موسم عودة الاحتجاجات وتصفية الثورات
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/11 الساعة 01:04
في السودان احتجاجات على رفع الأسعار، وحزب الأمة المعارض يحذر الحكومة من قمع المتظاهرين بتكرار الحكومة لمشهد شهر سبتمبر/ أيلول من العام 2013، والأمن مستمر في إغلاق الصحف ومنع الصدور لبعضها، والجدل في ازدياد، في دولة يعاني اقتصادها الكثير بعد سنوات مديدة من الحصار الأمريكي، وأخطاء الحكم. وظلّت وزارة الداخلية تشدد على قمع المتظاهرين من طلاب جامعة الخرطوم وولايتي الجزيرة وسدار وغيرها من المناطق، إذا لم يأخذوا إذنا بالتظاهر من الجهات المعنية.
في تونس شيء مماثل، غلاء ومطالبات بعلاوة معيشة، اجتياح لمتجر كارفور في إحدى المناطق، والشرطة تقمع، والاحتجاج يتسع، وأحزاب المعارضة تتعهد بتوسيع رقعة الاحتجاج، تهديدياً لحكومة يوسف الشاهد، الذي تعهد باستعادة الهدوء، في تونس؛ هناك جهات مسيسة تتعهد توجيه الحراك، وهناك أحزاب معارضة تتبنى ذلك. والنداءات تركز على الجوع والفقر في الأرياف .
في إيران، الدولة العميقة، قلنا سابقاً: سيقمع المحتجون، وفعلت الدولة ذلك بامتياز، بالزج بالآلاف بالسجون، وفي المقابل، تعهدّ رئيس الدولة حسن روحاني بحق التعبير عن الرأي، لكن المؤسسات الأمنية تكفّلت بذلك الحق برمي الناس بالسجون، وخرجت الحكومة بوعد للجماهير بتوفير ما يزيد على مليون فرصة عمل للعام الجاري والقادم، وكأن فرص العمل تأتي بكبسة زر، أما أنصار إيران من مثقفين ومحلليين، فيصرون على أن ما يحدث غيمة عابرة، في دولة الولي الفقيه، ولدى إيران خبرة في مواجهة الربيع والثووريين والمعارضين منذ زمن لا يبدأ بالعام 2009 ولا ينتهي في سوريا الراهنة. وحالة إيران هي أشبه بلعبة داخلية بين أجنحة الحكم وتصفية حساباتها لبعض، في زمن الضغط الغربي المتجدد عليها، وفي وقت الجنون الأمريكي بامتياز.
إنه موسم الاحتجاج العالمي، فهذا الشهر هو شهر الميزانيات في الدول، وفيه تُقر القرارات المالية، ولكن فيه أيضاً مشهدا متكررا هو الاتكاء على جيب المواطن، وحالات الاحتجاج المشار إليها، في السودان وتونس وإيران، مجرد نماذج، لنتائج السياسات الخاطئة، والوعود التي جاء بها الربيع العربي.
تونس النموذج لم تعد كذلك، يقول صديق تونسي حين سألته عمّا يحدث:»اتمنى أن تتسع لتحدث ثورة على الثورة، فالناس في القرى والأرياف لم ينالهم إلا الجوع والمزيد من الفقر والبطالة»، ويضيف هذا الصديق»..تخرّجَ على يديّ عشرات طلاب الدكتوراه، وما زالوا بعد أن تجاوزوا سن الأربعين لم ينالوا وظيفة، ماذا تتوقع منهم؟ وقد فاز بمكتسبات الثورة من لا علاقة لهم بها».
المشهد يتكرر، الثورات والاحتجاجات تفوز بنتائجها النخب، والفقير يزداد فقراً، وتصفية الثورات تتم عادة بتواطئ من النخب مع المؤسسات العميقة، وبمزيد من الوعود التي لم ينجز منها شيء للفقراء والريفيين وهوامش وعشوائيات المدن.
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/11 الساعة 01:04