تنويع الخيارات واضاعة البارات!
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/15 الساعة 00:20
اميركا هي الدولة الأعظم في العالم والاقوى على مر العصور. لها مصالح هائلة تقاتل من اجل حمايتها وضمان استمرارها. المحرك الأكبر الذي يدير اميركا هو المجمع الصناعي العسكري، الذي تقدر بالترليونات الأموال التي يوظفها في الصناعة العسكرية، والبحث العلمي ومبيعات السلاح.
تقدم لنا اميركا مساعدات سنوية متصاعدة، تزيد على 1300 مليون دولار، لأنها تستفيد منا فائدة تعادل فائدتنا منها، ويزيد.
ارتفعت مؤخرا عقائر السياسيين الأردنيين المنادين بتنويع خياراتنا، وكأن المطلوب هو التحول مما هو في الجيب الى ما هو في الغيب. وكأنهم دون قصد يدعوننا الى الاقدام على مغامرة ومقامرة مضمونة النتائج المدمرة.
المعادلة المطلوب اعتمادها هي الانتقال ممن يدفع بانتظام وفي المواعيد المقررة، الى «البحث» عمن «يمكن» ان يدفع. وكأن الممول المهدي الجديد، سيدفع لنا كل ما تدفعه اميركا، محبة بنا ونكاية باميركا.
الخيارات الملقاة علينا هي التوجه الى ايران أو تركيا أو روسيا . وهي كلها مجتمعة، لا يمكن ان تحل محل مساعدات الولايات المتحدة الأمريكية.
علما ان ايران تحتاج الى مساعدات ضخمة بعد التزاماتها الإمبراطورية تجاه جماعاتها في اليمن وسوريا والعراق وحزب الله والجهاد الإسلامي وحماس. وتلبية متطلبات واحتياجات الجماهير الإيرانية الغاضبة على تبديد الثروة الإيرانية على أطماع امبراطورية لن يتحقق منها شيء.
مهم وضروري ومن صلب مصالحنا الوطنية، اعادة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية مع قطر وايران الى مستواها التقليدي دون ان يبدو سلوكنا هذا حردا على السعودية الصديق العريق او نكاية بالامارات الصديق عند الضيق.
المعادلة الصحيحة هي اننا جزء من امن المنطقة ونحن ندفع الملايين مقابل تحقيق هذا الامن وصيانته.
الى اين سنعطي الايعاز: الى اليمين در؟ ام الى الخلف؟ او الى اليسار؟
وإن تجربتنا المرة في التحول من المساعدات البريطانية في منتصف الخمسينات الى المساعدات المصرية والعراقية السورية هي تجربة مخزية ومؤلمة. فقد «باقوا» بنا ومشكلتنا لاحقا مع المساعدات الشحيحة الزهيدة المقررة في القمة العربية عام 1967 ان دولا تدفع ودولا لا تدفع. ودولة تدفع سنة ولا تدفع بعد ذلك.
و"اللي بجرّب المجرب عقله مخرّب».
وحين ندقق فإن مشكلتنا مع الاحتلال الاسرائيلي وليست مع الاحتلال الاميركي. وهدفنا ليس الاطاحة بترامب، بل بالمخطط الصهيوني، وجعل اي قرار يمس القدس متعذرا لا يمكن تنفيذه وهو ما تم حتى الان بأقصى درجات النجاح.
ولنا تجربة مرة جدا حين اخذنا موقفا قوميا نزيها محايدا في ازمة غزو الكويت واحتلالها فتمسكنا بالحل العربي – العربي، فاوشك التهديد ان يطال الكيان والنظام معا.
وفي كل الأحوال كيف سنقف وحدنا في وجه اسرائيل واميركا ونحن لسنا على ثقة من قدرة اشقائنا الفلسطينيين على الصمود؟ ولا على صلابة الموقف العربي. ولنا ان نسأل من معنا في مواجهة المخطط الصهيو-اميركي؟ من يدعمنا؟
ونسأل هل مِن شقيق لا يتعامل معنا بتقية وباطنية؟!
لا بديل عن 1300 مليون دولار من اميركا. والحديث عن تنويع الخيارات هو طق حنك لا غير.
سيزورنا نائب الرئيس الأمريكي بنس الاحد القادم فلتكن مناسبة لاعادة تأكيد ان القدس بالنسبة لنا كالماء والهواء. وان صداقتنا مع بلاده هي صداقة مصالح متبادلة استراتيجية لا تقبل المغامرة ولا المقامرة.
ولنتذكر ان العالم ضحك على ذقوننا وخدعنا ولم يدفع لنا ما تكبدناه من انفاق على اللاجئين السوريين. فعن اية تنويعات يتحدث المتحدثون؟.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/15 الساعة 00:20