ماذا ترك بنس خلفه من انطباعات؟

مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/22 الساعة 01:05
المؤكد أن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس قد سعى خلال زيارته لعمان والقاهرة إلى تأكيد الشراكة القوية التي تربط بلاده بحلفائها التاريخيين في المنطقة، وتبديد المخاوف المشروعة من سياسات إدارة ترامب ومواقفه حيال القضايا التي تهم البلدين. في باب العلاقات الثنائية ليس أمام واشنطن من خيارات سوى دعم قدرات دول مثل الأردن ومصر في المجالات الاقتصادية والعسكرية، فاستقرار دولة مثل الأردن يعني الكثير للولايات المتحدة التي تواجه تحديات شرق أوسطية كبيرة، ومنافسة شرسة مع قوى دولية وإقليمية لن تتردد في مزاحمتها بمناطق نفوذها. لكن بنس قليل الخبرة في الشؤون الخارجية لبلاده، يعلم أن قلق دول في المنطقة يتجاوز ملف العلاقات الثنائية، ليشمل مسائل جوهرية كالقضية الفلسطينية. وزير الخارجية أيمن الصفدي كان في واشنطن، وأجرى مباحثات مع نظيره الأميركي. ولا شك أن الاجتماعات قد وفرت الفرصة للإحاطة بتصورات واشنطن المستقبلية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي بعد القرار الكارثي لترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. والموضوع ذاته كان على رأس أجندة لقاء الملك عبدالله الثاني مع بنس في عمان أمس، بنس من جانبه مهد للقاء بتصريحات تطمينية في مطار ماركا أكد فيها دعم بلاده لحل الدولتين وعدم استباق نتائج المفاوضات بشأن القدس، وقد أدلى بتعليقات مماثلة عقب اجتماعه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في القاهرة. تقوم استراتيجية الأردن على دفع الولايات المتحدة لممارسة دورها في عملية السلام وطرح خطة لاستئناف المفاوضات تستجيب لمتطلبات الحل العادل وعلى رأسها مبدأ حل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقلة استقلالا كاملا، بالاستناد لقرارات الشرعية الدولية. مباحثات بنس في عمان ولقاءات الصفدي في واشنطن لا بد وأنها وفرت للجانب الأردني حصيلة جيدة من المعلومات حول الخطوات المقبلة لإدارة ترامب بهذا الشأن. لكن الجانب الفلسطيني بدا متشائما للغاية من المقترحات الأميركية للتسوية، فما ورد في تقرير صائب عريقات المقدم لقيادة منظمة التحرير من تفاصيل للخطة الأميركية المتوقع طرحها في نيسان (أبريل) المقبل، يوحي بأن "صفقة القرن" إن عرضت رسميا، لا تلبي الحد الأدنى من متطلبات السلام العادل. بالرغم من ذلك فإن دولا عربية من بينها الأردن لا تشاطر القيادة الفلسطينية موقفها الداعي للقفز عن الدور الأميركي، والبحث عن رعاة جدد للمفاوضات مع إسرائيل. المقاربة الأردنية مختلفة بعض الشيء، وتقوم على فكرة حشد القوى الدولية الفاعلة للضغط على واشنطن، وإلزامها بتقديم عرض منصف للسلام، وعدم التخلي عن دورها كوسيط نزيه يحترم متطلبات السلام العادل. ولهذه
الغاية ستواصل الدبلوماسية الأردنية محاولاتها للتأثير قدر المستطاع على توجهات الإدارة الأميركية، وتطوير خطتها لتنسجم مع الثوابت الفلسطينية والعربية. من الصعب الحكم مسبقا على النتائج، وإذا ما أصرت واشنطن على طرح خطة لا تأخذ بالاعتبار المصالح الفلسطينية، فما من قوة تستطيع فرض تسوية ظالمة على الفلسطينيين. الأردن يضع ذلك في الحسبان، ويأمل أن تدرك إدارة ترامب ذلك قبل أن تتورط في طرح خطة مصيرها الفشل، لننتظر ونرَ ماذا ترك بنس خلفه من انطباعات. الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/22 الساعة 01:05