على شاطئ الميت ننتظر الأعجوبة
ما يفصلنا عن نهاية آّذار، موعد انعقاد القمة العربية في بلدنا وقت مستقرض – كما يقول الفلاحون – نستطيع فيه ان نجعل منه قمة عربية ناجحة في وسط هذا الاخفاق المريع.
فمندوب الأمين العام للأمم المتحدة زارنا مرتين آخرها هذا الأسبوع، وهذه الزيارة ليست بعيدة عن مقترحات اقليمية ودولية لفض الاشتباك اليمني الموجع: فعشرة آلاف قتيل وعشرات آلاف الجرحى والمعوقين، والمجاعة التي تفتك بالملايين، والكواليرا، وتدمير البنية التحتية.. المدارس والمستشفيات والموانئ، ضربات موجعة لبلد هو في الأساس فقير، ومتخلف، وصاحب كبرياء.
الأردن لم يكن بعيداً عن إخوانه في اليمن، وله تجربة مدهشة لا يعرفها الذين يجلدون بلدهم كل يوم، وله في تاريخ اليمن الحديث مكرمة ولا كل المكرمات حين استطاع بدعوة «أهل الحل والعقد» في اليمن الى عمان، ووضعهم أمام بعضهم البعض لتصفية خلافاتهم، والحفاظ على الوحدة، ولملمة الصفوف حول حكومة وطنية تضم الشماليين والجنوبيين.. ونجح.
لماذا لا تعود عمان مكانا لاجتماع اهل الحل والعقد في اليمن، قبل القمة فيفرح العرب بعودة اليمن الى السلام والوفاق، والى دورها القديم كحاضنة، ومهد للعرب وتاريخهم؟!
الدبلوماسية الأردنية قادرة على الكتمان، وللناس في هذه الزفة تسليتهم عن قضايا الأمة، ودور بلدهم الكبير فيها؟!.
بعد اليمن، نسعد بجهد أمين عام الجامعة العربية الجديد ابو الغيط، في وضع توصيات رجال الأعمال العرب على اجندة الملوك والرؤساء، فالمخرج من هذا البلاء هو العودة الى البناء بعد التهديم، والعمل بعد بطالة الحروب العبثية، ووضع الأوطان في مواقعها المقدسة قبل كل شيء: فالدين، والعدالة، والحرية لا علاقة بها بهذا الذي يجري في الوطن.
لا نريد ان نكبّر الحجر، فنقول العراق وسوريا وليبيا، مع ان الشهرين القادمين هما وقت كافٍ لوقف الحرب العبثية في سوريا، ولانتصار العراق وجيشه على داعش وبقايا التراث المذهبي الذي يجعل من العراق الموحد كيانات متصارعة: سُنّة وشيعة وكرداً وتركمان وأولياء من دون بلدهم لايران وتركيا وروسيا وأميركا.
والأردن مؤهل ليلعب دوراً في العراق دون أحلام التوسع والنهب والسطو، فهناك اجماع من كل الطوائف والنِحَل على أنّ لعمان دفئها، ولها قدرتها على فتح آفاق الغد والوحدة أمام الجميع، فعمان لهم جميعاً.
والأردن لها حضورها لدى السوريين رغم غطرسة الأحزاب، والزعامات والقادة الذين فشلوا جميعاً في الحفاظ على بلد جميل، غني، قوي، وطردوا شعبهم من مدنهم وقراهم ومدارسهم ومصانعهم، وجعلوا منه لاجئين، وطعاماً لأسماك البحر المتوسط.
والأردن له حضوره في الشقيقة ليبيا، فقد قدّمنا لكل حكوماتها فرص إنشاء وتدريب جيش وطني، فاختار الجميع الميليشيات المأجورة للمال العربي مع الأسف وللعبة الاستخبارات الأميركية والاوروبية، وحين وصل الحال الى اختطاف سفيرنا في طرابلس.. طوينا الصفحة، رغم زيارات الفريق حفتر وسياسيين كثيرين، فنحن لا نحب رؤية إصبع اردني جريحة.
على شاطئ البحر الميت.. ننتظر الأعجوبة.
الرأي