كاميرا خفية!
حلمي الاسمر
-1-
حدثت القصة منذ زمن ليس بالبعيد، طالبة متفوقة رياضيًا، يتعهدها «المدرب» بعنايته ويصرف لها وقتا إضافيا لتدريبها على اللعبة التي تحبها بعد أن تنهي محاضراتها، المدرب ذو خلق قويم، وحنون(!) أو هكذا يبدو، وسخي بإيلاء طالبته كل عناية، ويخصص لها من خبراته ما يدفعها للتمسك به، والشعور بالأمان، وكانت المسكينة (وهي محجبة) تستبدل ثيابها في غرفة خاصة، محكمة الإغلاق، ومر وقت طويل على هذا المنوال، إلى أن جاء يوم وأخبرته أنها ذاهبة لغرفة «الغيار» لتبدأ الدرس الموعود، فيهب المدرب الهمام راكضا بعيدا عن البنت، الأمر الذي أثار الشك لدى الطالبة، ولم تستطع تفسير سلوكه، وحينما دخلت غرفة تغيير الملابس ثارت في نفسها شكوك من سلوك المدرب، فبدأت بتفتيش الغرفة، قبل أن تستبدل ملابسها، وحينها وجدت هاتف المدرب مثبتا في مكان مخفي، وعلى وضعية التصوير، انهارت الصبية، وبقية القصة معروفة، فقد ابتعلت الضحية ألمها ولم تخبر أحدا، غير صويحباتها، ودخلت في فصل معقد من الصدمة والعذاب النفسي، مر وقت طويل جدا قبل أن تشفى منه، وتعود إلى حياتها الطبيعية!
-2-
لا تكاد تصدق ماذا تفعل بنا التكنولوجيا، حين تستمع لقصص دامية ومشكلات بلا حدود، خاصة في بعض إسكانات الطالبات، والتجمعات النسائية الخاصة، قصص يشيب لها الولدان: بنات يصورن زميلاتهن في غفلة منهن، وبأوضاع غير مناسبة، ويبدأن بالتهديد بنشر وتوزيع الأفلام على العامة، أو ادفعي أو افعلي أو لا تفعلي!
من يجتهد في البحث عن فضائح الكاميرات الخفية التي تختبىء في هواتفنا يرى العجب، حيث تمتلىء شبكة الإنترنت بمثل هذه الأفلام، التي تهتك الستر، وتفضح المخفي، وتخرب البيوت، وتشيع الفحش.
من السهل على المرء أن يسدي النصح وهنا وأن يتباكى على الأخلاق التي ضيعها البعض، لكن حل هذه المسألة لا يكون إلا باتباع الهدي النبوي الكريم ، فنحن ننسى، في غفلة منا، أدبيات إنسانية رفيعة، علمها إيانا ديننا العظيم منذ مئات السنوات، كفيلة باتقاء مواقف كهذه، والمثل الشعبي السائر يقول: لا تنم بين القبور ولا تحلم أحلاما مزعجة.
جاء في الأثر، أن نساء دخلن على أم سلمة زوج النبي صلَّى الله عليه وسلم ، فسألتهن: من أنتن؟ قلن: من أهل حمص. قالت: من أصحاب الحمامات؟. قلن: وبها بأس؟ قالت: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: (أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها، خرق الله عنها ستره). وفي رواية: فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله!
حديث نزع المرأة ثيابها في غير بيت زوجها حديث صحيح أخرجه غير واحد من أئمة الحديث، والمراد من هذا الحديث نهي المرأة عن خلع ملابسها خارج بيتها في أماكن الريبة والفتن، أما خلعها لملابسها حيث دعت لذلك ضرورة أو حاجة فلا بأس به، مثل قياس الملابس الجديدة في المحلات التجارية، وهذا كله بشرط ستر العورة عن أعين الرجال والنساء أيضا، وأن يكون المكان مأمونا من تصوير المرأة ورؤيتها كما يتفنن شياطين الإنس اليوم. فإذا وجد في المكان ريية أو خيف وقوعها فلا يجوز للمرأة أن تكشف عن عورتها حينئذ، وكذا هي الحال في إسكانات الطالبات، حيث لا تأمن الطالبة من غدر زميلة حاقدة، أو قليلة دين وأدب، فلتحذر بناتنا وأخواتنا من الوقوع في هذا الفخ!
الدستور