طموحاتها تتنامى بعد نجاح معركة سوريا.. ماذا تريد روسيا من الشرق الأوسط؟
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/19 الساعة 19:26
مدار الساعة- حين تتقابل الحكومة السورية والمعارضة في كازاخستان الأسبوع المقبل، ستكون فرص توصُّل الأطراف المتحاربة إلى تسويةٍ سياسيةٍ لإنهاء صراعهم، الذي قارب الست سنوات، ضئيلةً. لكن بالنسبة لموسكو، الراعي الرئيسي لمحادثاتِ السلام، فإن أمراً مهماً واحداً قد حُسِم بالفعل: أن تبعث برسالةٍ مفادها أنَّ روسيا عادت كلاعبٍ رئيسيٍ في الشرق الأوسط.
فبعد حملةٍ من القصف استمرت 15 شهراً في سوريا، ومناورةٍ سياسية بارعة، أنقذت موسكو الرئيس بشار الأسد من الهزيمة، وقلبت التوازن العسكري لصالحه، ومهَّدت الطريق لوقف إطلاق نارٍ في عموم البلاد، بحسب ما ذكرت صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية.
ويستمتع المسؤولون الروس الآن بالانتصار السياسي، الذي ليس أقلَّه أنَّ الولايات المتحدة تُدعى إلى محادثات أستانة، عاصمة كازاخستان، باعتبارها ضيفةً لموسكو، وهي الآلية التي تُبرِز بوضوحٍ كيف تراجع نفوذ الولايات المتحدة، بينما تنامى نفوذ روسيا. لكنَّ طموح روسيا يتجاوز ذلك بكثير، بحسب تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، الخميس 19 يناير/كانون الثاني 2017.
قال سفيرٌ روسي سابق: "فشلت سياسة إدارة أوباما تجاه الشرق الأوسط. فتدخَّلنا نحن".
شهية روسيا تتنامى وأكد الخبير في شؤون الشرق الأوسط في الجامعة الأوروبية بسانت بطرسبورغ، نيكولاي كوزهانوف، وهو يشير إلى دور روسيا الحاسم في مساعدة الأسد على استعادة السيطرة على حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، الشهر الماضي، أنَّ "شهية موسكو تتنامى وفقاً لإنجازاتها على الأرض". وأضاف: "تُعتَبر سوريا الآن بمثابة وسيلةً لحوز المزيد من النفوذِ الإقليمي، أكثر من كونها هدفاً في حد ذاتها". وتُعَد التداعيات التي خلَّفها الربيع العربي في 2011، وأدَّت إلى اشتعال الاضطرابات في أرجاء المنطقة، أحد الدوافع الرئيسية لاندفاع موسكو إلى الشرق الأوسط. ويقول خبراء روس في السياسة الخارجية إنَّ أحداث الربيع العربي أقنعت الرئيس فلاديمير بوتين بأنَّ تنازل روسيا عن مكانتها الإقليمية البارزة التي ورثتها عن الاتحاد السوفييتي السابق كان خطأً كبيراً. وأُضِيفت تلك الفوضى الإقليمية إلى مخاوف بوتين من أنَّ "الإرهاب الإسلامي" بإمكانه زعزعة استقرار روسيا، بالإضافة إلى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق في آسيا الوسطى. وعلاوة على ذلك، هناك حافزٌ اقتصادي، فالشرق الأوسط كان تقليدياً سوقاً كبيراً لمبيعات الأسلحة الروسية، ما يُعد مورداً تصديرياً مهماً لروسيا، وعلى وجه الخصوص إلى مصر، وسوريا، وإيران. ويضع بوتين عينه كذلك على فرصٍ استثمارية للشركاتِ الروسية في المنطقة الغنية بالنفط والغاز. واستغلَّت روسيا بالفعل تدخُّلها في الصراع السوري لتفرض نفسها شريكاً مهماً للقوى الإقليمية، بغض النظر عن المصالح المتعارضة فيما بين هذه القوى، بدءاً من المملكة العربية السعودية، مروراً بإيران، والعراق، ووصولاً إلى إسرائيل.
روسيا والصراع الفلسطيني وتحاول روسيا كذلك توسيع دورها كصاحبةِ نفوذٍ في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. فاستضافت هذا الأسبوع محادثاتٍ هَدَفَت إلى إنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ عقدٍ كامل، بين الفصيلين الفلسطينيين، حركة فتح، التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة. وقال مصطفى البرغوثي، النائب البرلماني الفلسطيني، ورئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية، إحدى الحركات السياسية الفلسطينية، إنَّ "حقيقة أنَّ الروس وجَّهوا لنا الدعوة.. تشير إلى أنَّ روسيا مستعدةٌ لتنخرط بشكلٍ أكبر في قضايا الشرق الأوسط". ووجَّهت روسيا أنظارها كذلك صوب ليبيا، التي ابتُلِيَت بالصراع منذ اندلاع انتفاضة 2011 ضد الديكتاتور الراحل معمر القذافي.
بوتين وحفتر فوثَّقت روسيا علاقتها مع الجنرال خليفة حفتر، الذي يسيطر على معظم النصف الشرقي من البلاد، الذي يتضمن منشآتٍ نفطية مهمة. وزار حفتر، الذي يرفض الانصياع لسلطة الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، روسيا مرتين العام الماضي، طلباً لمساعدتها في حملته على الجماعات الإسلامية. وكان حفتر قد دُعي، الأسبوع الماضي، على متن حاملة الطائرات الروسية، الأميرال كوزنتسوف، في البحر المتوسط، وهناك أجرى اتصالاً بالفيديو مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. وجاءت زيارته لحاملة الطائرات، وهو أوضح مظاهر الدعم الروسي للواء الليبي حتى الآن، في خِضم تحذيراتٍ من إمكانية تجدُّد الاشتباكات بين الجيش الوطني الليبي الذي شكَّله حفتر، والميليشيات الموالية لحكومة طرابلس. وقالت روسيا إنَّها لا تزال ملتزمةً بحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا، لكنَّ تقوية العلاقات يمثِّل دَفعَةً لحفتر، في وقتٍ يبدو فيه أعداؤه في حالةٍ من التخبُّط. وقال زميل السياسات البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ماتيا توالدو: "أعتقد أن الروس يرغبون في استعادة العلاقات القوية التي حظوا بها مع القذافي، حين كانت روسيا تتمتَّع بحقوق رسو سفنها في ميناء بنغازي". وأضاف: "ربما يأملون كذلك في استردادِ 4 مليارات دولار من الديون المُستحقة التي تعود إلى سنوات حكم القذافي".
دروس قاسية وقال دبلوماسي روسي سابق إنَّ تحرُّكات موسكو في ليبيا تعكس ما تراه دروساً قاسيةً من العراق، أي أنَّها قد تخسر إذا ما ظلَّت بعيدةً عن المعارك السياسية الداخلية في البلدان التي لها مصالح بها. وأوضح كوزهانوف: "الدبلوماسية الروسية تدخل مرحلةً جديدة هنا. لقد كفوا عن اتباع سياسة رد الفعل، ويحاولون الآن أن يصبحوا هم صانعي الحدث". وأضاف: "ربما تكون فكرتهم هي إقامة نظامٍ شبيهٍ بالجزائر أو مصر، يُبقي الوضع السياسي الداخلي خاضعاً لقبضةٍ قوية، وقادراً على بناء علاقاتٍ شخصية مع بوتين". وفي سوريا، حقَّقت روسيا الكثير من أهدافها حتى الآن. فهي توسِّع قاعدتها البحرية في طرطوس، وتوسِّع قاعدة حميميم الجوية الجديدة بالقرب من اللاذقية، ما يمنحها موطئ قدمٍ عسكريٍ دائمٍ وكبيرٍ لبسط نفوذها. ويقول الكثير من السوريين إنَّ بلادهم خاضعة بقوةٍ للنفوذ الروسي. فقال فراس طلاس، أحد المقرَّبين السابقين من النظام، ورجل الأعمال القوي واسع الثراء الذي فرَّ في 2012، إنَّ "السيناريو الأفضل لبشار هو السيطرة على دمشق". وأضاف: "لكنَّه يعلم أنَّه لا يسيطر حقاً على ساحل طرطوس واللاذقية، إذ تسيطر روسيا على نصفه". وأصبحت عناصر ليبرالية، وغير إسلامية من الطيف السياسي المعارض في سوريا، أكثر انفتاحاً تجاه دور روسيا، والبعض يراه مفيداً، ليس فقط لمواجهة إيران، الداعم الرئيسي الآخر للأسد، لكن كذلك لمواجهة المعارضين المتشدِّدين المدعومين من تركيا. لكن برغم كل ذلك النفوذ المتصاعد، يعتقد المسؤولون الروس أنَّ موسكو في نهاية المطاف تحتاج إلى اضطلاع الولايات المتحدة هي الأخرى بدورٍ بارزٍ في المنطقة. فقال السفير السابق: "ما هو مطلوبٌ، للعمل بشكلٍ صحيح في المنطقة، هو أن نعمل نحن والأميركيون معاً".
شهية روسيا تتنامى وأكد الخبير في شؤون الشرق الأوسط في الجامعة الأوروبية بسانت بطرسبورغ، نيكولاي كوزهانوف، وهو يشير إلى دور روسيا الحاسم في مساعدة الأسد على استعادة السيطرة على حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، الشهر الماضي، أنَّ "شهية موسكو تتنامى وفقاً لإنجازاتها على الأرض". وأضاف: "تُعتَبر سوريا الآن بمثابة وسيلةً لحوز المزيد من النفوذِ الإقليمي، أكثر من كونها هدفاً في حد ذاتها". وتُعَد التداعيات التي خلَّفها الربيع العربي في 2011، وأدَّت إلى اشتعال الاضطرابات في أرجاء المنطقة، أحد الدوافع الرئيسية لاندفاع موسكو إلى الشرق الأوسط. ويقول خبراء روس في السياسة الخارجية إنَّ أحداث الربيع العربي أقنعت الرئيس فلاديمير بوتين بأنَّ تنازل روسيا عن مكانتها الإقليمية البارزة التي ورثتها عن الاتحاد السوفييتي السابق كان خطأً كبيراً. وأُضِيفت تلك الفوضى الإقليمية إلى مخاوف بوتين من أنَّ "الإرهاب الإسلامي" بإمكانه زعزعة استقرار روسيا، بالإضافة إلى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق في آسيا الوسطى. وعلاوة على ذلك، هناك حافزٌ اقتصادي، فالشرق الأوسط كان تقليدياً سوقاً كبيراً لمبيعات الأسلحة الروسية، ما يُعد مورداً تصديرياً مهماً لروسيا، وعلى وجه الخصوص إلى مصر، وسوريا، وإيران. ويضع بوتين عينه كذلك على فرصٍ استثمارية للشركاتِ الروسية في المنطقة الغنية بالنفط والغاز. واستغلَّت روسيا بالفعل تدخُّلها في الصراع السوري لتفرض نفسها شريكاً مهماً للقوى الإقليمية، بغض النظر عن المصالح المتعارضة فيما بين هذه القوى، بدءاً من المملكة العربية السعودية، مروراً بإيران، والعراق، ووصولاً إلى إسرائيل.
روسيا والصراع الفلسطيني وتحاول روسيا كذلك توسيع دورها كصاحبةِ نفوذٍ في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. فاستضافت هذا الأسبوع محادثاتٍ هَدَفَت إلى إنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ عقدٍ كامل، بين الفصيلين الفلسطينيين، حركة فتح، التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة. وقال مصطفى البرغوثي، النائب البرلماني الفلسطيني، ورئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية، إحدى الحركات السياسية الفلسطينية، إنَّ "حقيقة أنَّ الروس وجَّهوا لنا الدعوة.. تشير إلى أنَّ روسيا مستعدةٌ لتنخرط بشكلٍ أكبر في قضايا الشرق الأوسط". ووجَّهت روسيا أنظارها كذلك صوب ليبيا، التي ابتُلِيَت بالصراع منذ اندلاع انتفاضة 2011 ضد الديكتاتور الراحل معمر القذافي.
بوتين وحفتر فوثَّقت روسيا علاقتها مع الجنرال خليفة حفتر، الذي يسيطر على معظم النصف الشرقي من البلاد، الذي يتضمن منشآتٍ نفطية مهمة. وزار حفتر، الذي يرفض الانصياع لسلطة الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، روسيا مرتين العام الماضي، طلباً لمساعدتها في حملته على الجماعات الإسلامية. وكان حفتر قد دُعي، الأسبوع الماضي، على متن حاملة الطائرات الروسية، الأميرال كوزنتسوف، في البحر المتوسط، وهناك أجرى اتصالاً بالفيديو مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. وجاءت زيارته لحاملة الطائرات، وهو أوضح مظاهر الدعم الروسي للواء الليبي حتى الآن، في خِضم تحذيراتٍ من إمكانية تجدُّد الاشتباكات بين الجيش الوطني الليبي الذي شكَّله حفتر، والميليشيات الموالية لحكومة طرابلس. وقالت روسيا إنَّها لا تزال ملتزمةً بحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا، لكنَّ تقوية العلاقات يمثِّل دَفعَةً لحفتر، في وقتٍ يبدو فيه أعداؤه في حالةٍ من التخبُّط. وقال زميل السياسات البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ماتيا توالدو: "أعتقد أن الروس يرغبون في استعادة العلاقات القوية التي حظوا بها مع القذافي، حين كانت روسيا تتمتَّع بحقوق رسو سفنها في ميناء بنغازي". وأضاف: "ربما يأملون كذلك في استردادِ 4 مليارات دولار من الديون المُستحقة التي تعود إلى سنوات حكم القذافي".
دروس قاسية وقال دبلوماسي روسي سابق إنَّ تحرُّكات موسكو في ليبيا تعكس ما تراه دروساً قاسيةً من العراق، أي أنَّها قد تخسر إذا ما ظلَّت بعيدةً عن المعارك السياسية الداخلية في البلدان التي لها مصالح بها. وأوضح كوزهانوف: "الدبلوماسية الروسية تدخل مرحلةً جديدة هنا. لقد كفوا عن اتباع سياسة رد الفعل، ويحاولون الآن أن يصبحوا هم صانعي الحدث". وأضاف: "ربما تكون فكرتهم هي إقامة نظامٍ شبيهٍ بالجزائر أو مصر، يُبقي الوضع السياسي الداخلي خاضعاً لقبضةٍ قوية، وقادراً على بناء علاقاتٍ شخصية مع بوتين". وفي سوريا، حقَّقت روسيا الكثير من أهدافها حتى الآن. فهي توسِّع قاعدتها البحرية في طرطوس، وتوسِّع قاعدة حميميم الجوية الجديدة بالقرب من اللاذقية، ما يمنحها موطئ قدمٍ عسكريٍ دائمٍ وكبيرٍ لبسط نفوذها. ويقول الكثير من السوريين إنَّ بلادهم خاضعة بقوةٍ للنفوذ الروسي. فقال فراس طلاس، أحد المقرَّبين السابقين من النظام، ورجل الأعمال القوي واسع الثراء الذي فرَّ في 2012، إنَّ "السيناريو الأفضل لبشار هو السيطرة على دمشق". وأضاف: "لكنَّه يعلم أنَّه لا يسيطر حقاً على ساحل طرطوس واللاذقية، إذ تسيطر روسيا على نصفه". وأصبحت عناصر ليبرالية، وغير إسلامية من الطيف السياسي المعارض في سوريا، أكثر انفتاحاً تجاه دور روسيا، والبعض يراه مفيداً، ليس فقط لمواجهة إيران، الداعم الرئيسي الآخر للأسد، لكن كذلك لمواجهة المعارضين المتشدِّدين المدعومين من تركيا. لكن برغم كل ذلك النفوذ المتصاعد، يعتقد المسؤولون الروس أنَّ موسكو في نهاية المطاف تحتاج إلى اضطلاع الولايات المتحدة هي الأخرى بدورٍ بارزٍ في المنطقة. فقال السفير السابق: "ما هو مطلوبٌ، للعمل بشكلٍ صحيح في المنطقة، هو أن نعمل نحن والأميركيون معاً".
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/19 الساعة 19:26