لغة الجسد

مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/28 الساعة 01:31
بقلم د.عبدالكريم محمد شطناوي
يحاول الإنسان جاهداً أثناء حديثه ، إستخدام لغة اللسان ، للتعبير عما يجول في خاطره ، من أفكارٍ وآراء حول محور الحديث ، ولكنه يجد نفسه لا شعورياً ، مستخدماً بعضاً من أجزاء جسده ، كاليدين والعينين والشفتين وغيرها ، فنطلق عليها لغة الجسد . وهي ظاهرة ملفتةٌ للنظر ، وتثير تساؤلات حولها ، هل هناك لغة غير لغة اللسان ؟؟؟ وهل اللسان عاجز عن توصيل المعلومة ، والتعبير عنها بشكل أوضح ؟؟ ، أو انه لا يستطيع التعبير الكامل عن المشاعر والأحاسيس التي تنتابه فيلجأ إليها ؟؟ . وَمِمَّا يبعث الطمأنينة في النفس ، أن هذه الظاهرة موجودة لدى الجميع ، وبتفاوت حسب تفاوت الفروق الفردية فيما بينهم ، نتيجة العوامل الوراثية والعوامل البيئية ، وهي ظاهرة صحية لكونها متواجدة لدى الجميع ، ولكنها إن زادت عن الحد المعقول وجب على الشخص المعني بذلك البحث عن علاجٍ للخلاص منها أو للتقليل من حدتها . وفي دراسة أحد علماء النفس ، إكتشف أن ٧٪؜ فقط من الإتصال يكون بالكلمات و ٣٥٪؜ لنبرة الصوت ، و ٥٥٪؜ للغة الجسد ، وإن الفرد يميل إلى تصديق لغة الجسد . إن وجود هذه الظاهرة يدلنا على أن للجسد لغة ، فلكل إيماءةٍ أو حركةٍ تصدرُ عنه تفسير ، وإن الإنسان لا يتحدث بلسانه فقط ، بل كثيراً ما تتحدث بقية أجزاء جسده ، وأحياناً تجد نفسك منصتاً لأحد المتحدثين ، فتشعر ان عينيه تقولان وتعبران عن شيء مختلف جداً عما ينطق به لسانه . ويحاول الإنسان أثناء حديثه منع الآخرين ، اللجؤ إلى أقصى درجة من ضبط النفس ، لإخفاء المشاعر الحقيقية لديه ، ومع ذلك تخونه سيطرته على حركته ، فتعبر بدورها عن شَيْءٍ يحاول إخفاءه . فإذا تتبعنا أحاديث وحركات وإيماءات بَعضنا ، فإننا نجد ظهور مجموعةٍ من اللزماتِ الحركيةِ ( ونعني باللزمة ما يصاحب الشيءَ ولا يفارقه ) تعبر عن طبائع شخصياتهم ، وهذه اللُزمة ما هي إلا إضطرابات حركيّة ، تعود أسبابها غالباً ، إلى حالةٍ نفسية المنشأ ، وتبدو كأنها عملٌ له هدف وليس حركة ، وهي عبارة عن تنفيذ لا إرادي ومتكرر ومُلحٍ ، لحركات أو أصواتٍ مفاجئة سريعة جداً ، وتحدث متقطعةً وتتكرر في اليوم الواحد عدة مرات ، مثل لُزمات الوجه والرأس والعنق والجذع والأطراف ، وتفسيرها يختلف من فرد لآخر . ونسأل هل هناك تفسيرٌ عام ينطبق على كل حركات اليدين مثلاً ؟؟؟ فنجد أن كل لُزمة حركيّة تعبر عن شيء ما ، ولا يوجد قاعدةً معينة تعبرُ عن دلالات كل لُزمة حركيّة ، فلا يوجد حركة معينة تعبر عن حالة إنعدام الثقة بالنفس على سبيل المثال ، فلكل شخص ولكل حركة تفسير ، كما أن هذه اللُزمة من الممكن أن تكون مصاحبةً للفرد من طفولته الأولى . ويمكن تفسير هذه الحركات اللاشعورية ، على انها شعور داخلي ، لدى البعض بعدم إرتياحهم لمظهرهم الخارجي ، فيحاولون تجاوزه بتعديل لباسهم مثلاً ، أو على أنها تدل على وجود حالة عصبية ، لدى الشخص تظهر على وجههِ أو بحركات عشوائية ، أو انها تدلُ ، على قناعته الشخصية المفرطة بنفسه ، فيلجأ مثلاً إلى ضرب الطاولة لإسكات الجميع ، لظنه بأنه هو وحده الذي يسيطر على الموقف . ولا ننكر وجود بعض اللزمات ، التي تظهر لدى البعض ، عندما يكونون في قمة التعبير ِ عن قضايا وجدانية وعاطفية ، كالآداء في المدائح النبوية والأناشيد الوطنية ، وغيرها من المواقف التي يشعر فيها الفرد ، بقمة النشوة والتعايش والذوبان في الموقف . وهناك بعض اللُزمات تهدف إلى إخفاء توتراتٍ وكبت إنفعالات ، ومنعها من الظهور لدى الشخص ، ويرى البعض ان هذه اللُزمات ، يمكن وضعها في قالب واحد ، وهو محاولة الدفاع عن النفس ، وكأن الشخص في موضع اتهام ، وهي هنا بمثابة ، نوعٍ من إتخاذ ساترٍ للحماية من خطر ما ، كما انها محاولة لإخفاء القلق وتقليص حدة التوتر الكائن في داخله . ونتيجة لوجود هذه اللُزمات ومصاحبتها لدى الجميع أثناء حديثهم ، فقد وعى الإنسان قيمتها ودورها في حلقة التواصل الإجتماعي ، فقد إخترع الإنسان لغة الإشارة للبكم ، وقد أصبحت لغة عالمية ووسيلةً للتخاطب فيما بينهم .
  • شطنا
  • تعديل
  • لب
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/28 الساعة 01:31