د. عودة الله القيسي يكتب: قرار الرئيس ترامب ومصير القدس
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/15 الساعة 18:06
د. عودة الله القيسي
- في سنة - 1917م قررت بريطانيا – بتصر يح من وزير خارجيتها – آن ذاك – بلفور – أن تنظر بعين العطف الى قيام وطن لإسرائيل في فلسطين – وفي سنة – 1948- جرت حرب بين دول عرب المشرق , ومعها – مصر – وبين العصابات الصهيونية .. فكانت الغلبة للعصابات الصهيونية – بسبب مخطط بريطانيا – الدولة العظمى – أن َ ذاك ,[ تمالئها فرنسا – الدولة العظمى الثانية ] – سرّبته الى بعض الدول العربية المشاركة في الحرب – وبسبب أن الجيوش العربية لم تُعبّأ ْ بمفهموم - معركة مصير – وبسبب قلة عدد الجيوش العربية المشاركة ..كان عددها قُرابة , في ذروة الحرب , قُرابة َستين ألفا ً- في حين كان عدد عصابات اليهود – قرابة مئة وعشرين ألفاً ... وبسبب الأسلحة الفاسدة التي استخدمها الجيش المصري المقاتل , وكان ذالك بتواطؤ من قادة كبار في الجيش المصري , وقد يكون ذالك بعلم الملك فاروق . كلّ ُ ذالك – جرى بمخطط مرسوم من قِبَل بريطانيا , وفرنسا – الدولتيْن العظميين – آن ذاك – اللتين كانتا تستعمران الوطن العربي – استعمارا ً مباشرا َ.
- وفي هاذه السنة المودعة = 2017- اتخذ ترامب رئيس أمريكا قرارا ً بأن القدس عاصمة لإسرائيل - !! – وعقيب ذلك – اجتمع وزراء الخارجية العرب , ولم يتفقوا على خُطة واضحة لمقاومة مفعول قرار ترمب – وبعد ذالك بأيام – عُقد مؤتمر للدول العربية والإسلامية – في تركيا = في مدينة – أنقرة .. وانفضّ الاجتماع – على شجب واستنكار – ليس أكثر ( ومن المعروف أن كل اعتداءات إسرائيل السابقة – كانت تنتهي عند العرب والمسلمين – بشجب واستنكار . وإسرائيل ماضية في مخططها بابتلاع الأراضي الفلسطينين – العربية – أيضا ً.. تدعمها الدولة الكبرى في العالم – في السابق .. كانت بريطانيا – والآن .. صارت أمريكا ) .
- وقد قامت مصر بتقديم شكوى الى مجلس الأمن .. تدعوه فيه - أن يتخذ المجلس قرارا ً - بأن قراراعتبار القدس عاصمة لإسرائيل – باطل – وبالفعل – صوتت كل دول مجلس الأمن بإلْغاء قرار واعتباره -باطلا ً– ولكن ّ مندوبة أمريكا – عارضته، فكان الفيتو الأمريكي كافيا ً لإسقاط الإجماع – حسَبَ نظام المجلس .. ثم – قُدّم مشروع قرار بنفس الموضوع الى الجمعية العامّة، فكانت الأغلبية في الجمعية قد صوتت ضدّ قرار ترامب – تدعمها كلّ الدول العربية والإسلامية – صوتت الأغلبية – وهي –128- دولة . ولاكن – معروف أن قرارات الجمعية العمومية هي قرارات – أدبية أخلاقية – لا تؤثر شيئا ً في مجريات الواقع العملي ..
- والحقّ أن اجتماع الدول العربية والإسلامية – لم يتخذ قرارا ً يؤثر على أمريكا .. فأمريكا ماضية في دعم إسرائيل – وإسرائيل ماضية في تغيير معالم القدس والضفة الغربية .. ولكن – لو أن الدول العربية والإسلامية المجتمعة في – أنقرة – اتخذت موقفا ً أقوى .. كأن يكون –قطع العلاقات الاقتصادية مع أمريكا .. فإن أمريكا ستتأثر بهاذا القرار , كثيراً.. قد يحملها على تفسير قرار ترامب تفسيرا ً مواربا , كأن يفسر القرار بأن ترامب لم يقل : القدس – الغربية والشرقية لإسرائيل , وإنما قال : القدس لإسرائيل . والمعنى المقصود ( هكذا يُتوقع أن يكون التفسير) -أن القدس الغربية لها – مع تسويات في ضمّ بعض الأحياء العربية التي تتداخل مع أحياء في القدس الغربية... ولن يدخلوا إلا دورا قليلة من القدس الغربية في القدس الشرقية , هي داخلة – أصلا ً في حيّ من أحياء القدس الشرقية )..
- لأن قرارالمقاطعة , لو اتخذ - سيؤثر – كما سبق القول على أمريكا : أمريكا تأخذ الموادّ الخام ُ من الدول الإسلامية بثمن زهيد .. ثم تعيد معظمها إليها بثمن باهظ , والدول الإسلامية الغنية تودع ملياراتها في أمريكا , ولكثرة هاذه المليارات .. فإنها تساهم في نموّ الاقتصاد الامريكي – وأمريكا .. لها آلاف المصالح في بلدان هاذه الدول , ولا يسهل عليها أن تستغني َ عن هذه المصالح ..
صحيح أن أمريكا دولة غنية – ونووية وتكنولوجية – ولكنها لا تستغني عن هذه الدول – من دون أن يتأثر اقتصادها تأثرا ً ملموسا ً. لأن هذه الدول خُمس العالم – سكاناً ومساحة ً , فلا بُدّ لو أن هذه الدول – مثلا ً- قاطعت العالم كلّه .. لتأثر .. أجلْ- هي تتأثر أكثر , ولكن ّ العالم سيتأثر – فكيف إذا كانت المقاطعة لدولة واحدة ؟؟
وصحيح أن هذه الدول العربية الإسلامية تتأثر هي بالمقاطعة لأمريكا.. ولكن ّ أصحاب الحقوق والمبادئ – لا مناصََ لهم من الدفاع عن حقوقهم ومبادئهم , ولو تأثروا بعض التأثر ..أما قال المتنبي العظيم : ( فلا تحسبنّ المجد َ زِقا ً وقينة ً===== فما المجد ُ إلا السيف ُ , والفتكة ُ الكبرى ) ؟ —وقال أيضا ً: ( لا يسلمُ الشرفُ الرفيعُ من الأذى ===== حتى يُراقَ على جوانبِهِ – الدم ُ).؟ –ولاكن – نحن , هنا .. لا ندعو الى دم ٍ, وإنما ندعو الى مجرد مقاطعة اقتصادية ..
- أما الدول التي تتلقى معونة ً من أمريكا.. فبإمكان الدول الغنية – الإسلامية والعربية – أن تعوضها - عن معظم ما تأخذه من أمريكا – ثم .. هي تتحمل قسطا ً من التقشف .. وإلا – فكيف يحصل أصحاب الحقوق على حقوقهم ؟ أيحصلون عليها , وهم منبطحون الى أمريكا , ومسترخون في ظلّ الوفرة والنعيم ؟؟ ذالك مستحيل , لأن الحقوق تُنتزع , ولا يتكرم الخصم بها على أصحابها ..!!
- ولو فعلت هذه الدول الإسلامية والعربية هذا الأفعال – لنالوا حقوقهم . وهو – فوق هذا .. مؤذنٌ ببدْء نهضة ٍ , وببدْء استقلال حقيقي ّ, وببدء خطوة أولى على طريق النهوض والمشاركة في بناء الحضارة , ولبدأ يُضحي لهذه الدول , مع الأيام - كلمة يُحسب لها حسابها بين الدول ... لأن ّ النهضات والحضارات – لا تبنيها التكنولوجية المستوردة من الدول المتقدمة , ولا الاستلاب الحضاري من الدول المتخلفة – أمام هذه الدول المتقدمة – وإنما يبنيها شدّ الأحزمة , وتحمل المصاعب , وإراقة الدم – إن ْ لزم ... ولكن – في إطار تكااتف هاذه الدول الإسلامية العربية (ولا أقول : وحدة, ولا اتحاد بين هاذه الدول )- وأن يكون لها كلمة واحدة وموقف واحد , ولو كان هاذا الموقف العام ّ المشرّف – يضرّ ضررا ُ محدودا ً ببعض مصالح بعض هاذا الدول .. أما أن تبقى الأنانية هي السائدة .. فلن يكون تقدم حقيقي , وإن كثُرت التكنولوجية المستوردة – لأن التقدم يُبنى على الفكر المتحرر المستقل ّ من ضغط الاستبداد والفساد الداخلي – والاستبداد والفساد الخارجيّ– لاكنّ الفكر المتحرر المستقلّ - لن تبنيَه الدول الصغيرة المتفرقة ( وإن مصر – أكبر دولة عربية – في مقياس كبرى دول اليوم , هي دولة صغيرة – دول اليوم الكبيرة التي تبلغ المليار , وأكثر – أو هي ذات تكنولوجيا متقدمة تستطيع بها أن تُضاهي دول المليار )- وإنما تبنيه دولة كبرى , أو دول ذات تكتل – كبير - عميق صادق مخلص – ذات ُ موقف موحد متين , وإن لم يكن بناؤها على دولة واحدة ...
- والحق – أننا – في دول الإسلام والعرب – ما دمنا على ما نحن عليه .. فسنظلّ ضعافا ً مستعمرين , حتى الأعماق – من الدول العظمى – اليوم َ هي – أمريكا , وغدا – هي ً روسيا أو الصين . ( والحق عندي أن استعمار أمريكا لهاذه الدول , على قساوته واستبداده = ومن استبداده قرار الرئيس ترامب عن القدس = هو أخفّ وطأة ً من استعمار روسيا أو الصين , لأن أمريكا – نظامها يقوم على الحرية في بلادها .. أما الصين وروسيا – فنظامهما يقوم على الاستبداد في بلادهما .. و فاقد الشيء لا يعطيه أو يفكر فيه ؟ أمريكا مستبدة بنا – ولاكنّ استبدادها أخف وطأة من استبداد تينك الدولتين اللتين – كلّ منهما .. هي مستبدة في بلادها .. إنها مقارنة بين شرّيْن – أحلاهما .. مُرّ ُ!! فإذا لم تتنبه هاذه الدول الإسلامية العربية الى نفسها , وإلى شعوبها .. فسيأتي يوم يطأها المستعمر الصيني , أو الروسي – بالبسطار ( أما أمريكا فتطأنا بالحذاء الذي يلبسه الرياضيون . , ولاكن وطأة البسطار تجرح , ووطأة الخف تؤلم – ولاكن ْ- كلاهما .. حذاء ..!
- وعند استعمار إحدى تيْنك الدولتين- لنا .. ستتآكل هاذه الدول العربية الإسلامية من داخلها = إن لم يكن التآكل بشريا ً- فسيكون أخلاقيا ً, والشاعر شوقي يقول: ( وإنما الأممُ – الأخلاق ُ ما بقيَت ْ ===== فإن هم ُ ذهبت ْ أخلاقهم ْ ذهبوا ) .. وما قاله ابن خلدون يصدق في كلّ حين – قال : إن الأمة المهزومة .. يُسرع إليها – الفنا ء- أقول : فناء الأجساد أو فناء الأخلاق – كما هو جار ٍفناء الأخلاق , حقا ً- في العالم الثالث – الآن َ..
- - ولن نتخلص من هاذه الأوضاع المزرية الدونية الفاسدة - إلا إذا قامت في بلادنا العربية / الإسلامية – الشورى , أو رديفتها الديمقراطية - والحريات , والعدل , والإنصاف والمساواة بين أبناء الدولة الواحدة – وبين كيانات هاذه الدول – المجتمعة في تكتل يحمي الحياة – والكرامة .. بحيث ُ لا يكون مسؤولٌ عصياً على أن يناقشه القادرون من الشعب , وأن يُبيّنوا ما عنده من صواب وما عنده من خطأ – أما الحاكم الفرد المستبدّ .. فلا يقبل.. بالنقاش ولا بالحوار .. بل لا يقبل بالانضواء مع غيره – تحت تكتل واحد – لكي تُصنع حضارة , لأن الانضواء هاذا .. يقلل من تفرّده وتسلطه ..- وليس هو- بمفرده - بقادر على أن يصنع حضارة ..
- - أجلْ – ليس بقادر على أن يصنع حضارة , ولو كانت دولته كدولة الإسلام المترامية الأطراف – زمن معاوية ابن أبي سفيان- الذي كان مستبدّا ً متفردا ً بالحكم – بل - وزمن كلّ من جاؤوا بعده في عهد الأمويين والعباسيين والأتراك ...!!- ولهاذ ا الاستبداد والفساد – سَرعان َ ما تآكلت هاذه الدولة وتحولت الى دُويلات , في زمن العباسيين – وسرعان َ ما غزاها وتغلب عليها – أقوام جاءت من الشرق – همجية متخلفة أعاجم – كالبويهيين , والسلجوقيين , والمغول – وتحول الخلفاء الى دُمى ً – بين أيدي الملوك الغُزاة , حتى قال شاعرهم : ( خليفة ٌ في قفص ٍ === بين وصيف ٍ وبغا )—( يقول ُ ما قالا لهُ=== كما تقول الببغا )- =[ ووصيف وبغا – هما قائدان تركيان . لأن الخليفة المعتصم – لفيالة رأيه – استبدل بالجند العربي – جندا ً من أخواله الأتراك , لأنه كان يخشى من الجند العربي أن يقوم عليه بانقلاب ]1=
- = ونتيجةُ هاذا كلّه – لم تصنع الحضارة االعربية لإسلامية إلا مجدا ً محدودا ً , وعلما ً مكرورا ً, وعظماء قلّة , لأن كلّ ذالك .. توقف اندفاعه مع نهاية القرن الهجري الرابع , لأن سقف الحرية زمن الاستبداد – كلّ استبداد - واطئ – فيكون سقف التفكير, والتدبر , والشكّ والنقد ... وااطئا ً مثله , فلا يكثر الأفذاذ.. فالحضارة العربية الإسلامية لم تكن ذات إنتاج مقبول إلا على مدى قرنين ونصف .. من بعد منتصف القرن الثاني, غندما قةيَت حركة تدوين الحديث والتاريخ – حتى نهاية القرن الرابع – حيث ُ أُغلق – باب الاجتهاد – وإغلاق باب الاجتهاد بعني حصر ميدان العقول فيما أنتجته هاذه الحقبة القصيرة السابثة من عُمر الإسلام العظيم الذي جنى عليه حكامُهُ المستبدون الفاسدون – عربا ً كانوا – أم أجانب – مع أن الإسلام , في جوهره , لو وجد حكاما ًمخلصين له – لبقيت حضارة – مبدعة ً ولودا ً – الى يوم القيامة !!
- = ولولا أن حكام العرب والمسلمين الحاليين – تضلعوا من إ رث هاذا الاستبداد القديم ... لما عادوا من دون قطع العلاقات الاقتصادية على الأقلّ مع أمريكا .. فبقوة استبدادهم – ظمنوا أن الشعوب المقهورة المُستبدّ َ بها – لا تستطيع أن ترفع رأسها , ولا أن تلوم هاؤلاء الحكام على موقفهم الضعيف , ولا أن تتظاهر ضدّهم – تنكر عليهم موقفهم هاذا الضعيف .. بل العكس ..إن الشعوب أو معظم فئاتها – رحّبت بهاؤلاء الحكام , واعتبرت موقفهم هاذا الضعيف.. بطولة !!
- - ولاكن ّ اللوم لا يقع – بالدرجة الأولى على الحكام – بل يقع بالدرجة الأولى على الشعوب التي لم تطا لب بحريتها ,وشوراها وديمقراطيتها .. لضمان مشاركتها في السياسات والمواقف والقرارات ..وإلا – فإن اكبر حاكم ديمقراطي في الغرب وأوروبة – لو أنه وجد شعبه يطيعه في كلّ ما يَعنّ بباله .. لما تردد في أن يكون حاكما ً مستبدا ً غشوما ً- لأن الأمر كما قال المتنبي : ( والظلم ُ من شِيَم ِ النفوس , فإن تجد ْ===== ذا عِفة ٍ , فلعلة ٍ لا يظلم ُ) – وإن القرآن الكريم – يقول عن فرعوْن : ( فاستخف ّ قومه ..فأطاعوه . إنهم كانوا قوما ً فاسقين ) = الزخرف – 54= فأنت ترى أن القرآن – الكريم .. جعل أكبر اللوم على قوم فرعون – الذي استخفهم .. فأطاعوه , ولم يتمردوا على استخفافه , فيطالبونه – بالحقّ والعدل والإنصاف , والمساواة ...
- - ولْنقارن ْ بيننا دولنا , وبين دُول العالم الأول .. فهم في عالم , ونحن في عالم آخر مختلف – ترامب الذي نفذ قراره عن القدس – رغم إرادة كل الشعوب العربية والإسلامية – فإن ّمستشار هُ السابق في البيت الأبيض [ الذي نحّاه ُ ترامب , قبل أشهر ]- دوّن كلّ نقاط الضعف في إذارة ترامب, في كتاب كبير – طُرح في السوق .. ولم يملك هاذا الرجل الغشوم – ترامب – أن يفعل له شيئا ً – سوى أن يغرد في موقعه الإخباري – بأن كذا .. غير صحيح , مما ذكره الكتاب , وكيت .. لم يكن ...إلخ . وأنه سيقيم عليه دعوى في المحكمة !! [ وإنل لأرى – أنه لن يقيم دعوى , لأن من حوله سينصحونه أن هاذا الكتاب سيتفاعل بين الناس شهرين أو ثلاثة .. ثم – يضعف أثره .. ولاكن – إذا أنت أقمت دعوى = هاكذا يقولون له = فستستمر الدعوى سنة ً أو أكثر في المحكمة , وعندئذ ٍ – فأن الصحف ستبعث التهم الموجهة لك , وتضعها , تحت الأنظار , كل ّ أسبوع .. فتتطاول معاناتك !!]
= وإني لمؤمن أن الدولة الكبيرة المترامية الأطراف – كما كانت الدولة العربية الإسلامية - في العهد الأموي , وفي المئة الأولى من العهد العباسي – بل كما كانت بالأمس القريب – إمبراطورية الاتحاد السوفيتي التي لم تعشْ إلا سبعين عاما ً!! - أجل – الدولة المترامية الأطراف .. ولاكن العادلة التي تقوم فيها الحريات كما تقوم المساجد , والكنائس – هي دولة لن تزول – ما دامت الحياة .. ولاكن ْ – للأسف المُمضّ- فإنه لم تقُم ْ دولة هاذا شأنُها – منذ ُ فجر التاريخ – بل منذ تـَجمـّعَ البشرُ في كتل بشرية – لأن الاستبداد والظلم – من شيَم النفوس – كما قال المتنبي – ولذا .. إذا لم تجد النفوس ُ رادعا ً.. وقد وُجد شيء ٌ من هاذا الرادع في الغرب – ولم يوجد كلّه – في العصر الحاضر .. فإن الاستبداد سيستمر ّ , ومعه الظلم والجور وفساد الأخلاق – ومعه – أيضا ًتراجع قوة الدول ثم انهيارها... ولا حولَ ولا قوة َإلا بالله العلي العظيم !! - - أخيرا ً .. إن الدول الإسلامية والعربية – لن تتحرر , ولن تنهض , ولن تشارك في الحضارة , ولن يكون لها كلمة بين الدول – إلا إذا حصلت على حريتها –بإقناع الحكام – بالعمل - بالشورى والذيمقراطية – والعدل – إقناعها بوسيلة من الوسائل التي لا بُدّ من أن تقود الى تجاوبهم مع شعوبهم , وإشراكهم في كلّ شيء في الحكم – إشراكهم .. عن طريق المجالس النيابية الحقيقية – وليس المجالس الصورية – كما هي ,الآن َ- وعن طريق الأحزاب الفاعلة – و تكوينات المجتمع المدني الواقف على التخوم – وليس المستلقي في غرف النوم – كما هي الحال الآن َ..!! - عندئذ ٍ – ستفرض الشعوب – قيام التكتلات القوية – التي – لا بُدّ – بعد ذاك – من أن تنهض شعوبها بحضارة – كانت ميّتة , وفرقة دامت مُضيّعة – وأخلاقية باتت متدنية ... وعندئذ ٍ - تعود القدس الى أهلها الفلسطينيين , والعرب والمسلمين .. بل – ستعود فلسطين كلّها , ويمسي اليهود طائفة أقلية في هاذا التكتل العربي الإسلامي الزاخر بكل ّ معاني القوة والبقاء ..ولاكن ّ ذالك – لا يعني أن يتوقف النضال ..حتى لا تموت القضية ,ويموت الحقّ المُبين - وما يرافقهما من آمال . والله تعالى هو المستعان.
- - ولن نتخلص من هاذه الأوضاع المزرية الدونية الفاسدة - إلا إذا قامت في بلادنا العربية / الإسلامية – الشورى , أو رديفتها الديمقراطية - والحريات , والعدل , والإنصاف والمساواة بين أبناء الدولة الواحدة – وبين كيانات هاذه الدول – المجتمعة في تكتل يحمي الحياة – والكرامة .. بحيث ُ لا يكون مسؤولٌ عصياً على أن يناقشه القادرون من الشعب , وأن يُبيّنوا ما عنده من صواب وما عنده من خطأ – أما الحاكم الفرد المستبدّ .. فلا يقبل.. بالنقاش ولا بالحوار .. بل لا يقبل بالانضواء مع غيره – تحت تكتل واحد – لكي تُصنع حضارة , لأن الانضواء هاذا .. يقلل من تفرّده وتسلطه ..- وليس هو- بمفرده - بقادر على أن يصنع حضارة ..
- - أجلْ – ليس بقادر على أن يصنع حضارة , ولو كانت دولته كدولة الإسلام المترامية الأطراف – زمن معاوية ابن أبي سفيان- الذي كان مستبدّا ً متفردا ً بالحكم – بل - وزمن كلّ من جاؤوا بعده في عهد الأمويين والعباسيين والأتراك ...!!- ولهاذ ا الاستبداد والفساد – سَرعان َ ما تآكلت هاذه الدولة وتحولت الى دُويلات , في زمن العباسيين – وسرعان َ ما غزاها وتغلب عليها – أقوام جاءت من الشرق – همجية متخلفة أعاجم – كالبويهيين , والسلجوقيين , والمغول – وتحول الخلفاء الى دُمى ً – بين أيدي الملوك الغُزاة , حتى قال شاعرهم : ( خليفة ٌ في قفص ٍ === بين وصيف ٍ وبغا )—( يقول ُ ما قالا لهُ=== كما تقول الببغا )- =[ ووصيف وبغا – هما قائدان تركيان . لأن الخليفة المعتصم – لفيالة رأيه – استبدل بالجند العربي – جندا ً من أخواله الأتراك , لأنه كان يخشى من الجند العربي أن يقوم عليه بانقلاب ]1=
- = ونتيجةُ هاذا كلّه – لم تصنع الحضارة االعربية لإسلامية إلا مجدا ً محدودا ً , وعلما ً مكرورا ً, وعظماء قلّة , لأن كلّ ذالك .. توقف اندفاعه مع نهاية القرن الهجري الرابع , لأن سقف الحرية زمن الاستبداد – كلّ استبداد - واطئ – فيكون سقف التفكير, والتدبر , والشكّ والنقد ... وااطئا ً مثله , فلا يكثر الأفذاذ.. فالحضارة العربية الإسلامية لم تكن ذات إنتاج مقبول إلا على مدى قرنين ونصف .. من بعد منتصف القرن الثاني, غندما قةيَت حركة تدوين الحديث والتاريخ – حتى نهاية القرن الرابع – حيث ُ أُغلق – باب الاجتهاد – وإغلاق باب الاجتهاد بعني حصر ميدان العقول فيما أنتجته هاذه الحقبة القصيرة السابثة من عُمر الإسلام العظيم الذي جنى عليه حكامُهُ المستبدون الفاسدون – عربا ً كانوا – أم أجانب – مع أن الإسلام , في جوهره , لو وجد حكاما ًمخلصين له – لبقيت حضارة – مبدعة ً ولودا ً – الى يوم القيامة !!
- = ولولا أن حكام العرب والمسلمين الحاليين – تضلعوا من إ رث هاذا الاستبداد القديم ... لما عادوا من دون قطع العلاقات الاقتصادية على الأقلّ مع أمريكا .. فبقوة استبدادهم – ظمنوا أن الشعوب المقهورة المُستبدّ َ بها – لا تستطيع أن ترفع رأسها , ولا أن تلوم هاؤلاء الحكام على موقفهم الضعيف , ولا أن تتظاهر ضدّهم – تنكر عليهم موقفهم هاذا الضعيف .. بل العكس ..إن الشعوب أو معظم فئاتها – رحّبت بهاؤلاء الحكام , واعتبرت موقفهم هاذا الضعيف.. بطولة !!
- - ولاكن ّ اللوم لا يقع – بالدرجة الأولى على الحكام – بل يقع بالدرجة الأولى على الشعوب التي لم تطا لب بحريتها ,وشوراها وديمقراطيتها .. لضمان مشاركتها في السياسات والمواقف والقرارات ..وإلا – فإن اكبر حاكم ديمقراطي في الغرب وأوروبة – لو أنه وجد شعبه يطيعه في كلّ ما يَعنّ بباله .. لما تردد في أن يكون حاكما ً مستبدا ً غشوما ً- لأن الأمر كما قال المتنبي : ( والظلم ُ من شِيَم ِ النفوس , فإن تجد ْ===== ذا عِفة ٍ , فلعلة ٍ لا يظلم ُ) – وإن القرآن الكريم – يقول عن فرعوْن : ( فاستخف ّ قومه ..فأطاعوه . إنهم كانوا قوما ً فاسقين ) = الزخرف – 54= فأنت ترى أن القرآن – الكريم .. جعل أكبر اللوم على قوم فرعون – الذي استخفهم .. فأطاعوه , ولم يتمردوا على استخفافه , فيطالبونه – بالحقّ والعدل والإنصاف , والمساواة ...
- - ولْنقارن ْ بيننا دولنا , وبين دُول العالم الأول .. فهم في عالم , ونحن في عالم آخر مختلف – ترامب الذي نفذ قراره عن القدس – رغم إرادة كل الشعوب العربية والإسلامية – فإن ّمستشار هُ السابق في البيت الأبيض [ الذي نحّاه ُ ترامب , قبل أشهر ]- دوّن كلّ نقاط الضعف في إذارة ترامب, في كتاب كبير – طُرح في السوق .. ولم يملك هاذا الرجل الغشوم – ترامب – أن يفعل له شيئا ً – سوى أن يغرد في موقعه الإخباري – بأن كذا .. غير صحيح , مما ذكره الكتاب , وكيت .. لم يكن ...إلخ . وأنه سيقيم عليه دعوى في المحكمة !! [ وإنل لأرى – أنه لن يقيم دعوى , لأن من حوله سينصحونه أن هاذا الكتاب سيتفاعل بين الناس شهرين أو ثلاثة .. ثم – يضعف أثره .. ولاكن – إذا أنت أقمت دعوى = هاكذا يقولون له = فستستمر الدعوى سنة ً أو أكثر في المحكمة , وعندئذ ٍ – فأن الصحف ستبعث التهم الموجهة لك , وتضعها , تحت الأنظار , كل ّ أسبوع .. فتتطاول معاناتك !!]
= وإني لمؤمن أن الدولة الكبيرة المترامية الأطراف – كما كانت الدولة العربية الإسلامية - في العهد الأموي , وفي المئة الأولى من العهد العباسي – بل كما كانت بالأمس القريب – إمبراطورية الاتحاد السوفيتي التي لم تعشْ إلا سبعين عاما ً!! - أجل – الدولة المترامية الأطراف .. ولاكن العادلة التي تقوم فيها الحريات كما تقوم المساجد , والكنائس – هي دولة لن تزول – ما دامت الحياة .. ولاكن ْ – للأسف المُمضّ- فإنه لم تقُم ْ دولة هاذا شأنُها – منذ ُ فجر التاريخ – بل منذ تـَجمـّعَ البشرُ في كتل بشرية – لأن الاستبداد والظلم – من شيَم النفوس – كما قال المتنبي – ولذا .. إذا لم تجد النفوس ُ رادعا ً.. وقد وُجد شيء ٌ من هاذا الرادع في الغرب – ولم يوجد كلّه – في العصر الحاضر .. فإن الاستبداد سيستمر ّ , ومعه الظلم والجور وفساد الأخلاق – ومعه – أيضا ًتراجع قوة الدول ثم انهيارها... ولا حولَ ولا قوة َإلا بالله العلي العظيم !! - - أخيرا ً .. إن الدول الإسلامية والعربية – لن تتحرر , ولن تنهض , ولن تشارك في الحضارة , ولن يكون لها كلمة بين الدول – إلا إذا حصلت على حريتها –بإقناع الحكام – بالعمل - بالشورى والذيمقراطية – والعدل – إقناعها بوسيلة من الوسائل التي لا بُدّ من أن تقود الى تجاوبهم مع شعوبهم , وإشراكهم في كلّ شيء في الحكم – إشراكهم .. عن طريق المجالس النيابية الحقيقية – وليس المجالس الصورية – كما هي ,الآن َ- وعن طريق الأحزاب الفاعلة – و تكوينات المجتمع المدني الواقف على التخوم – وليس المستلقي في غرف النوم – كما هي الحال الآن َ..!! - عندئذ ٍ – ستفرض الشعوب – قيام التكتلات القوية – التي – لا بُدّ – بعد ذاك – من أن تنهض شعوبها بحضارة – كانت ميّتة , وفرقة دامت مُضيّعة – وأخلاقية باتت متدنية ... وعندئذ ٍ - تعود القدس الى أهلها الفلسطينيين , والعرب والمسلمين .. بل – ستعود فلسطين كلّها , ويمسي اليهود طائفة أقلية في هاذا التكتل العربي الإسلامي الزاخر بكل ّ معاني القوة والبقاء ..ولاكن ّ ذالك – لا يعني أن يتوقف النضال ..حتى لا تموت القضية ,ويموت الحقّ المُبين - وما يرافقهما من آمال . والله تعالى هو المستعان.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/15 الساعة 18:06