة، وتقديم الطاقة بسعر تفضيلي، وتقديم الأرض بالمجان أو بأجر رمزي، إضافة لحوافز استثمارية أخرى".
وأضاف، إن "الأزمة الحقيقية في الأردن تتعلق بقطاع الصناعة بالتحديد، بالإضافة لمعضلة الطاقة المستوردة من نفط وكهرباء".
وتابع: "ما زالت بنية الدولة وإمكاناتها عاجزة عن استقطاب وتوطين واستقرار مؤشرات الاستثمار في قطاعات ذات تأثير تنموي ملحوظ، كصناعة السيارات والإلكترونيات والكهربائيات والتجهيزات الطبية والأسلحة".
ويوصي الخبير الاقتصادي كذلك بالانتقال في الأردن من مرحلة التعدين (الصناعات الاستخراجية) إلى مرحلة تصنيع المشتقات الاستخراجية، معتبر أن الاكتفاء بالتعدين أحد أكبر عثرات الاقتصاد الأردني.
وأكد الاقتصاد الأردني يحمل كثيرا من الفرص، كالاستثمار بالطاقة الشمسية، وتحسين مستوى وجودة التعليم والارتقاء بخدمات الصحة العلاجية وتعظيم دور السياحة وتبني سياسات جادة جاذبة وموطنة للصناعات الثقيلة. الخليج اونلاين
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/28 الساعة 11:04