’مسار الخير‘ تضع بصمات لإعالة المحتاجين في قرية جرف الدراويش (صور)

مدار الساعة - أنس العمريين - " علي" ... ينتظر شهرياً مركبة تنقله من جرف الدراويش للطفيلة من أجل الحلاقة ... ومع ما في ذلك من مشقات منها أنه وأصحابه عاطلون عن العمل .. إلا أن ذلك المشوار بالنسبة لهم الى جانب المتعة ... لا يخلو من التعب والمعاناة . "الجرف" ... التي ولد فيها علي لأكثر من (28) عاماً، ظلت لثلاثة قرون واسطة العقد في الجنوب ... ففيها القلعة التي كانت تقدم لحجيج بلاد الشام وتركيا المنامة والطعام أيام العثمانين، ومحطة سكة الحديد التي ربطت الشام بإسطنبول والجزيرة العربية يسكنها الآن قرابة ثلاثة آلاف مواطن. وكانت "الرأي" تحفل صفحاتها بالكتابة عن تاريخها وعن مكانها الذي اقترب كثيرا من مواقع معارك الثورة العربية الكبرى في حد الدقيق ووادي زيد، وكتبت منها تطور هذه القرية منذ أيام مشروع انارتها بطاقة الرياح إلى أن لامست الأيادي الملكية حياة الناس من الساكنين فيها بإنشاء قرية للفقراء والمعوزين، ومدّت فيها الماء والكهرباء والطرقات على مساحة تزيد على ثلاثة كيلو مترات مربعة. "جرف الدراويش" التي تأسس فيها " قهوة جدعان" في الستينيات من القرن الماضي لتقديم المشروبات الساخنة للمسافرين شمالا وجنوبا، أيام سالم البنيان وجراد العقار وغيرهم من عشائر المناعين التي ضربت أمثلة رائعة في كرم الضيافة واحترام المسافرين وعابري السبيل. وجاءت لفتات مبادرة "مسار الخير" لتضع بصمات في القرية التي زودتها لأول مرة من تاريخ القرية بصالون للحلاقة ومخبز للأهالي في تخفيف العناء من الذهاب للطفيلة أو معان أو الحسا، إذ اشارت مي التل من اسرة ممدوح التل أن فكرة تقديم المخبز جاءت ضمن المبادرة، وبالتشارك مع عدد من الاصدقاء، بمساعدة السكان في الحصول على مادة الخبز في قريتهم دون جهد أو مشقة، إذ قالت أنها توفر مادة الطحين وكافة معدات المخبز الى جانب تقديم الخبز للعائلات المستورة مجاناً، إيماناً من اسرة التل أن الواجب يقتضي ترك بصمات على صفحات الوطن بمساعدة المعوزين والمحتاجين في بلدي. وقدمت المبادرة صالون للحلاقة مهداة من جمعية الكتاب المقدس وفق منذر نعمات، رئيس جمعية الكتاب المقدس في الاردن، الذي اشار الى تبني المبادرة لدعم افكار الشباب القائمة على الخير ومساعدة الاسر المحتاجة في ارجاء الوطن من خلال فريق يعكف دائما على دراسة تلك الحالات عبر زيارات ميدانية لتكتشف أن بعض المناطق تحتاج للدعم بالملابس والاحذية ومواد النظافة المختلفة والقرطاسية. ولفت الى أن هنالك أمثلة حية محلية حول تمكين الاسر والافراد من أجل عيش كريم وللاستمرار في التفاعل مع حياتهم اليومية والاعتماد على النفس. وتعدد جذل الهنداوي، منسقة المبادرة، بعض الانجازات التي منها تجهيز مخابز في مناطق عي بمحافظة الكرك والجرف والغور وعجلون ومناطق من المملكة، ومشغل للخياطة في منطقة أم الرصاص، وصالونات للحلاقة، وتوزيع القرطاسية والملابس والاحذية على الاطفال المحتاجين في مختلف المناطق والاغطية والصوبات والحطب، قالت أن المبادرة سعيدة أن تطرح هذه الافكار وأن تجد تشاركية فاعلة من الميسورين وأصحاب اللفتات الكريمة للمساهمة في التخفيف من اعباء الحياة على الأسر المحتاجة. أما " علي" ورفاقه الاربعة الذين لم يكملوا المرحلة الاعدادية والثانوية لظروفهم الحياتية الصعبة، فقال أنه سعيد كذلك بوجود المخبز وصالون الحلاقة للتخفيف من معاناتهم الدائمة في الذهاب الى المناطق البعيدة للحصول على هذه الخدمات. وثمن هو وأهالي القرية للمبادرة ولجميعة شابات الجرف للخير التي احتضنت هذه الخدمات، لهذه اللمسات الكريمة التي تدلل على حسن المواطنة وحب الوطن والقيادة والحس بالمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمعات الفقيرة.
تصوير: زيد القرالة