سطو مسلح يثير السخرية!

مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/24 الساعة 00:13
مشاعر متضاربة تنتاب المرء وهو يطالع تفاصيل حادثة السطو على فرع بنك الاتحاد بمنطقة عبدون. فعل خطير مجرّم في القانون، ولا يمكن لمرتكبه أن يفلت من العقاب مثل سائر الجرائم التي تعاقب عليها القوانين. لكن مالفت اهتمام جمهور عريض من المتابعين، هوية المتهم، خاصة بعد نشر صورته، وردود الفعل على الحادثة التي اتسمت بالسخرية عوضا عن القلق والخوف من دلالات الحادثة. لم يسبق لجهاز الأمن العام أن نشر صور المتهمين بارتكاب الجرائم، وعندما كان بعض نشطاء التواصل الاجتماعي يقدمون على مثل هذه الخطوة، كانت جهات التحقيق تبادر إلى تحذيرهم من مبغة مخالفة القانون. في السنوات الأخيرة ومع تطور وسائل النشر، تسامحت الأجهزة والجمهور مع مبدأ نشر صور الضحايا، لكنّ الطرفين تمسكا بتحفظهما على نشر صور المتهمين حتى بعد إدانتهم في المحاكم، احتراما لتقاليد مهنية، ولعائلات
المتورطين في الجرائم، لما يمثله هذا السلوك من عبء إخلاقي يدفع الأهل ثمنه الاجتماعي في حال انكشفت شخصية المتهم لعامة الناس. لا أعلم السبب الذي دفع لنشر صورة المتهم في السطو على البنك، لكنه في كل الأحوال اجتهاد غير موفق. الكشف عن هوية الشاب الصغير فتح بابا واسعا للسجال على مواقع التواصل الاجتماعي، وبرز تيار متعاطف معه رغم الإقرار بارتكابه جريمة تستحق العقاب. السبب في اعتقادي أن الصورة المنشورة أظهرت شابا بملامح بريئة لاتمت بصلة لوجوه وملامح المجرمين المعهودة، ناهيك عن كون سجله الشخصي خاليا من أية أسبقيات جرمية. وما دفع الكثيرين للتعامل مع حادثة السطو على نحو هزلي، الطريقة البدائية الساذجة التي نفّذت بها، وسقوط المتهم بيد الشرطة في أقل من ساعتين على وقوع الحادثة. وقد بدا في الصورة المنشورة غير مدرك لخطورة فعلته، وفي ملامحه شعور أن ما قام به لا يتعدى مخالفة بسيطة سيغادر بعدها المركز الأمني بعد أن يدفع الغرامة! لم يتسنَّ لنا بالطبع التعرف على دوافع الشاب للقيام بعملية السطو؛ أزمة مالية دفعت يائسا لارتكاب هذه الجريمة، أم فعل من مراهق لايدرك عواقب جريمته؟ من المهم تحديد الدوافع، والمؤكد ان التحقيقات الشرطية معه قد وصلت إليها فور توقيفه. وليس الهدف من ذلك البحث عن مبررات وأعذار للحادثة، بل للتمعن في الظروف والمعطيات التي تدفع بشاب في مقتبل العمر التفريط 15 سنة من حياته في السجن. من هذه الزاوية تحديدا يشعر بعضنا بالتعاطف مع شخص جاهل لا ينتمي لتشكيل إجرامي ولا يحمل في سجله تاريخا من الانتهاكات القانونية، لدرجة اعتقد معها "بعد مشاهدة فيديو السطو" أنه كان بإمكان أي شخص تواجد في البنك أثناء تنفيذ عملية السطو أن يوقفه بسهولة، ودون أدنى مقاومة، فقد ظهر مسالما لدرجة مضحكة، ومعتمدا في سلب الأموال على خوف الموظفين وليس حرفيته وقوة تهديداته. هل لنا أن نصفه بالمجرم الجاهل والساذج؟ ربما لكن القانون لا يحمي المغفلين والجهلة. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/24 الساعة 00:13