الرئيس الـ20 للمخابرات المصرية.. ثلاثية محتملة للإعفاء بعد 4 أدوار لافتة
مدار الساعة - انتهت منذ ساعات رئاسة اللواء، خالد فوزي، المدير الـ20 لجهاز المخابرات العامة المصرية، بقرار رئاسي، لم يوضح أسباب الإعفاء الذي جاء بعد 4 أدوار لافتة لعبها الجهاز في عهد الرجل داخليا وخارجيا.
خبيران مصريان، في حديثين منفصلين للأناضول، رجحا 3 أسباب وراء الإعفاء المفاجئ لـ"فوزي"، أبرزها مرتبط بعدم إنجاز ملف المصالحة الفلسطينية، والتسريبات الصوتية المنسوبة مؤخرا لضابط بالجهاز.
وأفاد بيان للرئاسة المصرية، الخميس، بتعيين اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس، عبد الفتاح السيسي، بتسيير جهاز المخابرات العامة بشكل مؤقت لحين اختيار رئيس للجهاز، دون تفاصيل.
وكامل يشغل منصب مدير مكتب السيسي منذ أن كان الأخير رئيسًا للمخابرات الحربية (تتبع وزارة الدفاع)، قبل أن يتولى وزارة الدفاع، ثم رئاسة البلاد في يونيو/حزيران 2014.
** إعفاء الرئيس الـ20
وعادة لا تعلن الاستخبارات المصرية عن أدوارها أو شخصياتها بتلك الصورة اللافتة، غير أن هذا تغير منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، حيث ظهرت تفاصيلها بقوة في المشهد العام.
وكان اللواء خالد فوزي، الذي أحد المقربين للسيسي، المسؤول رقم 20 في هيكل الجهاز الذي يعود تأسيسه لعام 1954، ويتبع رئيس البلاد بشكل مباشر.
وفوزي صاحب أطول مدة في منصبه كرئيس للجهاز منذ ثورة يناير؛ حيث قضى نحو 4 سنوات، بينما الثلاثة الذين سبقوه (مراد موافي، محمد رأفت شحاته، محمد فريد التهامي) لم يستمر أي منهم بالمنصب لأكثر من عام.
وبتولي كامل، منصب القائم بالأعمال يكون القيادي الثاني بعمر الجهاز الذي يتولى رئاسته مؤقتا بعد اللواء محمد رأفت شحاته الذي كان قائما بالأعمال لمدة عام من 2012 بعد إعفاء اللواء مراد موافي (تولى الجهاز 2012-2011).
ويحكم الجهاز القانون 100 لعام 1971، الذي ينص على أن تعيين وإعفاء رئيس المخابرات العامة ونوابه من مناصبهم يكون بقرار من الرئيس.
ويهدف الجهاز لحماية الأمن القومي للبلاد داخليًا وخارجيًا، وله حق التنسيق الشامل مع الأجهزة الأمنية المختلفة.
ورئيس المخابرات العامة وفق المادة 9 من القانون المذكور مسؤول عن تأمين نشاط المخابرات والمحافظة على المعلومات ومصادرها ووسائل الحصول عليها وله أن يتخذ في سبيل ذلك الإجراءات الضرورية والمناسبة.
** 4 أدوار لافتة
برز دور جهاز المخابرات أثناء رئاسة فوزي في قضية داخلية و3 قضايا خارجية، وفق مصادر رسمية وتقارير إعلامية محلية.
وبخصوص القضية الداخلية، ارتبط اسم الجهاز بشكل غير معتاد ببروز دور خدمي، لاسيما عام 2017، عبر توزيع الآلاف من صناديق المواد الغذائية لدعم محدودي الدخل في محافظات البلاد، في ظل ما تشهده من أزمة اقتصادية تقول الحكومة إنها واجهتها بإصلاحات جذرية.
وفي الشأن الخارجي، احتضن مقر الجهاز بالقاهرة مشاورات بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين، لإنهاء أزمة طالت نحو 11 عاما، أسفرت في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017 عن توقيع اتفاق مصالحة بينهما بحضور فوزي، الذي حضر قبلها بأيام اجتماعا حكوميا فلسطينيا بصفته مبعوثا للسيسي.
لكن مؤخرا ظهرت تباينات عديدة في ملف المصالحة وسط حديث دوائر إعلامية عن "أزمة مكتومة وتعثر جديد".
وخلال 2017، شهد مقر المخابرات لقاءات مع قيادات من حماس لبحث ضبط الحدود أسفرت أواخر يونيو/حزيران 2017، عن بدء الحركة الفلسطينية في إقامة منطقة عازلة عسكرية على طول الحدود مع مصر، بعمق 100 متر.
وعقد الجهاز أيضا اتفاقا مبدئيا بين 3 فصائل سورية هي: جيش الإسلام، وجيش أبابيل، وأكناف بيت المقدس برعاية مصر وضمانة روسيا، لوقف إطلاق النار جنوبي دمشق، في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017.
** إعفاء مفاجئ بتكهنات ثلاثية
وحول تفسيره لأبعاد قرار إعفاء رئيس جهاز المخابرات، يقول سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بمصر، للأناضول: "لا يمكن الجزم بالأسباب، لكن هناك تكهنات ثلاثة للإعفاء".
أول تكهنات الإعفاء مرتبطة بتوقيت التسريبات الأخيرة التي نفتها مصر جملة وتفصيلا، وفق صادق.
وأوضح أنه ظهرت قبل أيام تسريبات منسوبة لضابط قيل إنه يتبع جهاز المخابرات العامة وهو يوجه إعلاميين لطريقة التعاطي مع قضايا منها القدس ورئاسيات 2018 بمصر، ونشرت بصحيفة أمريكية ثم قناة معارضة، والنائب العام المصري فتح فيها تحقيقا مؤخرا، فيما نفتها السلطات جملة وتفصيلا.
وثاني التكهنات -وفق صادق- مرتبط بـ"تعثر في ملف المصالحة الفلسطينية"، مستدركا: "لكن هل يلام رئيس المخابرات أم الطرف الثاني (يقصد الفلسطينيين) خاصة أن التعثر تكرر سابقا في هذا الملف؟".
ويضع أستاذ علم الاجتماعي السياسي احتمالا ثالثا للإعفاء مرتبطا بعدم الإنجاز في ملف سد النهضة الإثيوبي، وتعثره مؤخرا.
ويرى أن اختيار مدير مكتب السيسي لرئاسة الجهاز مؤقتا؛ "دليلا على أن القرار اتخذ سريعا، وكان الحل أن يختار الأقرب من السيسي لحين النظر في الأمر".
ونفي صادق أن يكون القرار له علاقة بالانتخابات الرئاسية التي تشهدها مصر في مارس/آذار المقبل، أو ما يتردد عن مرض فوزي، قائلا: "كان الأولى مباشرة أن يعلن استقالته لمرضه".
ويفسر كتمان تفاصيل القرار، مثل قرار إعفاء رئيس الأركان السابق محمود حجازي، باعتبار النظام ما تم "إجراء طبيعيا داخليا"، مضيفا: "الرئيس الحالي كان رئيسا للمخابرات الحربية، ويعتقد أن هذه معلومات لا يجب أن تكون للرأي العام".
ومتفقا مع صادق، يقول المحلل المصري مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي مقره القاهرة)، للأناضول، إن التكهنات تذهب لأمور بينها احتمالان بعدم الإنجاز في المصالحة الفلسطينية والتسريبات التي نفتها مصر.
وصعدت عبر منصات التواصل الاجتماعي جملة من التغريدات بصياغات متشابهة تشير إلى أن فوزي ربما يكون مريضا وتدعو له بالشفاء، وهو ما لا يرجحه نهائيا غباشي أيضا لنفس سبب صادق.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من السلطات المصرية حول السبب الحقيقي وراء إعفاء فوزي، الذي لم يظهر للرأي العام في أي مشاهد بالرئاسة طيلة الأيام الماضية.
وقبل إعفاء فوزي، الخميس، أعفى السيسي، خلال 3 سنوات، عشرات المسؤولين في جهاز المخابرات العامة، بينهم قيادات رفيعة، مصحوبة بتفسيرات الخروج للتقاعد.